في إنجاز تاريخي يعيد تشكيل خريطة الاقتصاد السعودي، حققت المملكة رقماً قياسياً جديداً بإيرادات غير نفطية بلغت 501 مليار ريال - أعلى مستوى في التاريخ يعادل ميزانية دولة متوسطة كاملة. هذا الرقم المذهل يمثل قفزة هائلة من مجرد 7% في عام 2011 إلى 46% من إجمالي الإيرادات اليوم، في تحولٍ اقتصادي لم تشهد المنطقة مثيله من قبل. مع دخول رؤية السعودية 2030 مرحلتها الثالثة الحاسمة، يقف العالم مندهشاً أمام هذه الطفرة التي تعيد كتابة قوانين الاقتصاد.
محمد العتيبي، 28 عاماً، لا يكاد يصدق ما حدث: "بفضل برامج الإسكان الجديدة حصلت على قرض سكني واشتريت منزلي الأول. ما كنت أتخيل أن هذا ممكن بهذه السهولة." قصة محمد تتكرر عبر المملكة حيث استفادت 1.2 مليون أسرة من برامج الإسكان، بينما وصلت نسبة التملك إلى 65.4% مرتفعة من مستويات أقل بكثير. وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل يؤكد: "73% من سكان المدن يمكنهم الوصول إلى حدائق أو مساحات عامة على بعد لا يتجاوز 800 متر" - رقم يضع السعودية في مقدمة الدول المتقدمة عالمياً.
خلف هذه الأرقام المبهرة تكمن رحلة تحول بدأت مع إطلاق رؤية 2030، حين أدركت القيادة الرشيدة أن الاعتماد على النفط وحده لن يضمن مستقبلاً مستداماً. كما يوضح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "الأرقام هي المعيار الحقيقي للتقدم وصنع القرار" - فلسفة انعكست في تخصيص 1.34 تريليون ريال للإنفاق الحكومي، مع استثمارات إسكانية تقارب 70 مليار ريال. التحول مذهل بالمقاييس العالمية: انخفضت المشاريع المتعثرة من 11% إلى 4.5% فقط، وأُضيفت 2.5 مليون متر مربع من المساحات الخضراء - ما يعادل 2500 ملعب كرة قدم.
أم سعد، أم لأربعة أطفال، تحكي معاناتها: "انتظرت 5 سنوات للحصول على سكن حكومي، لكن الآن أرى الأمل في البرامج الجديدة." معاناة أم سعد تلامس قلوب 20 ألف أسرة من الفئات الأشد حاجة ضمن برنامج الإسكان التنموي المستهدف في 2026. الخبر الأهم؟ السعودية تستهدف ضخ 80 ألف وحدة وأرض سكنية جديدة بالشراكة مع المطورين، بينما تتطلع لتوفير وفورات تصل إلى 2.5 مليون ساعة عمل عبر الأتمتة والذكاء الاصطناعي. د. فهد الخبير الاقتصادي يعلق: "هذه الأرقام تثبت أن السعودية تعيد كتابة قوانين الاقتصاد وتضع نفسها على خريطة القوى الاقتصادية العالمية."
مع إتمام أول عملية ترميز عقاري لصك ملكية في المملكة - ابتكار تنظيمي عالمي يحول الملكيات الكبيرة إلى وحدات رقمية قابلة للتداول - تفتح السعودية باباً جديداً للاستثمار لم تطرقه من قبل. التحدي الآن يكمن في التمويل الضخم المطلوب للمدن الذكية ومواجهة البيروقراطية، لكن الأرقام تؤكد أن الفرص أكبر بكثير من التحديات. السؤال المحوري: إذا حققت المملكة هذه القفزة الهائلة في 14 عاماً فقط، فماذا ستحقق في المرحلة الثالثة الحاسمة من رؤية 2030؟ الإجابة قد تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي برمتها.
