الرئيسية / مال وأعمال / تحرير الدولار الجمركي في اليمن: إصلاح تدريجي يستثني 4 سلع أساسية ويعد بتخفيض أسعار بنسبة 30-40%
تحرير الدولار الجمركي في اليمن: إصلاح تدريجي يستثني 4 سلع أساسية ويعد بتخفيض أسعار بنسبة 30-40%

تحرير الدولار الجمركي في اليمن: إصلاح تدريجي يستثني 4 سلع أساسية ويعد بتخفيض أسعار بنسبة 30-40%

نشر: verified icon مروان الظفاري 22 أغسطس 2025 الساعة 03:00 صباحاً

كشفت مصادر رسمية أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تستعد لإصدار قرار يحرر الدولار الجمركي تدريجياً خلال الأيام المقبلة، في خطوة تهدف إلى تعظيم الإيرادات الحكومية مع الحفاظ على الأسعار مستقرة للمواطنين. يأتي هذا القرار كجزء من حزمة الإصلاحات النقدية والمالية الشاملة التي ينفذها البنك المركزي اليمني بالتنسيق مع الحكومة في عدن.

وأكد المستشار الاقتصادي في رئاسة الجمهورية فارس النجار أن قرار تحرير الدولار الجمركي اتُخذ بالفعل، لكن تنفيذه تأجل حتى تحسن سعر صرف الريال اليمني وانخفاض الأسعار في الأسواق المحلية. وأشار إلى أن هذا التوقيت المدروس يهدف لضمان عدم إلحاق ضرر إضافي بالمواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

الحكومة تتجه لتحرير الدولار الجمركي

ويستثني القرار الحكومي المرتقب أربع سلع أساسية من تطبيق الدولار الجمركي المحرر، في محاولة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وضمان توفر هذه السلع بأسعار معقولة. أما بقية السلع فستخضع لرسوم جمركية متدرجة، حيث ستبلغ نسبة الرسوم 5% على بعض السلع و10% على أخرى، بينما ستطبق النسب الأعلى على السلع الكمالية.

وبحسب تصريحات النجار، فإن التأثير المتوقع على أسعار بعض السلع مثل الحديد والمشتقات النفطية لن يتجاوز 7% بشكل غير مباشر. هذه النسبة المحدودة تأتي في ظل استمرار التحسن الملحوظ في أسعار السلع الأخرى، والذي وصل إلى ما بين 30% و40% خلال الفترة الماضية، مما يعني أن التأثير الإجمالي على المستهلكين سيكون طفيفاً.

الأسواق اليمنية تترقب تداعيات الإجراءت الإصلاحية

ويهدف تحرير الدولار الجمركي بشكل أساسي إلى تعظيم الإيرادات الحكومية وضبط الموارد المالية المشتتة، حيث تواجه الحكومة اليمنية تحديات كبيرة في تمويل التزاماتها الأساسية. وكشف المستشار الاقتصادي أن الإيرادات الحالية من الاقتصاد الريعي المعتمد على صادرات النفط لا تغطي سوى ما بين 20% و30% من الالتزامات الحتمية للدولة.

وأوضح النجار أن الوضع الحالي للدولار الجمركي المثبت عند 700 ريال لا يخدم سوى فئة التجار الذين يستفيدون من هذا السعر المدعوم في تحصيل رسوم على السلع الكمالية وغير الأساسية، بينما يضعون أسعار السلع في السوق وفقاً لسعر الصرف الفعلي. هذا الأمر يخلق تشويهاً في السوق ويحرم الحكومة من إيرادات مهمة يمكن توظيفها لخدمة المواطنين.

وتأتي هذه الخطوة ضمن برنامج إصلاحي شامل يحظى بدعم واهتمام دولي وإقليمي، بحسب ما أكده المسؤول الحكومي. فقد تم تنفيذ الإصلاحات بالتوافق مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية الداعمة لليمن، مما يضفي مصداقية على هذه الخطوات ويزيد من فرص نجاحها.

قرار مرتقب لتحرير الدولار الجمركي في اليمن

وشملت الإصلاحات النقدية والمالية المنجزة حتى الآن نقل البنية التحتية المصرفية بالكامل إلى عدن، وتشكيل لجنة الاستيراد، وتحديد سقوف الحوالات، وحصر المعاملات الحكومية والتجارية بالريال اليمني محلياً. هذه الإجراءات ساهمت في تقليص قنوات التلاعب التي كانت تستغلها قوى المضاربة في السوق، مما أدى إلى عودة سعر الصرف إلى مستوياته الطبيعية.

وأعلن البنك المركزي اليمني مؤخراً عن اكتمال نقل المنظومة المصرفية إلى عدن، واستكمال هيكلة الشبكة الموحدة وإطلاقها لتعزيز الرقابة والالتزام. كما تم تفعيل أدوات السياسة النقدية، ووقف أي إصدار نقدي جديد، وتعزيز الرقابة على سوق الصرف، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية.

مستشار رئاسي: قرار حكومي مرتقب لتحرير الدولار الجمركي بشكل تدريجي

وترتبط هذه الإصلاحات بجهود الحكومة للحصول على وديعة مالية سعودية، والتي فشلت في الحصول عليها سابقاً بسبب عدم استيفاء الاشتراطات المطلوبة. هذه الاشتراطات تشمل تنفيذ برنامج البنك المركزي للإصلاحات النقدية والمالية والمصرفية، والذي وافقت عليه الحكومة أخيراً بعد مماطلة استمرت فترة طويلة.

كما يعتبر هذا البرنامج الإصلاحي من ضمن اشتراطات صندوق النقد الدولي، الذي رفض سابقاً طلباً حكومياً لتخصيص منحة مالية لليمن. هذه المنحة كانت مخصصة للوضع في البنك المركزي لتمويل استيراد السلع الأساسية وتوفير الدولار لتغذية احتياجات السوق المصرفي، بهدف تهدئة انهيار العملة واضطرابها خلال الفترة الماضية.

وتشير المصادر إلى أن الوديعة السعودية مرتبطة أيضاً بجهود وتحركات المبعوث الأممي إلى اليمن في الملف الاقتصادي، وتنفيذ خريطة الطريق المعلن عنها في نهاية العام 2023. هذا الربط يضع الإصلاحات الاقتصادية في سياق أوسع من الجهود الرامية لحل الأزمة اليمنية سياسياً واقتصادياً من خلال الحوار بين الأطراف المتنازعة.

ومن المتوقع أن يواجه قرار تحرير الدولار الجمركي ردود فعل متباينة من القطاع التجاري الخاص، خاصة من التجار الذين استفادوا من النظام الحالي. لكن المسؤولين الحكوميين يؤكدون أن هذه الخطوة ضرورية لإعادة هيكلة النظام المالي وتحقيق العدالة في توزيع الأعباء والفوائد الاقتصادية، بما يخدم المصلحة العامة للشعب اليمني في المدى الطويل.

شارك الخبر