في تطور اقتصادي صادم يهدد الوحدة النقدية لليمن، كشفت أسعار الذهب اليوم عن فجوة سعرية خيالية تصل إلى 123,500 ريال للجرام الواحد عيار 21 بين عدن وصنعاء. هذا التباين المدمر، الذي يصل إلى نسبة 205%، يعكس انهياراً اقتصادياً لم تشهده البلاد منذ عقود، فيما يحذر الخبراء من كارثة نقدية قادمة قد تقسم اليمن اقتصادياً إلى الأبد.
أرقام مرعبة تكشف حجم الكارثة
بينما يدفع المواطنون في عدن 200,000 ريال لشراء جرام الذهب عيار 21، يحصل عليه سكان صنعاء بـ 65,500 ريال فقط - فرق يكفي لشراء سيارة صغيرة مستعملة! أحمد المحمدي، موظف حكومي في عدن، يروي بألم: "كنت أدخر لشراء خاتم ذهب لخطيبتي، لكن الأسعار باتت خيالية.. 200 ألف ريال يعني راتب شهرين كاملين". الصدمة تتفاقم عندما نعلم أن الجنيه الذهبي في صنعاء يتراوح بين 490-504 آلاف ريال، بينما يصل في عدن إلى 345 ألف ريال فقط.
جذور الأزمة والمؤامرة الخفية
هذا التباين المدمر ليس وليد اللحظة، بل نتيجة سنوات من التلاعب السياسي والانقسام المؤسسي. منذ سيطرة الحوثيين على المناطق الشمالية، تحولت صنعاء إلى جزيرة اقتصادية معزولة تحكمها قوانين مختلفة. د. علي السقاف، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "ما نشهده اليوم هو تدمير ممنهج للوحدة النقدية.. هذه ليست تقلبات عادية بل مؤامرة حقيقية لتقسيم البلاد اقتصادياً". المقارنة صادمة: آخر مرة شهد اليمن مثل هذا التباين كانت قبل الوحدة عام 1990، عندما كانت هناك عملتان منفصلتان!
المأساة الإنسانية خلف الأرقام
وراء هذه الأرقام الباردة، تختفي مآسي إنسانية حقيقية. فاطمة عبدالله، ربة منزل من عدن، تراقب أسعار الذهب منذ شهور: "كان لدي ذهب ورثته عن أمي، اضطررت لبيعه لتغطية مصاريف العلاج.. الآن أندم لأنني لو بعته في صنعاء لحصلت على ضعف المبلغ". العرائس يؤجلن زفافهن، والأمهات يفقدن مدخراتهن، بينما يتربح المهربون والمضاربون من معاناة الشعب. محمد الصنعاني، تاجر ذهب، اعترف بصراحة: "من يستطيع نقل الذهب من صنعاء إلى عدن يحقق أرباحاً خيالية.. لكن المخاطر عالية جداً".
سيناريوهات مرعبة في الأفق
الخبراء الاقتصادييون يرسمون سيناريوهات قاتمة للمستقبل. في حالة استمرار هذا التباين، قد نشهد انقساماً اقتصادياً نهائياً يؤدي إلى نشوء اقتصادين منفصلين تماماً، مما يعني نهاية حلم الوحدة اليمنية إلى الأبد. التحذيرات تتصاعد من ضرورة تدخل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تنهار الثقة نهائياً في النظام النقدي. السؤال الآن: هل ستتحرك المؤسسات النقدية لإنهاء هذه الفوضى المدمرة، أم أننا على أعتاب شاهد قبر الوحدة الاقتصادية اليمنية؟