الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٠ صباحاً

نتائج التسوية العرجاء

فيصل المجيدي
الخميس ، ٢٧ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
دشنت تونس الثورات العربية وخرجت باقل الخسائر في الارواح مقارنة ببقية البلدان وفر بن علي في 14 / 1 / 2011 حاول نظامه التلون والاختباء لكن الثورة تداركت الامر ولم تسمح له بالعودة من جديد وطوت صفحته او اكثرها باقرار الدستور الجديد من المجلس التشريعي في شهر فراير 2011 اما مصر فرغم سقوط رأس نظامها مبارك في ظرف 18 يوم في 11 فبراير ودخولها في مرثون انتخابي طويل ومرهق نتج عنه صعود اول رئيس مدني منتخب سرعان ما انقلب عليه العسكر واستعاد النظام القديم المتجدد بفضلهم السلطة واودع الثوار السجن وعادة حليمة لعادتها القديمة ..في اليمن اشتعلت الارض من تحت صالح يوم سقوط مبارك في 11 / فبراير / 2011وضحى الشباب بارواحهم بكرم وجرح العديد منهم وادخلوا السجون ومن المفارقات ان بعض الثوار خلف القضبان حتى الان واخفي البعض قسرا بل ان النساء وعلى خلاف الطبيعة المحافظة لليمنيين تبرعن بارواحهن ايضا لاجل الخروج من مرحلة صالح الذي كان مراوغا وتظاهر بالموافقة على التنازل عن السلطة وتدخل الاقليم بمبادرة خليجية سطرت في اقل من صفحة خيل لي وانا اقرأها انها كتبت في غفلة من الزمن وكأننا نتحدث عن نزاع على تركة فتم الاصلاح بين اطرافها ولم يعي من صاغها اننا نتحدث عن ثورة شعب يريد ان يتخلص من دكتاتور وتساءلت لو ان المبادرة مضت بتلك الاسطر غير المتناسقة كيف سيكون وضعنا غير ان للامم المتحدة وجمال بن عمر كان لهما دور في اعادة بلورتها عبر الالية المزمنة والتي استعادة المبادرة التي كان صالح يتهرب من استحقاقاتها وهي لما تجف حروفها بعد واعتقد انه لولا صدور قرار مجلس الامن رقم 2014في تاريخ 21 / 11 / 2011 والذي اشار الى وجوب توقيع صالح على هذه المبادرة والالية وحولها من وثيقة اقليمية الى عالمية ملزمة بل قرر بوجوب التحقيق في الدماء التي سقطت وفقا لما اوصى به مجلس حقوق الانسان الذي طالب بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في احداث ثورة 2011 وهو ما دفع صالح للتوقيع على المبادرة واليتها التنفيذية وبعد يومين فقط من صدور قرار مجلس الامن اي 23 / 11 / 2011 بعد ان ضمن عدم ملاحقته قضائيا هو وعائلته جاء ذلك بعد ان تمكن من المراوغة لمدة تزيد عن سبعة اشهر منذ الصياغة الاولى للمبادرة في شهر 4 / 2011كما هو معلوم للجميع وفي ذلك رد واضح على من يزايد بأنه ترك السلطة من اجل المحافظة على اليمن ..إعتقد البعض ان تنحية صالح وعائلته سيتم بمجرد التوقيع على المبادرة برغم احساس الشباب والثوار في الساحات ان الامر قد يخضع للتلاعب من الاقليم وصالح واعوانه ليلتفوا على الثورة وهو ما دفعهم الى اعلان رفضهم لها منذ وقت مبكر وهو الامر الذي اكدته الوقائع فيما بعد ..اذ انه وبمجرد التوقيع على المبادرة فقد اظهر صالح وعائلته التمنع الواضح عن تنفيذ بنودها عبر ارتكاب العديد من جرائم القتل بغية تفجير الوضع بدءا من الاعتداء على مسيرة الحياة وقصف تعز والفرقة وغيرها من الاحداث التي كانت ترمي الى افشالها ثم مراغوته في تسمية اعضاء اللجنة العسكرية ورفض اقاربه محمد صالح وطارق تنفيذ قرارات الابعاد لهم من مناصبهم العسكرية الامر لم يتقصر على ذلك بل ان التدخل الايراني القبيح في اليمن وظهور قوى على الارض تستقوي بالسلاح وتسعى للاطاحة بالدولة زات الطين بله كما ان الحديث عن افتراق السعودية وايران في كثير من السياسات الا في بعض المصالح وعلى رأسها ملف اليمن يؤكد على حضور الدور الخارجي لتصفية الثورة او على الاقل الحد منها ولعل شواهد ذلك هو محاولة بعث الروح من جديد في منظومة الحكم القديم .. وكان الخطاء الابرز في المبادرة استمرار صالح في الحكم بعد التوقيع عليها لمدة 3 اشهر وبقاء نجله احمد كقائد للحرس الجمهوري مدة طويلة مكنتهم من الاستيلاء على كثير من الوثائق التي قد تدينهم في المستقبل وتفريغ بعض مخازن الاسلحة من المعسكرات الخاضعة لهم وبناء العديد من التحالفات المستقبلية التي ظهر اثرها لاحقا ولهذا لن نستغرب من تصريحات الرئيس هادي عندما قال في 25 / 1 / 2014 وهو يتحدث لمؤتمر الحوار انه استلم شبة دولة خزينتها فارغة ...وكل ذلك كان ملاحظا… غير ان الكارثة الكبرى والتي لاحقت للافق بعد الانتخابات الرئاسية تمثلت في تمسك صالح بمنصب رئيس المؤتمر الشعبي العام الحاكم وادراة الدولة من خلاله باعتبار انه يملك نصف الحكومة ومعظم البرلمان ومجلس الشورى ولا تزال الكثير من القيادات العسكرية والامنية والقبلية تدين له بالولاء وهنا ادرك الثوار انهم خدعوا وتباكى السياسيون حينها بوجوب ان يترك صالح العمل السياسي مطلقا كأثر مباشر للمبادرة الخليجية ...لكن هذا الامر لن يحصل بالطبع لان الرجل كان صريحا وعبر في وقت مبكر عن نواياه في مقابلة له مع قناة العربية في شهر 4 / 2011 بعد جمعة الكرامة التي كانت المسمار القوي في عرشه انه لن يترك الحكم وان اضطر لذلك فسينتقل الى صفوف المعارضة وسيريهم كيف تكون المعارضة وهو مالم يدركه المشترك ولم يأخذوه مأخذ الجد او انهم ادركوا ذلك لكنهم قللوا من خطورته ..
الرجل سعى لتقويض الحكم الجديد قبل ان يبدء ..الم يكن كل ذلك بسبب تسوية عرجاء اعطت النظام الذي ثار عليه الناس نصف مقاعد السلطة ومكنته من تسوية الدولة بالارض من خلال نهبها وتفريغ خزائنها من الاموال وكثير من السلاح والوثائق وهو ما جعله يساهم في اقلاق الامن بل ووصلت الامور الى اقتحام الداخلية والدفاع والمعسكرات الحصينة ...قد لايظهر الرجل ومن معه بشكل صريح في هذه الاعتداءات الكبيرة لكن لا شك ان له يدا بسبب ان هذه المقرات يفترض انها محصنة ولن يستطيع اي احد الوصول اليها الا بتخطيط دقيق ومعرفة بمداخلها ومخارجها ونقاط القوة والضعف فيها ...

الم يكن من الطبيعي ان يتحفظ المشاركون في المبادرة الخليجية على شرط الحصانة الا بالتعهد الكتابي باعتزال العمل السياسي تماما والانكفاء لكتابة مذكراته الخائبة عن الفترة التي استمر فيها على رؤس اليمنين لعقود خلت ..اليست تسوية عرجاء تلك التي تحصن حاكم ثار عليه الناس من كل مسألة وكأنه لا يسئل عما يفعل وهم يسئولون ..ودون اي مقابل والغريب في الامر ان هذه التسوية هي التي جعلت صالح يتفرغ لمعارضة الحكم الذي يشارك فيه ويظهر في الاخير بمظهر الثائر الخائف على مستقبل الوطن ويظهر الثائرون السياسيون بمظهر المدافع على حكومة مترهلة ظهر فيها الكثير من الاختلالات ..لو ان الثوار تمسكوا فقط بملفين وهما التحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل هذا النظام ابان الثورة وهو المنصوص عليه في قرارات مجلس الامن 2011 و 2014 والملف الثاني استرداد الاموال المنهوبة لانزوى صالح واتباعة الى خندق الدفاع الضعيف ,,لكننا نرى الثوار والمشترك لا يتحدثون عن هذه الملفات الا عن استحياء وفي موطن ردة الفعل ….فهل سيتفيدون من هذه الاخطاء ويعملون على اصلاح العرج الذي اصاب التسوية ام سيسمحون لقوى الشر بالانتصار والعودة من جديد..جاااااري الانتظار

الخلاصة : المقدمات تصنع النتائج..