في ظل أزمة اقتصادية خانقة تضرب اليمن، ارتفع سعر جرام الذهب ليعادل راتب موظف كامل، فيما سجلت الفجوة السعرية بين صنعاء وعدن مستويات صادمة وصلت إلى 197% - كأنك تتسوق في دولتين مختلفتين تماماً! خبراء يحذرون: الأسعار في طريقها لمضاعفة أخرى خلال الأشهر القادمة، والمواطنون أمام خيار صعب بين حماية مدخراتهم أو فقدانها للأبد.
شهدت أسواق الصاغة في صنعاء ارتفاعاً حاداً ومفاجئاً وصل بسعر جنيه الذهب إلى 510,000 ريال - مبلغ يعادل 3 رواتب حكومية كاملة، فيما سجل جرام الذهب عيار 21 رقماً قياسياً عند 65,500 ريال. أحمد المحطوري، موظف حكومي يبلغ من العمر 45 عاماً، يقف أمام محل ذهب وسط صنعاء وهو يحسب بصعوبة: "كنت أخطط لبيع خاتم زوجتي الذهبي لتدبير نفقات العلاج، لكن المبلغ لا يكفي حتى لأسبوع في المستشفى." صوت آلات الحاسبة يملأ محلات الصاغة، وهمس المتسوقين وهم يقارنون الأسعار يعكس حالة الذهول التي تسيطر على الأسواق.
في المقابل، حافظت أسواق عدن على استقرار نسبي بأسعار مختلفة تماماً، حيث وصل سعر جنيه الذهب إلى 1,517,300 ريال وجرام الذهب عيار 21 إلى 197,600 ريال. هذا التباين الجنوني يعكس الانقسام النقدي العميق بين شمال وجنوب اليمن، والذي تفاقم منذ 2014 مع تدهور مستمر في قيمة الريال اليمني. د. عبدالله الحكيمي، خبير اقتصادي، يوضح: "ما نشهده اليوم مشابه لما حدث في لبنان وفنزويلا عند انهيار عملتيهما، والذهب أصبح الملاذ الوحيد للحماية من التضخم الجامح." يتوقع الحكيمي استمرار الاتجاه الصاعد مع تسارع محتمل في الربع الأول من 2026.
تأثير هذا الارتفاع الصاروخي يمتد لصميم الحياة اليومية للمواطن اليمني، حيث تضطر العائلات لتأجيل مراسم الزواج وتجد صعوبة بالغة في شراء الهدايا الذهبية التقليدية. فاطمة الزبيدي، ربة بيت، تقف أمام واجزة محل ذهب مضاءة في صنعاء وتحسب بحزن ثمن أسورة بسيطة لابنتها: "كنت أحلم بشراء هذه الأسورة لها في عيد ميلادها، لكن سعرها الآن يعادل مصروف البيت لثلاثة أشهر." محمد العدني، تاجر ذهب صغير في عدن، يروي تجربة مختلفة: "حققت أرباحاً جيدة من تخزين الذهب العام الماضي، لكنني قلق من التقلبات المفاجئة." رائحة البخور المنبعثة من محلات التراث تختلط مع توتر المتسوقين وعرق راحات أيديهم أثناء التفاوض على أسعار تتغير كل ساعة.
هذا التحول الجذري في أسعار الذهب يعكس أزمة اقتصادية عميقة تدفع اليمنيين لتحويل مدخراتهم من الريال المتهالك إلى الذهب الآمن، في محاولة يائسة للحفاظ على ما تبقى من ثرواتهم. عام 2026 قد يشهد تغييراً جذرياً في خريطة الثروة والادخار في اليمن، حيث قد يصبح الذهب العملة الحقيقية للتداول اليومي. على المواطنين دراسة خياراتهم الاستثمارية بعناية قبل اتخاذ قرارات مصيرية قد تحدد مستقبلهم المالي. هل سيصبح الذهب الملاذ الوحيد لليمنيين في مواجهة عاصفة اقتصادية لا تهدأ؟