في مشهد مأساوي يشهد عليه التاريخ، انفجرت فجوة صادمة في أسعار صرف العملة اليمنية بلغت أكثر من 1000 ريال يمني للدولار الواحد بين عدن وصنعاء في نفس اليوم! في كارثة نقدية تفوق كل التوقعات، وصل سعر الدولار في عدن إلى 1633 ريالاً بينما لا يتجاوز 540 ريالاً في صنعاء - فارق مدمر يتجاوز 203% في بلد واحد بعملة واحدة.
أحمد محمد، موظف حكومي في صنعاء، يروي مأساته بصوت مختنق: "راتبي الشهري 100 دولار يساوي 53,500 ريال هنا، لكن لو كنت في عدن لحصلت على 161,800 ريال بنفس المبلغ!" هذا الانقسام النقدي المروع حطم أحلام الآلاف من اليمنيين، بينما يحقق المضاربون الأذكياء مثل سالم العولقي أرباحاً خيالية تصل إلى 200% شهرياً من استغلال هذا الفارق الجنوني.
الأزمة ليست وليدة اليوم، بل تصاعدت منذ انقسام البنك المركزي عام 2016، لكن الوضع الحالي يشبه ألمانيا الشرقية والغربية في الحرب الباردة - لكن بفارق اقتصادي أشد قسوة. الدكتور عبدالله الصعيدي، خبير اقتصادي بارز، يحذر قائلاً: "هذا الانقسام النقدي كارثة حقيقية تدمر النسيج الاقتصادي... نحن أمام انهيار منهجي للنظام النقدي وليس مجرد تذبذب عادي."
المأساة الحقيقية تكمن في تأثير هذا الجنون النقدي على الحياة اليومية للمواطنين. فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال، تكافح الدموع وهي تحكي: "ابني في عدن يرسل 100 دولار شهرياً، لكن حين نستلمها هنا في صنعاء تكفي لأسبوع واحد فقط!" طوابير لا تنتهي تتشكل أمام محلات الصرافة، وأصوات المتداولين تختلط بطقطقة آلات عد الأوراق النقدية المهترئة في مشهد يحبس الأنفاس.
والسؤال الذي يؤرق الجميع: هل سنشهد موت العملة اليمنية تماماً؟ الخبراء يحذرون من سيناريوهات كارثية قد تشمل انهياراً كاملاً للنظام النقدي والعودة للمقايضة خلال أشهر قليلة. الوقت ينفد بسرعة الصاعقة، وكل ساعة تأخير تعني خسارة مئات الآلاف للمتعاملين. هل سيتدخل المجتمع الدولي لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد اليمني، أم أننا على موعد مع كارثة اقتصادية لا يمكن إصلاحها؟