أعلنت الحكومة البرازيلية رسمياً عن تقديم طلب للمشاورات مع الولايات المتحدة في إطار نظام تسوية النزاعات التابع لمنظمة التجارة العالمية، وذلك احتجاجاً على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بنسبة 50% على الصادرات البرازيلية. وتأتي هذه الخطوة رغم التحديات التي تواجه آلية التحكيم في المنظمة والتي تعاني من شلل منذ عام 2019.
أكدت وزارة الخارجية البرازيلية في بيان رسمي أن الطلب سُلّم إلى البعثة الأمريكية لدى منظمة التجارة العالمية، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يمثل أول خطوة رسمية في عملية تسوية النزاعات التجارية. وجاء في البيان أن "البرازيل قدمت طلباً لإجراء مشاورات مع الولايات المتحدة الأمريكية بموجب نظام تسوية النزاعات التابع لمنظمة التجارة العالمية"، معتبرة أن الإجراءات الأمريكية تنتهك الالتزامات الأساسية لواشنطن تجاه المنظمة.
تستهدف الرسوم الجمركية الجديدة حوالي 36% من الصادرات البرازيلية إلى الولايات المتحدة، بما يعادل تجارة بلغت قيمتها نحو 14.5 مليار دولار خلال العام الماضي. وتشمل السلع المتأثرة صادرات رئيسية مثل القهوة ولحوم البقر والسكر، بينما استُثنيت حوالي 700 سلعة تصديرية أخرى من هذه الرسوم، بما في ذلك الطائرات المدنية وعصير البرتقال وبعض منتجات الحديد والصلب والألومنيوم.

ربطت إدارة ترامب فرض هذه الرسوم بما وصفته "حملة شعواء" ضد الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، الذي يواجه حالياً محاكمة بتهمة التخطيط لانقلاب مزعوم عقب خسارته في انتخابات 2022 أمام الرئيس الحالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. وانتقدت واشنطن في الأمر التنفيذي الذي أصدرته الأسبوع الماضي ما أسمته "تهماً جنائية غير مبررة" ضد بولسونارو، متهمة سياسات حكومة لولا بتهديد الاقتصاد الأمريكي والأمن القومي والسياسة الخارجية.
واجهت البرازيل تحدياً كبيراً في قرارها اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية، حيث تعاني هيئة الاستئناف التابعة للمنظمة من شلل في الفصل في الطعون منذ ديسمبر 2019. ويعود هذا الشلل إلى العرقلة المنهجية التي مارستها الولايات المتحدة في تعيين قضاة جدد لهيئة الاستئناف، مما جعل آلية تسوية النزاعات غير فعالة في كثير من الحالات.
أعلن نائب الرئيس البرازيلي جيرالدو ألكمين أن "البلاد مستعدة للدفاع عن مصالحها التجارية من خلال منظمة التجارة العالمية"، مشيراً إلى أن الرئيس لولا سيحدد الآن الخطوات التالية للمشاورات، والتي قد تؤدي إلى تقديم شكوى رسمية وتشكيل لجنة خبراء. كما أكد وزير المالية فرناندو حداد أنه سيعقد اجتماعاً مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في 13 أغسطس لمناقشة هذه الرسوم الجمركية.
تندرج هذه الخطوة ضمن موجة أوسع من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول، حيث يقدر محللون في بانثيون ماكرو إيكونوميكس أن هذه الزيادات ستؤدي إلى رفع متوسط معدل الرسوم الجمركية الفعلي على الواردات الأمريكية إلى ما يقرب من 20%، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثينيات القرن العشرين على الأقل. وتهدف البرازيل من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز دورها في التجارة العالمية وتوجيه رسالة سياسية واضحة إلى الحكومة الأمريكية بشأن رفضها لتسييس العلاقات التجارية.