في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية، نجح البنك المركزي اليمني في تحقيق معجزة حقيقية بتوحيد أسعار صرف الدولار مع فارق 12 ريال فقط بين الشراء والبيع - أقل فارق شهده السوق منذ شهور طويلة من المعاناة. هذا الإنجاز النادر، الذي حققه اليمن وسط عاصفة حرب طاحنة، يبعث بصيص أمل جديد في قلوب الملايين. الخبراء يحذرون: نافذة ضيقة من الفرصة قد تنغلق في أي لحظة، والسؤال المحوري: هل انتهت أزمة الصرف نهائياً أم هو مجرد هدوء يسبق العاصفة؟
استقرت الأسعار عند 1617 ريال للشراء و1629 ريال للبيع، مسجلة للجلسة الثانية على التوالي إنجازاً لم يكن أحد يتوقعه. مصدر في البنك المركزي أكد بثقة: "الإجراءات الحازمة مستمرة لضبط السوق ومحاربة المضاربة"، بينما سجل الريال السعودي 425 ريال في استقرار مماثل. فاطمة، أم لثلاثة أطفال من عدن، تحكي بدموع الفرح: "أخيراً أستطيع شراء الحليب لأطفالي دون خوف من ارتفاع مفاجئ للأسعار". هذا المشهد يتكرر في شوارع حضرموت وصنعاء، حيث عادت الثقة تدريجياً بعد سنوات من الكابوس الاقتصادي.
يعيد هذا الاستقرار للأذهان أيام منتصف التسعينيات، عندما كان الريال اليمني يتمتع بثبات نسبي قبل عواصف 2018 و2020 المدمرة. الإجراءات الجديدة للبنك المركزي تمثل معركة حقيقية ضد مجموعات المضاربة التي عاثت فساداً في الاقتصاد لسنوات. د. سالم المالكي، خبير اقتصادي، يؤكد: "هذا إنجاز نادر يحتاج لدعم شعبي ودولي لضمان استدامته". الفارق البسيط البالغ 12 ريال - ثمن كوب شاي واحد - يمثل انتصاراً على سنوات من الفوضى التي كلفت المواطن البسيط كل مدخراته.
التأثير الإيجابي بدأ يظهر على الحياة اليومية، حيث تحسنت القوة الشرائية للمواطنين وعاد النشاط للأسواق التجارية المتوقفة. محمد الصراف، صاحب محل صرافة في عدن، يقول: "المواطنون يتنفسون الصعداء، والتجار بدأوا التخطيط مرة أخرى". لكن التحذيرات تتوالى من ضرورة الاستفادة من هذه الفترة الذهبية والحذر من عودة المضاربين المدمرين. الأسواق تشهد ترحيباً شعبياً واسعاً، بينما يتمسك الخبراء بالتفاؤل الحذر انتظاراً لنتائج الأيام القادمة.
هذا الاستقرار النادر وسط ظروف حرب استثنائية يثبت أن المعجزات ممكنة عندما تتضافر الإرادة والسياسات الحكيمة. الخبراء يشددون على أهمية دعم البنك المركزي وتجنب المضاربات السلبية لضمان استمرار هذا النجاح التاريخي. والسؤال الذي يشغل بال كل يمني اليوم: هل نشهد فعلاً فجر اقتصادي جديد يُنهي كابوس سنوات الضياع.. أم مجرد سكون هادئ يسبق عاصفة قادمة؟