في لحظة انتظرها مليونا لبناني لأكثر من 3 سنوات ونصف، كسرت الرياض صمتها الطويل بإعلان صادم في 13 نوفمبر: "خطوات وشيكة لتعزيز العلاقات التجارية مع لبنان". كلمة واحدة من المملكة أعادت الأمل لآلاف المزارعين الذين فقدوا مصدر رزقهم منذ أبريل 2021، لكن الخبراء يحذرون: النافذة ضيقة وقد تُغلق إذا فشلت الإصلاحات الموعودة.
أحمد البقاعي، مزارع خضار في البقاع، لا يصدق ما يحدث: "فقدت 80% من دخلي عندما توقفت الصادرات للخليج، شاهدت محصولي يتعفن أمام عيني لثلاث سنوات متتالية". وفجأة، تغيّر كل شيء بعد أن رصدت الرياض تراجعاً حقيقياً في عمليات تهريب المخدرات التي كانت تستهدف المملكة ودول الخليج في عمليات منظمة تحمل أبعاداً أمنية وسياسية خطيرة. المسؤول السعودي الرفيع أكد لرويترز أن وفداً اقتصادياً سيزور بيروت قريباً لبحث إزالة المعوقات نهائياً.
خلف هذا الانفراج المفاجئ، تكمن قصة صراع دام عقوداً بين دولة تحاول بسط سيادتها ومافيا منظمة حولت لبنان إلى معبر للمخدرات. منذ أبريل 2021، عاش اللبنانيون كابوساً حقيقياً: خسائر تقدر بمليارات الدولارات في قطاع يعيل مئات آلاف الأسر. الدكتور خالد العمران، خبير العلاقات الخليجية، يوضح: "هذه فرصة ذهبية، لكنها كانقلاب المحيط من عاصف إلى هادئ - يمكن أن تعود العاصفة إذا لم تثبت بيروت جديتها". المقارنة بـاتفاق الطائف ليست صدفة، فالسعودية تراهن مجدداً على قدرة المؤسسات اللبنانية على التغيير.
سمير الحريري، تاجر في بيروت، يصف اللحظة: "شعرت بالأمل لأول مرة منذ سنوات، رأيت تجاراً يبكون فرحاً في السوق". التأثير كان فورياً: ارتفاع معنويات الأسواق، تحرك إيجابي للعملة، نشاط ملحوظ في قطاع النقل. لكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن - هل ستنجح الحكومة اللبنانية في استكمال ضبط الحدود والمرافئ؟ هل ستتمكن من بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي؟ الإجابة ستحدد مصير استثمارات خليجية محتملة في البنى التحتية والطاقة والسياحة قد تصل إلى مليارات الدولارات.
المرحلة المقبلة حاسمة، فالرياض وضعت شروطاً واضحة: مؤسسات دولة قوية تمارس سيادتها الكاملة، أو العودة إلى الدعم الإنساني المحدود فقط. الديبلوماسية السعودية تتحرك بحذر، تدعم كل المكونات اللبنانية دون استثناء، لكنها تراهن على نجاح مشروع الدولة الواحدة. النافذة مفتوحة اليوم، لكن المملكة لن تنتظر إلى ما لا نهاية - فهل ستتمكن بيروت من اجتياز الاختبار هذه المرة، أم ستضيع فرصة العمر مجدداً؟