تمتد الأحلام الكبرى عبر صحراء المملكة العربية السعودية في مشروع "قناة طه" المائية العملاقة، التي تمثل رؤية طموحة لشق طريق مائي يربط بين الخليج العربي والبحر الأحمر.
يطرح المشروع الذي اقترحه المهندس اللبناني عامر القادري إمكانية إنشاء ممر مائي استراتيجي بطول 1300 كيلومتر، يعد بتحقيق مردود اقتصادي سنوي يقارب 84 مليار دولار للمملكة من السفن العابرة، ويشكل بديلاً استراتيجياً لمضيق هرمز الذي يعتبر شرياناً رئيسياً للتجارة العالمية.
مشروع قناة طه: رؤية استراتيجية:
تتجسد أهمية "قناة طه" في تقديمها لمسار بديل يختصر الطريق أمام الملاحة البحرية العالمية ويخفف الاعتماد على مضيق هرمز الاستراتيجي.
وفق الرؤية المقترحة، فإن القناة ستمتد بطول يقارب 1300 كيلومتر عبر التضاريس السعودية المتنوعة، رابطةً بين الخليج العربي شرقاً والبحر الأحمر غرباً.
وقد أشارت التقديرات الأولية إلى قدرة المشروع على تحقيق إيرادات ضخمة للمملكة العربية السعودية، مع توقعات بتدفق نحو 84 مليار دولار سنوياً من رسوم عبور السفن التجارية.
يكتسب المشروع أهميته الاستراتيجية من خلال تعزيزه لأمن الطاقة العالمي وتوفير بدائل للنقل البحري في المنطقة.
وتشير الدراسات الأولية إلى أن القناة ستسمح بمرور ناقلات النفط والسفن التجارية الكبرى، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي يربط بين قارات العالم. كما يتوقع أن يخلق المشروع فرص عمل واسعة ويدعم قطاعات اقتصادية متنوعة تماشياً مع رؤية المملكة 2030.
تحديات ومعوقات وعقبات أمام التنفيذ:
رغم الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية المحتملة، تواجه "قناة طه" تحديات هندسية وطبوغرافية ضخمة تقف عائقاً أمام تحويلها من فكرة إلى واقع ملموس.
وتبرز الصعوبة الأكبر في اختلاف المناسيب بين البحر الأحمر والخليج العربي، مما يستدعي حلولاً هندسية معقدة ومكلفة. ويشير الخبراء إلى أن وجود سلاسل جبلية تتخلل المسار المقترح للقناة يزيد من تعقيدات المشروع وتكلفته التي قد تتجاوز التقديرات الأولية.
كما تطرح الجوانب البيئية تحديات إضافية أمام المشروع، حيث يتعين دراسة التأثيرات المحتملة لاختراق قناة مائية للنظام البيئي الصحراوي، وما قد ينتج عن ذلك من تغيرات في التوازن البيئي للمنطقة.
وتضاف إلى ذلك التكلفة الضخمة المتوقعة للمشروع، والتي تتطلب استثمارات هائلة وخطط تمويل طويلة الأمد، مما يزيد من المخاطر الاقتصادية المحتملة ويستدعي دراسات جدوى تفصيلية.
الحالة الراهنة والدراسات المستقبلية:
حتى الآن، يبدو أن مشروع "قناة طه" لا يزال في مرحلة الدراسات الأولية والمقترحات النظرية، دون وجود مؤشرات واضحة على انتقاله إلى مراحل التخطيط التفصيلي أو التنفيذ.
وتشير المصادر المطلعة إلى أن المشروع يتطلب المزيد من الدراسات الفنية والبيئية والاقتصادية المعمقة لتقييم جدواه الحقيقية.
وفي ظل التطلعات الاقتصادية الطموحة للمملكة، تبقى فكرة القناة إحدى الرؤى الاستراتيجية التي قد تجد طريقها للدراسة ضمن الخطط المستقبلية للتنمية الاقتصادية والبنية التحتية، خاصة مع توجه المملكة نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز موقعها كمركز لوجستي عالمي.
يظل مشروع "قناة طه" أحد الأفكار الاستراتيجية الواعدة التي تعكس طموحات المنطقة نحو ترسيخ مكانتها على خريطة التجارة العالمية.
ورغم التحديات الهائلة التي تواجه تحويل هذه الرؤية إلى واقع، فإن الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية المحتملة تجعل من استمرار البحث والدراسة في هذا المجال أمراً ذا قيمة مستقبلية.
وبينما تمضي المملكة في طريق التحول الاقتصادي، قد تجد مثل هذه المشاريع العملاقة مكانها ضمن المشهد التنموي الجديد، شريطة التغلب على العقبات التقنية والمالية التي تقف في طريقها.