في لحظة تاريخية تُعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي، يجتمع 85% من ثروة الكوكب في قاعة واحدة بجوهانسبرغ، حيث يمثل الأمير فيصل بن فرحان ولي العهد السعودي في أهم قمة اقتصادية هذا العام. كل كلمة تُنطق اليوم قد ترفع أو تخفض أسعار البنزين في محطة الوقود المجاورة لبيتك، والقرارات المصيرية التي تتخذ هذه الساعات ستحدد شكل اقتصادنا للعقد القادم.
في قاعة المؤتمرات الفخمة التي تشهد تجمع قادة 20 دولة تهيمن على 75% من التجارة العالمية، وقف وزير الخارجية السعودي ممثلاً لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تحدٍ اقتصادي عالمي لم نشهد مثله منذ عقود. "الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً ومنسقاً"، أكد الرئيس الجنوب أفريقي رامافوزا في كلمته الافتتاحية وسط أصوات كاميرات المصورين وهمهمة المترجمين الفوريين. أحمد السعد من الرياض يشاهد البث المباشر بقلق: "ارتفعت فاتورة البقالة 15% هذا العام، وأنتظر أي بارقة أمل من هذه القمة".
منذ استضافة المملكة التاريخية لقمة العشرين عام 2020، تعززت مكانتها كصانعة قرار في النظام الاقتصادي العالمي الجديد. التضخم العالمي وأزمات الطاقة المتصاعدة تعيد للأذهان سيناريوهات مماثلة لأزمة 2008، مما يحتم على قادة العالم اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة. كما كانت معاهدة بريتون وودز نقطة تحول في النظام المالي العالمي، تشكل قمة جوهانسبرغ فرصة ذهبية لإعادة رسم قواعد اللعبة الاقتصادية. الدكتورة سارة الأحمدي، الخبيرة الاقتصادية، تؤكد: "مشاركة المملكة الفعالة ستضمن صفقات طاقة مربحة تصب في صالح المواطن السعودي".
من سعر رغيف الخبز في السوبر ماركت إلى قيمة الراتب الشهري، كل تفصيل في حياتنا اليومية يتأثر بالقرارات التي تُتخذ في هذه القاعة التي تضم ممثلين عن 3 مليارات إنسان. الفرصة سانحة الآن للمستثمرين السعوديين للدخول في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا التي ستشهد نمواً هائلاً. محمد العتيبي، مقيم في الرياض، يتابع الأخبار بترقب: "نأمل أن تحمل هذه القمة حلولاً حقيقية لارتفاع الأسعار الذي يضغط على كاهل الأسر". بينما يتفاءل رجال الأعمال بإمكانية توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة مع القارة الأفريقية، يترقب المواطنون تحسناً ملموساً في أوضاعهم المعيشية.
مشاركة المملكة الفعالة في هذه القمة التاريخية تؤكد مكانتها المتنامية كقوة اقتصادية عظمى قادرة على التأثير في مجرى الأحداث العالمية. الأشهر القادمة ستكشف مدى نجاح قادة العشرين في إيجاد حلول جذرية للأزمات المتفاقمة، وعلى المواطنين والمستثمرين متابعة نتائج المداولات والاستعداد للفرص الذهبية القادمة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح قمة جوهانسبرغ في إعادة الاستقرار للاقتصاد العالمي، أم أننا نقف أمام تحديات أكبر وأعقد مما نتصور؟