حققت العملة اليمنية إنجازاً نادراً بثباتها لثلاثة أسابيع متتالية، وذلك بالتزامن مع استلام البنك المركزي اليمني أولى دفعات الدعم المالي والفني من المؤسسات الدولية الكبرى، في تطور يبشر ببداية مرحلة التعافي الاقتصادي التي طال انتظارها.
أعلن الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري، أن البنك المركزي اليمني استكمل كافة إجراءاته الفنية لاستقبال الدفعة الأولى من الدعم المقدم من الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية.
يأتي هذا الدعم تتويجاً لجهود البنك المركزي في ضبط اختلالات السوق المصرفية وكبح جماح المضاربات والتلاعب بالعملة، الأمر الذي انعكس مباشرة على استقرار الريال اليمني للأسبوع الثالث على التوالي، في سابقة لم تشهدها البلاد منذ سنوات الانهيار الحاد.
وتشير هذه التطورات إلى استعادة الثقة الدولية بالقطاع المصرفي اليمني، بعد النجاح في تطبيق حزمة من الإصلاحات النقدية الجذرية. فقد تمكن البنك المركزي من نقل البنية التحتية المصرفية بالكامل إلى عدن، وتنظيم عمليات الاستيراد، ووضع سقوف للحوالات، وحصر المعاملات الحكومية والتجارية بالريال اليمني.
ويهدف الدعم الدولي إلى تحسين الحوكمة المصرفية ورفع كفاءة القطاع المالي وحماية الاستقرار النقدي والاقتصادي، وسط آمال واسعة بأن تكون هذه بداية تحول استراتيجي ينقل البلاد من مرحلة الانهيار إلى مسار التعافي والاستقرار.
أكد المستشار الاقتصادي في رئاسة الجمهورية فارس النجار، أن هذه الإصلاحات تحظى بغطاء دولي وإقليمي، وتمثل مدخلاً أساسياً للحصول على دعم مالي خارجي، مشيراً إلى حاجة اليمن لمنحة أو وديعة جديدة، في ظل اعتماد الموازنة بشكل رئيسي على صادرات النفط التي لا تغطي سوى 20-30% من الالتزامات المالية للدولة.
وعلى الصعيد العملي، بدأت ثمار هذا الاستقرار تظهر في القطاعات المختلفة، حيث أعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية اعتماد الريال اليمني لبيع التذاكر بدلاً من العملات الأجنبية، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الذي يهدف إلى تعزيز مكانة العملة الوطنية والحد من المضاربات.
كما وافقت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات على 91 طلباً للمصارفة والتغطية الخارجية للواردات السلعية بقيمة إجمالية بلغت حوالي 39.7 مليون دولار أمريكي، من خلال 15 بنكاً و3 شركات صرافة، في إطار جهود تنظيم عمليات الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية بشكل منظم.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يسهم هذا الدعم في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي، خاصة وأن البنك المركزي نجح في إطلاق شبكة مصرفية موحدة بقيادة البنوك، مع تعزيز أدوات السياسة النقدية، ووقف أي إصدار نقدي جديد، وتشديد الرقابة على سوق الصرف. هذه الخطوات الإصلاحية تمثل إشارة قوية إلى إمكانية تحقيق انفراجة اقتصادية حقيقية تنهي سنوات الانهيار المستمر للعملة الوطنية وتعيد الثقة للنظام المصرفي اليمني.