حقق نادي أرسنال الإنجليزي إنجازاً تاريخياً غير مسبوق في عالم كرة القدم، حيث تصدر قائمة الأندية الإنجليزية في اعتماد المواهب الشابة بصورة استثنائية. النادي اللندني نجح في كسر حاجز الخمسة عشر عاماً بلاعبين اثنين، ليضع بصمة فريدة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز ويؤكد فلسفته الراسخة في الاستثمار بالجيل الذهبي القادم.
إيثان نوانيري، الموهبة الاستثنائية في أكاديمية أرسنال، دخل التاريخ الكروي عندما أصبح أصغر لاعب يشارك في مباراة رسمية بالدوري الإنجليزي الممتاز في سبتمبر 2022. اللاعب الذي لم يتجاوز الخمسة عشر عاماً و181 يوماً في ذلك الوقت، حطم الرقم القياسي المسجل باسم هارفي إليوت الذي كان يبلغ 16 عاماً و30 يوماً. هذا الإنجاز التاريخي تحقق خلال مباراة فوز المدفعجية على برينتفورد خارج الديار بثلاثة أهداف نظيفة، حيث دخل نوانيري كبديل في الدقائق الأخيرة ليكتب اسمه بأحرف من ذهب.
لم يكتف أرسنال بهذا الإنجاز فحسب، بل عزز هيمنته على قائمة أصغر اللاعبين بضم ماكس دومان إلى سجل المشاركين. دومان، البالغ من العمر 15 عاماً و235 يوماً، حصل على فرصته الذهبية في المباراة الثانية لأرسنال في موسم 2025-2026 أمام ليدز يونايتد، والتي انتهت بفوز ساحق بخمسة أهداف. هذا الظهور جاء بعد موسم تحضيري مثير للإعجاب أظهر خلاله دومان مهارات فنية وبدنية تفوق عمره الزمني.
يبرز أرسنال كرائد حقيقي في مجال تطوير المواهب الشابة، حيث يحتل المركزين الأول والثاني في قائمة أصغر عشرة لاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز. هذا التفوق ليس مجرد صدفة، بل نتيجة استراتيجية مدروسة ومتقنة وضعها النادي للاستثمار في أكاديميته الشهيرة والتي تعتبر من أفضل الأكاديميات في العالم.
النهج الذي يتبعه أرسنال في منح الفرص للمواهب الصغيرة يتميز بالجرأة والرؤية المستقبلية. فبينما تتردد معظم الأندية في إشراك لاعبين بهذا العمر في مباريات المستوى الأول، يؤمن المدفعجية بقدرة هؤلاء الشباب على تحمل الضغط وتقديم إضافة حقيقية للفريق. هذا الاعتقاد أثبت صحته من خلال الأداء المتميز الذي قدمه كل من نوانيري ودومان في ظهوراتهما الأولى.
تاريخياً، كان سيسك فابريجاس يحمل الرقم القياسي لأصغر لاعب يشارك مع أرسنال في مباراة تنافسية، وذلك بعمر 16 عاماً و177 يوماً. هذا الرقم ظل صامداً لسنوات طويلة حتى جاء نوانيري ليحطمه بفارق كبير، مما يعكس التطور الكبير في فلسفة النادي وإيمانه المتزايد بالشباب. الجدير بالذكر أن ريتشارليسون يتمسك بتوتنهام «الممتع» مع فرانك بينما يركز أرسنال على بناء مستقبله من خلال الاستثمار في الجيل الصاعد.
إحصائياً، تظهر القائمة الرسمية لأصغر عشرة لاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي هيمنة واضحة لأرسنال في المراكز المتقدمة. بعد نوانيري ودومان، يأتي جيريمي مونجا من ليستر سيتي في المركز الثالث بعمر 15 عاماً و271 يوماً، ثم هارفي إليوت الذي انضم لاحقاً إلى ليفربول وحقق نجاحاً كبيراً هناك.
هذا النجاح في اكتشاف وتطوير المواهب الشابة لا يقتصر على الجانب الفني فحسب، بل يمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي أيضاً. أرسنال يوفر بيئة مثالية لهؤلاء اللاعبين الصغار، حيث يحصلون على الدعم الكامل من الطاقم التدريبي والإداري، بالإضافة إلى برامج تعليمية متخصصة تضمن عدم إهمال تحصيلهم الأكاديمي. هذا النهج الشامل يساعد في إعداد لاعبين متكاملين قادرين على التأقلم مع متطلبات كرة القدم الحديثة.
من جهة أخرى، يواجه أرسنال تحديات كبيرة في الحفاظ على هؤلاء المواهب، خاصة مع اهتمام الأندية الكبرى الأخرى بخطفهم. التقارير تشير إلى أن أوديجارد وساكا يضاعفان أزمة إصابات أرسنال قبل قمة ليفربول، مما يجعل الاعتماد على هؤلاء الشباب أكثر أهمية من أي وقت مضى. النادي يدرك جيداً أن الاستثمار في الشباب ليس مجرد خيار بل ضرورة حتمية لضمان الاستمرارية والنجاح على المدى الطويل.
الدعم الجماهيري لهذا التوجه كان واضحاً وقوياً، حيث يرى المشجعون في هؤلاء اللاعبين الصغار أملاً كبيراً لمستقبل النادي. الجماهير تدرك أن الاعتماد على الشباب يعني بناء هوية كروية أصيلة ومستدامة، بدلاً من الاعتماد على الصفقات المكلفة التي قد لا تحقق النتائج المطلوبة دائماً.