تمكنت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا من تحقيق إنجاز بيئي رائد من خلال مشروعها المتكامل لإنتاج السماد العضوي، حيث نجحت في إعادة تدوير أكثر من 50 ألف متر مكعب من مخلفات النخيل وتحويلها إلى سماد عالي الجودة، مساهمة بذلك في تقليل انبعاثات الكربون بما يعادل إزالة أكثر من 6,300 مركبة سنوياً من الطرقات.
يُعد هذا المشروع البيئي نموذجاً متميزاً للاقتصاد الدائري، حيث يحول التحديات البيئية إلى حلول مستدامة تخدم القطاع الزراعي والبيئة في آن واحد. وقد وُزّع السماد المُنتج على أكثر من 1,300 مزارع، مع وضع خطط لتوسيع نطاق الاستفادة ليشمل ما يزيد على 3,000 مستفيد.
تتميز عملية الإنتاج بدقتها العلمية، حيث تمر بسلسلة من المراحل الفنية المتخصصة تبدأ بجمع المخلفات وفرزها لإزالة المواد غير العضوية، تليها عملية الفرم إلى أحجام مناسبة باستخدام معدات متقدمة. بعد ذلك يتم ترطيب المواد وإضافة نسب مدروسة من السماد الحيواني والبكتيريا المفيدة، لتدخل في مرحلة التخمير والتهوية المنتظمة لمدة 60 يوماً حتى تصل إلى مرحلة النضج والتعبئة النهائية.
ينتج المشروع سماداً يحتوي على نسبة 52% من المادة العضوية، مما يعزز خصوبة التربة ويحسن قدرتها على الاحتفاظ بالمياه. وتخضع جودة المنتج لرقابة صارمة من خلال فحوصات شهرية تُجرى في مختبرات معتمدة لقياس مؤشرات الجودة المختلفة.
حقق المشروع مكاسب بيئية واقتصادية مهمة، أبرزها تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية بنسبة تصل إلى 30%، وخفض استهلاك المياه، والمساهمة في عزل ما يقارب 0.57 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عن كل طن من السماد المُنتج. هذا الإنجاز البيئي يُترجم إلى تأثير إيجابي كبير يكافئ تقليل انبعاثات أكثر من 6,300 مركبة سنوياً، مما يُسهم بشكل فعال في مكافحة التغير المناخي.
كما أسهم المشروع في تأهيل أكثر من 3,000 هكتار من المزارع المتدهورة، ضمن خطة شاملة لتحسين البنية الزراعية في محافظة العُلا. وفي إطار التوعية المجتمعية، نفذت الهيئة الملكية برامج تدريبية استفاد منها أكثر من 240 مزارعاً وطالباً، تضمنت ورش عمل تطبيقية حول أفضل ممارسات استخدام السماد العضوي.
يعكس هذا المشروع الرائد التزام الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بتطبيق مبادئ التنمية المستدامة وتحويل المخلفات الزراعية إلى موارد اقتصادية قيمة تعزز الأمن الغذائي وتحسن جودة التربة، في إطار نهج تكاملي يدعم استدامة القطاع الزراعي ويساهم في بناء بيئة زراعية منتجة وصديقة للبيئة.