الرئيسية / شؤون محلية / في 12 ساعة فقط: كيف حوّل السودانيون غرامة 800 ألف ريال لممرضة من كابوس إلى ملحمة تضامن استثنائية
في 12 ساعة فقط: كيف حوّل السودانيون غرامة 800 ألف ريال لممرضة من كابوس إلى ملحمة تضامن استثنائية

في 12 ساعة فقط: كيف حوّل السودانيون غرامة 800 ألف ريال لممرضة من كابوس إلى ملحمة تضامن استثنائية

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 21 أغسطس 2025 الساعة 06:40 مساءاً

سطّر السودانيون المقيمون في المملكة العربية السعودية ملحمة تضامن استثنائية، نجحوا من خلالها في جمع 802 ألف ريال سعودي خلال 12 ساعة فقط، لإنقاذ الممرضة السودانية رانيا حسن أحمد علي من غرامة مالية ضخمة صدرت بحقها إثر خطأ طبي في قسم الحضانة المركزة للأطفال بأحد مستشفيات تبوك.

تحوّلت محنة رانيا من كابوس يهدد مستقبلها المهني وحريتها الشخصية، إلى قصة ملهمة عن قوة التكافل والروابط الاجتماعية بين أبناء الجالية الواحدة. فبمجرد انتشار نبأ الحكم القضائي الذي ألزمها بدفع التعويض المالي الضخم، انطلقت حملة تبرعات عاجلة عبر نظام "سداد" السعودي، لاقت تفاعلاً منقطع النظير من السودانيين وحلفائهم من جنسيات أخرى.

بلغت سرعة الاستجابة درجة مذهلة، حيث تدفقت التبرعات من السودانيين في المملكة وخارجها، إلى جانب مساهمات من المصريين والفلبينيين والسعوديين، في مشهد نادر من التضامن العابر للحدود والجنسيات. كل دقيقة كانت تحمل معها مبالغ إضافية تقرّب رانيا من الخلاص من محنتها، حتى اكتمل المبلغ المطلوب في زمن قياسي لم يتجاوز نصف يوم.

عبّرت إحدى زميلات رانيا في المستشفى عن مشاعر الفخر والاعتزاز التي غمرتها جراء هذه الوقفة الاستثنائية، قائلة بانفعال واضح: "لا أستطيع التعبير عن شعوري، تصور كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني". هذه الكلمات البسيطة لخّصت عمق الانتماء والهوية التي ربطت بين أفراد الجالية السودانية، وحوّلت المسافات الجغرافية إلى مجرد أرقام لا تؤثر على قوة الروابط الإنسانية.

لم تقتصر الحملة على الجانب المالي فحسب، بل امتدت لتشمل دعماً معنوياً ونفسياً هائلاً لرانيا، التي وجدت نفسها محاطة بحب وتضامن آلاف الأشخاص الذين لم تلتق بهم من قبل. منصات التواصل الاجتماعي امتلأت برسائل التشجيع والدعم، مع تأكيدات متكررة على أن "أبناء السودان لا يتركون بعضهم البعض وحيداً في المحن".

أثارت سرعة النجاح وحجم التبرعات نقاشات واسعة حول طبيعة التضامن المجتمعي في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. فبينما احتفى البعض بهذا النموذج الفريد من التكافل الإنساني، طرح آخرون تساؤلات حول الآثار طويلة المدى لمثل هذه المبادرات على مفهوم المسؤولية المهنية في المجال الطبي.

سلّط المحلل القانوني غزالي آدم موسى الضوء على الجانب القانوني للقضية، موضحاً أن الحكم القضائي لم يصدر اعتباطاً، بل استند إلى إثبات الخطأ المهني ووقوع الضرر والعلاقة السببية بينهما. وحذّر من مخاطر ما يُسمى بـ"المخاطرة الأخلاقية"، حيث قد يؤدي اعتماد الممارسين الطبيين على الدعم المجتمعي لتغطية العقوبات إلى تراخٍ في الالتزام بمعايير السلامة المهنية.

رغم هذه التحفظات، تبقى قصة رانيا شاهداً حياً على قدرة الإنسان على تحويل المحن إلى فرص للتعبير عن أسمى معاني التضامن والأخوة. فخلال ساعات قليلة، تحوّلت ممرضة مهددة بالسجن أو فقدان مستقبلها المهني، إلى رمز لقوة الروابط الاجتماعية وصدق الانتماء، في زمن يشهد تزايداً في الفردية والانعزال الاجتماعي.

اخر تحديث: 21 أغسطس 2025 الساعة 10:55 مساءاً
شارك الخبر