الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٩ مساءً

الفدرالية ليست العصى السحرية لحل مشاكل اليمن

موسى علاية
الاثنين ، ٢٢ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
في الوقت الحاضر يتم الحديث كثيرا في اليمن حول العصى السحرية والمتجليه في نظام الحكم الفيدرالي لحل مشاكل اليمن من قبل العديد من الأشخاص سواء كانوا سياسين ومثقفين ورجال أعمال وعلاوة على ذلك مجموعات كثيرة من عامة المجتمع وذوي المصالح الخاصة جنبا إلى جنب مع الدول الراعية للمبادرة الخلجية والعديد من الجهات المانحة, ولكن من دون تقديم تفسيرات وتعريفات مقنعة لهذا التوجه. لا يوجد هناك تحليل معمق لتحديد ما إذا الحكومات الفيدرالية قادرة على حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في البلد. في هذا المقال أحاول ان اكتب بشكل سريع لتعريف القارئ مدى فاعلية تطبيق الفدارالية في ظل الظروف الراهنة في اليمن .

ثمة أعتقاد أن الفدارالية مخرج لمشاكل اليمن عبارة عن أدراك خاطئ تماما وأعتقد أيضا أن الفدرالية عبارة عن طريق محفوف بالمخاطر يتم الترويج والتطبيل لها من قبل بعض السياسيين المأزومين بالتحالف مع أصحاب المصالح الخاصة ومؤيديهم دون الخوض في عمق واقع موجود في البلد.

قد أوافق الرأي مع العديد من الأطروحات على أن هناك العديد من الدول الناجحة في العالم التي أصبحت قادرة على حل مشاكلها العديدة عن طريق تطبيق نظام الفدرالية- مثل الولايات المتحدة والهند, البرازيل وغيرها، ولكن أعتماد الفيدرالية العمياء دون فهم لمشاكل اليمن الحقيقية وجذورها تعد كاذبة و فاضحه وأعتمادها لتشكيل طبيعة نظام الحكم في البلد صغير المساحة الجغرافية سيكون خطأ كبير. وأخشى، بدلا من حل مشاكل البلاد، قد تؤدي الفدرالية في نهاية المطاف تقسيم البلاد إلى العديد من الدول الصغيرة، وفتح طريقا لصراع داخلي طويل تغذيه طبيعة التركيبة الاجتماعية للمجتمع اليمني القبلية والمتسمه بالصراعات القبلية التي لا نهاية لها، وعداوة، وسوء الفهم بين المركز وبين الأقاليم المقترحه ....الخ.

ويمكن أن نتفق مع مروجي الفدرالية على أن هناك العديد من المشاكل المعقدة في البلاد في الوقت الحالي ولكن لا يمكن إعتماد الفيدرالية كحل لها. ولكن ما يظهر لنا جليا ان الترويج للفدرالية من قبل بعض السياسيين الفاسدين والمتسلقين الجدد الذين همهم الوحيد كيف يجدون طرق للاستيلاء على السلطة وسوء استخدام السلطة. في اليمن، إذا قمنا بتقييم و بصراحة الوضع الراهن وبدون أي تحيز، يمكننا القول بكل تأكيد و بصوت عال وواضح أن الفساد وشهوة السلطة من قبل ما يسمى القادة السياسيين والمتسلقين الجدد هي مصدر كل المشاكل الذي يعاني منها البلد في الوقت الراهن و الفدرالية ليست فقط فكرة خاطئة ولكن خيانة وطنية أيضا لأنهم يعرفون جيدا أن الفيدرالية لا تمكن ولن تحل مشاكل البلاد. مروجي الفدرالية يريدون خلق وتقاسم وانتزاع مناصب حكومية ووزارية جديدة , يريدون أن يكون هناك رئيس وزراء وخمسين وزير لكل اقليم ومجلس شعب ....الخ, وليس لتطوير البلاد عن طريق خلق خطة واقعية أو فكرة أصلية ولكن لنهب البلد كما يتم فعله منذ عام 1962.

يبدوا أن الدعوة إلى الفيدرالية يروج لها فقط لتحقيق طموحات شخصية وأنانية ولخلق فرص جديدة للمشاركة في السلطة، وأود أن اسأل مروجي الفدرالية أن يشرحوا لنا كيف يمكن لمشاكلنا مثل الفقر، والفساد، وقمع الشعب , والأمية، وارتفاع الأسعار سيتم حلها في ظل وضع اقتصادي مأزوم, ووضع أمني هش, وسياسات وخطط هزيلة, وضعف وانعدام التنمية البشرية المؤهلة لقيادة البلد سواء كان ذلك في المركز او الأقاليم المقترحه.

الفيدرالية في حد ذاتها هي مجرد وسيلة لتحقيق بعض الأهداف، منها حل المشاكل الذي يعاني منها اليمن ونتيجة لطبيعة التركيبة المجتمعية في اليمن وطبيعة التجاذيات السياسية والصراعات السابقة يمكن القول أنها لا تعتبر الوسيلة المناسبة لحل مشاكل اليمن في الوقت الراهن ، وفي الجانب الاخر يمكن القول أن الوسيلة المناسبة ترتكز في محاولة تقوية المركز وفرض نفوذة على كل اجزاء اليمن وخلق رؤية وطنية لحل مشاكل البلد وتخطيط واقعي على المدى الطويل والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب.