تشهد المملكة العربية السعودية حدثاً تعليمياً استثنائياً للمرة الأولى في تاريخها، حيث تستقبل مدارس التعليم العام أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة على مرحلتين متتاليتين، وسط استثمارات ضخمة تتجاوز ربع مليار دولار في 75 مشروعاً تعليمياً جديداً، مما يعكس التطوير الجذري للمنظومة التعليمية السعودية.
تطبق وزارة التعليم هذا العام نهجاً جديداً في بداية العام الدراسي 1447هـ، إذ تنطلق الدراسة في 11 منطقة بدءاً من 29 صفر 1447هـ الموافق 23 أغسطس الجاري، بينما تبدأ في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف في 31 أغسطس المقبل. هذا التوزيع الزمني المدروس يهدف إلى تحسين إدارة العملية التعليمية وضمان الانطلاقة المثلى لجميع الطلاب.
وتبرز الاستثمارات الحكومية الضخمة في البنية التحتية التعليمية كأحد أهم ملامح التحضير للعام الدراسي الجديد. فقد نفذت الوزارة 75 مشروعاً إنشائياً جديداً بقيمة إجمالية تبلغ 920 مليون ريال، أي ما يعادل أكثر من 245 مليون دولار أمريكي. هذه المشاريع تستهدف التوسع في البنية التحتية وإنشاء بيئات تعليمية متطورة تواكب متطلبات التعليم الحديث والتحول الرقمي في المنظومة التعليمية السعودية.
إلى جانب المشاريع الجديدة، شملت الاستعدادات صيانة شاملة لأكثر من 15 ألف مبنى مدرسي، بالإضافة إلى صيانة وإحلال أكثر من 884 ألف وحدة تكييف، بتكلفة إجمالية تجاوزت 2 مليار ريال. كما تم ترميم وتأهيل أكثر من 1400 مبنى تعليمي بتكلفة بلغت 782 مليون ريال، وذلك بهدف رفع كفاءة المرافق التعليمية وتحسين جودة البيئة المدرسية للطلاب والمعلمين على حد سواء.
ويتوزع الطلاب الـ6 ملايين عبر مناطق المملكة المختلفة، حيث تستضيف منطقة الرياض وحدها أكثر من 2.84 مليون طالب وطالبة موزعين على 6873 مدرسة. وتستقبل المنطقة الشرقية أكثر من 700 ألف طالب، بينما ينتظم في القصيم أكثر من 320 ألف طالب وطالبة عبر 2103 مدارس، يشرف على تعليمهم حوالي 35 ألف معلم ومعلمة.
وفي منطقة عسير، تستعد 3430 مدرسة لاستقبال 525595 طالباً وطالبة، يتولى تدريسهم 46398 معلماً ومعلمة. أما تبوك فقد أكملت تجهيز 1209 مدارس تحتضن 211372 طالباً وطالبة، يباشر تعليمهم 15695 معلماً ومعلمة. وتستضيف الحدود الشمالية في 426 مدرسة أكثر من 100500 طالب وطالبة.
كما تنتظم في حائل أكثر من 180 ألف طالب وطالبة في أكثر من 1300 مدرسة، يتولى تعليمهم أكثر من 18 ألف معلم ومعلمة. وفي الجوف، هيئت الإدارة العامة للتعليم 937 مدرسة لاستقبال 168494 طالباً وطالبة، يعكف على تعليمهم 13465 معلماً ومعلمة. بينما أنهى تعليم منطقة جازان تجهيز وصيانة 2556 مدرسة يعمل بها 31878 معلماً ومعلمة لتدريس ما يقارب 351535 طالباً وطالبة.
وتستقبل نجران في 980 مدرسة عدد 183302 طالب وطالبة، يشرف عليهم 10315 معلماً ومعلمة، حيث جرى إكمال التجهيزات المدرسية وتوزيع الكتب والتدريب الصيفي للمعلمين، فيما استفاد 52631 طالباً وطالبة من خدمة النقل المدرسي. أما منطقة الباحة فقد أنهت استعداداتها لبدء العام الدراسي في أكثر من 760 مدرسة تستقبل ما يزيد على 80 ألف طالب وطالبة، يتلقون تعليمهم على يد ما يزيد على 11 ألف معلم ومعلمة.
وتشمل الاستعدادات الشاملة للعام الدراسي الجديد استكمال البرامج التدريبية للكوادر التعليمية والإدارية، وتفعيل المبادرات التقنية والتعليمية التي تواكب التحول الرقمي في منظومة التعليم. كما أنهت إدارات التعليم بالمناطق والمحافظات تجهيز المدارس من أعمال الصيانة والنظافة، وتوفير الكتب الدراسية في وقت قياسي، وتوجيه الأسرة التعليمية إلى مدارسهم.
يأتي هذا العام الدراسي مع تطبيق نظام الفصلين الدراسيين بدلاً من نظام الفصول الثلاثة الذي كان معمولاً به طوال السنوات الأربع الماضية، مما يعيد هيكلة التقويم الدراسي ويوفر إطاراً زمنياً موحداً للسنوات الأربع المقبلة. كما تم إدخال مستجدات على المناهج الدراسية تشمل مواضيع الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والسياحة، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في بناء جيل طموح ومنافس عالمياً.
وتعكس هذه الجهود الاستثنائية حرص وزارة التعليم على تحقيق انطلاقة جادة ومنضبطة للعام الدراسي في بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، تعزز من كفاءة الأداء وتدعم نواتج التعلم. هذا الاستثمار الضخم في البنية التحتية التعليمية والموارد البشرية يؤكد على الأولوية التي توليها المملكة لقطاع التعليم كركيزة أساسية في التنمية الشاملة وتحقيق التحول الاقتصادي المنشود.