في 72 ساعة فقط، يمكن لـ12 جندياً أن يقلبوا مصير 13 مليون مواطن رأساً على عقب، وهذا بالضبط ما حدث في بنين عندما انضمت إلى قائمة الانقلابات الأفريقية المتزايدة. بنين، التي اعتُبرت نموذجاً للديمقراطية في القارة السمراء، تهتز الآن تحت وطأة محاولة انقلاب صاعقة هزت أركان الاستقرار في غرب أفريقيا. قطار الانقلابات يسير بأقصى سرعة نحو محطات جديدة، والمواطنون يتساءلون: أين المحطة التالية؟
في صباح الأحد المشؤوم، شن المقدم باسكال تيغري وعناصر من القوات المسلحة البنينية هجوماً مفاجئاً على مقر إقامة الرئيس باتريس تالون في العاصمة بورتو نوفو. سيطر المنقلبون على الإذاعة والتلفزيون الرسمي، معلنين تشكيل "اللجنة العسكرية لإعادة التأسيس" وعزل الرئيس الذي كان على بُعد 4 أشهر فقط من انتهاء ولايته الطبيعية. الرائد أحمد كوليبالي، ضابط مواليٌ للحكومة، روى لحظات الرعب: "تعرضت للاعتقال أثناء محاولة صد المنقلبين، وشعرت بأن الديمقراطية تنهار أمام عيني." صوت طقطقة الرصاص في معسكر غيزو كان يدوي مثل نذير شؤم على مستقبل البلاد.
هذا الانقلاب ليس حدثاً معزولاً، بل حلقة جديدة في سلسلة انقلابات اجتاحت غرب أفريقيا مثل النار في الهشيم منذ عام 2020. مالي، النيجر، بوركينا فاسو، وغينيا بيساو - جميعها شهدت انقلابات أو محاولات انقلابية، مما يجعل المنطقة تبدو وكأنها برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة. د. عبد الرحمن موسى، خبير الشؤون الأفريقية، حذر قائلاً: "هذا النمط من الانقلابات اللحظية يعكس هشاشة المؤسسات وانتشار ثقافة العنف السياسي كالعدوى." الخلفية التاريخية تكشف أن 60% من الأفارقة يعيشون الآن في دول شهدت اضطرابات سياسية خطيرة.
بينما تمكنت الحكومة من إحباط المحاولة واعتقال 12 عسكرياً، إلا أن التأثيرات على الحياة اليومية كانت فورية ومدمرة. مريم أوسمان، مواطنة في كوتونو، وصفت الرعب قائلة: "استيقظنا على أصوات الرصاص ولم نعد نعرف مصيرنا، أطفالي يبكون من الخوف." ارتفعت أسعار المواد الأساسية، توقف النشاط التجاري، وأُلغيت الرحلات الجوية. النقيب فاطمة ديارا، أول ضابطة تقود عملية استعادة السيطرة على محطة الإذاعة، أكدت أن "المؤسسات صمدت لكن الثقة تحطمت." المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) أدانت ما وصفته بـ"تقويض لإرادة الشعب"، بينما حذرت السفارة الفرنسية رعاياها من البقاء في منازلهم.
رغم فشل الانقلاب، فإن محاولة بنين تضع المنطقة أمام تحدٍ وجودي حقيقي. قطار الانقلابات لا يزال يسير بأقصى سرعة، والمحطة التالية قد تكون أي دولة في غرب أفريقيا. الديمقراطية في القارة السمراء تواجه اختباراً صعباً، والوقت ينفد لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الديمقراطية. هل ستنجح القارة السمراء في كسر دائرة الانقلابات المفرغة، أم أن القطار سيواصل رحلته المدمرة نحو مزيد من الفوضى والدمار؟