إمبراطور اليابان ورئيس وزرائها ونحو نصف سكان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، يجمعهم شيء واحد مشترك هو: أنهم جميعاً يركبون سيارات من إنتاج "تويوتا".
الكيان الصناعي الأكبر في عالم صناعة السيارات، والإمبرطورية المترامية الأطراف التي تشمل شركات تابعة وأذرعا تجارية تعمل في كل شيء تقريباً، بداية من السيارات ومروراً بالقطاع المالي ووصولاً إلى العقارات، وهو ما أكسبها نوعاً من النفوذ لا يمتلكه غيرها على المستويات العليا في دائرة صناعة القرار السياسي في بلادها: هذا هو التعريف المختصر لشركة "تويوتا".
تعتبر "تويوتا" أكبر شركة يابانية من حيث القيمة السوقية (أكثر من 160 مليار دولار)، وثاني أكبر مشغل للعمالة في البلاد، وتنتشر إعلاناتها على صفحات جميع المجلات والصحف الكبرى تقريباً. وربما لا يوجد دليل على مدى ضخامة وانتشار هذه الشركة أكثر من أنه في بعض الأحيان تسمى اليابان بـ"تويوتا لاند" أو أرض تويوتا.
من النسيج إلى السيارات
- بدأت "تويوتا للسيارات" كقسم تابع لشركة "أعمال تويودا للنسيج الآلي" في عام 1933. وكان هذا القسم تحت رئاسة ابن مؤسس الشركة "كيشيرو تويودا" الذي سافر في عام 1929 إلى الولايات المتحدة وإلى أوروبا لدراسة صناعة السيارات. وفي عام 1937 تم تغيير اسم الشركة ليصبح "تويوتا موتور كو".
- تم إطلاق أول سيارة من إنتاج "تويوتا" في عام 1935، وأنشأت الشركة أول مراكزها البحثية في عام 1939، وفي العام التالي تم تأسيس مركز علوم تويوتا.
- خلال الحرب العالمية الثانية، ركزت عمليات الشركة على إمداد الجيش الياباني بالشاحنات، والتي كان يتم تصنيعها بطريقة بسيطة نظراً لارتفاع الطلب العسكري على السيارات وضعف الإمكانيات، فعلى سبيل المثال كان يتم تصنيع الشاحنات بكشاف أمامي واحد في منتصف غطاء المحرك وبكوابح خلفية فقط.
- في عام 1947، أي بعد عامين من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تمكنت "تويوتا" من إنتاج نموذج أولي لسيارة صغيرة، لتضع أقدامها في جزء كانت صناعة السيارات الأمريكية تتجاهله حتى ذلك الوقت.
- في عام 1949، أطلقت الشركة في السوق الياباني سيارة ركاب من طراز SA التي كانت بداية لسلسلة سيارات عُرفت بالفئة "إس" بلغت السرعة القصوى لهذه السيارة 54 ميلاً في الساعة.
- كانت حالة الاقتصاد الياباني سيئة، ولكن رغم ارتفاع التكاليف والتضخم، مضت "تويوتا" قدماً في إنتاج أكبر عدد ممكن من السيارات، حيث أنتجت سيارات بقيمة 3.5 مليون دولار، ولكنها لم تتمكن من بيع ما قيمته 2.5 مليون دولار.
- كانت "تويوتا" تواجه خسائر ضخمة، وهو ما دفع إدارة الشركة إلى التفكير في حلها. ولكن بعد العديد من النقاشات، قررت "تويوتا" خفض حجم قوتها العاملة بواقع ألفي شخص من إجمالي 8 آلاف كانوا يعملون لديها في ذلك الوقت.
- في عام 1951، قدمت "تويوتا" سيارة الدفع الرباعي الشهيرة "لاند كروزر"، وفي ذلك الوقت كانت الشركة تنتج ما يقرب من 500 سيارة شهرياً. ركزت "تويوتا" على نوعية المركبات، وحاولت بقدر الإمكان إبقاء تكاليف الإنتاج منخفضة. ومع مرور الوقت أصبحت "تويوتا" علامة تجارية معروفة، ليزيد إنتاجها بشكل حاد عاماً تلو الآخر.
الثمانينيات.. إثبات الذات على الساحة العالمية
- في الثمانينيات بدأت "تويوتا" تلفت انتباه العالم، وذلك عندما أصبح واضحاً أن هناك شيئاً خاصاً يميز الجود والكفاءة اليابانية، حيث كانت السيارات اليابانية تتمتع بعمر افتراضي أطول مقارنة مع نظيرتها الأمريكية، وتتطلب صيانة بوتيرة أقل.
- في عام 1980، أصبحت "تويوتا" ثاني أكبر منتج للسيارات في العالم خلف "جنرال موتورز" الأمريكية، وهو الموقع الذي حافظت عليه لما يقرب من 30 عاماً. في عام 1984 تعاونت "تويوتا" مع "جنرال موتورز" في مشروع مشترك يسمى "نيو يونايتد موتور" والذي مكن "تويوتا" من بدء الإنتاج في السوق الأمريكي.
- بحلول عام 1991، تمكنت "تويوتا" من بيع أكثر من مليون سيارة وشاحنة في السوق الأمريكي، والسيطرة على 40% من صناعة السيارات اليابانية. بعد ذلك، سرعان ما اتجهت "تويوتا" إلى ترسيخ أقدامها في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.
- بدأت "تويوتا" كعلامة تجارية متخصصة في السيارات الاقتصادية منخفضة التكلفة، ولكنها سرعان ما وجهت أنظارها نحو سوق السيارات الفاخرة، لتقوم في عام 1989 بتأسيس فرع جديد متخصص في إنتاج السيارات الفاخرة سمته "لكزس".
- جاء استقبال المستهلكين في جميع أنحاء العالم لـ"لكزس" أفضل من توقعات الشركة، وبدأت مبيعاتها من هذه العلامة التجارية تتجاوز شركات لها أقدام راسخة في صناعة السيارات الفاخرة مثل "بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" "جاكوار" وغيرها. وفي عام 1990 حققت "تويوتا" مبيعات قياسية بلغت 4 مليارات دولار.
- كان مركز أبحاث "تويوتا" بمثابة العمود الفقري لابتكارات الشركة. وخلال هذه الفترة، بدأت "تويوتا" في التوسع وافتتاح مرافق إنتاجية في معظم الدول الكبرى، مثل روسيا وتركيا وفرنسا وكندا وتايلاند وبلدان أخرى.
- في أكتوبر/تشرين الأول عام 1997، أطلقت "تويوتا" أول سيارة هجينة تعمل بمحركين أحدهما يدار بالبنزين والآخر بالكهرباء، وكانت قادرة على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار النصف. وسرعان ما تجاوز الطلب على هذه السيارة القدرة الإنتاجية لـ"تويوتا".
علو كعبها على منافسيها
- في عام 2000، تمكنت "تويوتا" لأول مرة من إنتاج 5 ملايين وحدة في جميع أنحاء العالم. وكانت سيارتها "تويوتا كورولا" التي أطلقتها في عام 1966 هي أكثر السيارات مبيعاً في العالم.
- اعتباراً من عام 2013، بيعت أكثر من 40 مليون سيارة من طراز "تويوتا كورولا" في جميع أنحاء العالم.
حين انخفضت أسهم أكبر ثلاث شركات في صناعة السيارات العالمية في عام 2003، ارتفعت في المقابل أسهم "تويوتا" بنسبة 24%، وبلغت القيمة السوقية للشركة في ذلك العام 105 مليارات دولار، متجاوزة القيمة السوقية لشركات كل من "جنرال موتورز" و"فورد" و"كرايسلر" مجتمعة.
- امتلكت "تويوتا" أسرع عملية تطوير للمنتجات في العالم، ففي الوقت الذي كان يحتاج فيه منافسوها لعامين أو ثلاثة أعوام لتصميم سيارة أو شاحنة جديدة، لم يزد طول هذه العملية لدى الشركة اليابانية عن 12 شهراً.
- في عام 2008، وللمرة الأولى منذ 77 عاماً، استحوذت "تويوتا" على لقب أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم من "جنرال موتورز"، حيث تمكنت في ذلك العام من بيع 8.972 مليون سيارة وشاحنة في جميع أنحاء العالم، متجاوزة منافستها الأمريكية التي بلغت مبيعاتها 8.356 مليون مركبة وشاحنة.
- بمساعدة أكثر من 364 ألف عامل لديها في 28 دولة، احتلت "تويوتا" في عام 2016 المرتبة الخامسة في قائمة أكبر الشركات في العالم من حيث الإيرادات مع عائدات قدرها 254.694 مليار دولار.
- أخيراً، قطع اليابانيون مع ما يعتبرونها مصدر فخرهم "تويوتا" شوطاً كبيراً قبل أن تصبح أكثر شركات صناعة السيارات احتراماً في العالم.