واجهت أسواق الذهب المصرية موجة تراجع ملحوظة بلغت 85 جنيهاً للجرام خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بعد أن سجل المعدن النفيس مستويات قياسية تاريخية خلال الجلسات السابقة. هذا التراجع أثار تساؤلات المستثمرين حول ما إذا كان الوقت مناسباً لاستغلال هذه الانخفاضات كفرصة شراء ذكية.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر تداولاً في السوق المحلي انخفاضاً إلى مستوى 5790 جنيهاً للجرام، مقارنة بأعلى مستوياته التي لامست حاجز 5875 جنيهاً خلال إغلاق جلسة الاثنين. فيما تراجع عيار 24 إلى 6617 جنيهاً للجرام، وانخفض عيار 18 إلى 4963 جنيهاً، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى 46320 جنيهاً.

ويأتي هذا التراجع متماشياً مع الانخفاضات التي شهدتها أسعار الذهب عالمياً، حيث انخفضت أونصة الذهب في التعاملات الفورية بنسبة 1.72% لتصل إلى 4280 دولاراً، بعد أن سجلت مستوى قياسياً جديداً عند 4381 دولاراً في الجلسة السابقة.
ويعزو خبراء السوق هذا التراجع إلى عدة عوامل محورية، في مقدمتها عمليات جني الأرباح التي يقوم بها المستثمرون بعد المكاسب الاستثنائية التي حققها الذهب خلال الأسابيع الماضية. كما ساهم ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي في زيادة الضغط على أسعار المعدن النفيس، نظراً للعلاقة العكسية التقليدية بين العملة الأمريكية والذهب.
وأشار لطفي منيب، نائب رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية، إلى أن موجة الصعود الحاد الأخيرة كانت نتيجة تسارع الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية عالمياً، مؤكداً أن السوق لا يمكن أن يستمر في الارتفاع إلى ما لا نهاية. وأوضح أن الذهب تجاوز مستهدفه السابق البالغ 4250 دولاراً للأونصة ليصل إلى 4375 دولاراً، ما استدعى حدوث تصحيح طبيعي للأسعار.
من جانبه، قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة "آي صاغة"، إن التراجع الحالي يعكس تفاؤل الأسواق بشأن التقدم المحتمل في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، مما أدى إلى تراجع الطلب على الملاذات الآمنة. وأضاف أن الأنباء التي تشير إلى احتمال تجنب فرض الرسوم الجمركية الكاملة التي هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتطبيقها مطلع نوفمبر المقبل، ساهمت في تحسن معنويات المخاطرة لدى المستثمرين.
ورغم هذا التراجع، يرى محللو السوق أن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعداً، خاصة مع توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية. فالأسواق تضع في حسبانها بالكامل خفضاً لسعر الفائدة الفيدرالي بمقدار ربع نقطة مئوية هذا الشهر، وخفضاً آخر في ديسمبر، وهو ما يعتبر إيجابياً للذهب الذي لا يقدم عائداً لحائزيه.
كما أعلن مجلس الذهب العالمي عن ارتفاع التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب المادي لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ الأسبوع الأخير من مارس 2020، حيث سجل صافي التدفقات ارتفاعاً بمقدار 59.2 طن ذهب، الأمر الذي يعكس الطلب التاريخي من قبل الصناديق الكبرى على شراء الذهب.
ومن المنتظر أن تؤثر البيانات الاقتصادية الأمريكية المقرر إصدارها هذا الأسبوع على اتجاهات السوق، خاصة مؤشر أسعار المستهلك الذي تأخر إصداره بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية. ففي حال ظهرت البيانات بمستويات أعلى من التوقعات، قد يعزز ذلك من تعافي الدولار ويضغط سلبياً على أسعار الذهب.
يشير خبراء الاستثمار إلى أن التراجع الحالي قد يمثل فرصة شراء جذابة للمستثمرين طويلي الأمد، خاصة مع استمرار العوامل الداعمة للذهب مثل التوترات الجيوسياسية وسياسات التيسير النقدي. فالذهب ارتفع من نحو 2600 دولار للأونصة في بداية عام 2025 إلى المستويات الحالية، بزيادة تجاوزت 65% خلال عشرة شهور.
وللمقارنة، سجلت أسعار الذهب في مصر ارتفاعاً بنحو 125 جنيهاً خلال الأسبوع الماضي، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5750 جنيهاً ولامس مستوى 5900 جنيه قبل أن يختتم عند 5875 جنيهاً.
يتوقع المحللون أن يستمر الذهب في مصر في التقلب على المدى القصير، متأثراً بالتطورات الاقتصادية العالمية وسياسات البنوك المركزية. لكن الاتجاه العام يظل إيجابياً في ظل استمرار الطلب على الملاذات الآمنة وتوقعات استمرار السياسات النقدية التوسعية في الولايات المتحدة.