الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٢ صباحاً

مراجعة بين يدي علماء تعز الأجلاء

جميل علي عبدالله
الثلاثاء ، ١٢ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:١٥ مساءً
بسم الله الرحمن الرحيم

لا أريد أن اقطع بأن هيئة علماء تعز الأجلاء دون مستوى هذا الاستحقاق ,وسوف أكون أول الآسفين أن ثبت ذلك.
ولكن.. وعلى بساط الحب والتبجيل لعلمائنا اعقد معهم هذه المراجعة السريعة لقضية الساعة القضية الأكثر جدلا وحيرة وغرابة,إنها حكاية الطفلة الأعجوبة(كساء), وان الحكاية أكثر جدلا وحيرة وغرابة لدى العوام(العوام هم عامة الناس دون العلماء)لا كنها يجب أن لا تكون الأكثر جدلا وحيرة وغرابة لدى العلماء ,لان الأمر عندهم واضح والقدم لديهم ثابت و الأساس متين وليست لديهم لغة التبريرات أو الافتراضات في معرفة ما غرب عن العوام ,أو يجب أن يكون الأمر كذلك لديهم.
أضف إلى ذلك أنهم أي العلماء أهل الحكمة والقول السديد , وهاتان الصفتان لا مكان للتسرع في قواميسها, ولكن ما دعاني للاستغراب حول بيان العلماء وهم لم يوفقوا في ذلك والتسرع فيه واضح ذلك البيان الصادر بخصوص حكاية الطفلة (كساء) , ولعل أن من أوقعهم في هذا التسرع شيطان ماهر من الأنس البس عليهم الأمر تحت مبرر الدفاع عن العقيدة(وكم هم المدافعون عن العقيدة وهم الأكثر جهلا بها ),لأنه ليس من كمالات العلماء التسرع في الأحكام في قضايا مؤصلة فما بالك الأمر بقضايا يكتنفها الغموض ولا تتفق مع مدركات العقل البشري(كمسح ظاهر الخف وليس باطنه,وحكاية الطفلة كساء)
لقد كان تسرع علمائنا الأجلاء في الحكم على هذا الموضع واضحا لأنهم لم يكون على مسافة متساوية بين الرغبة في إصدار البيان وضرورة البحث والاجتهاد على ضوء الشرع المتكامل في الحكم على هذه الحكاية,عملا بقوله تعالى (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) وكانت الرغبة في اصدرا هذا البيان المتسرع أكثر من تحكيم البحث والاجتهاد, هذا من الدلالة على تسرعهم الواضح.
أما من حيث اقتضاء الحكمة التي هي أصل أصول كمالات العلماء فلقد غابت عنهم مقدمات هامة تفرض نفسها على كل من يتناول هذه الحكاية وكان من الواجب أن لا تغيب عنهم(أقول من الواجب)وهي مقدمات الجميع يعرفها رغم قوة دلالاتها
المقدمة الأولى:من قال أنها تعمل بواسطة أو مع الجن ,وان ثبت هذا الافتراض بواسطة من لدية العلم والقدرة على إثبات هذا قطعا فليس هناك أي مأخذ على ذلك , لان سيدنا سليمان علية وعلى نبينا الصلاة والسلام قد سخرت له الجن كما اخبرنا ربنا (ومن الجن من يعمل بين يديه بأذن ربه) تسخيرا من الله فأين المشكلة في ذلك.

المقدمة الثانية:سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كان عالما غزير العلم و هكذا هم الأنبياء ,ولقد عرفنا إجابته عندما سؤل عن علمه ,أجاب انه اعلم الناس,ولاشك انه كان كذلك لان الأنبياء صادقون فيما يقولون ولا ريب ,ولكن أراد الله سبحانه وتعالى أن يقرر أن هناك أمور تظل خارج حدود علم أي عالم كما قال(وفوق كل ذي علم عليم),فكلف نبيه بمهمة البحث عن سيدنا الخضر علية السلام والجميع يعرف كيف غابت أشياء عن سيدنا موسى وسببت له الحيرة والاستغراب بل والاستنكار وهو النبي الكريم ومن آهل العزم من الرسل.

المقدمة الثالثة:هناك العديد من عيادات العلاج بالأعشاب ( الطب البديل- وهو ليس ببديل لأنه العلاج الأصل)ونرى من يوزع ملصقات الدعاية لهذه العيادات أمام المساجد في كل جمعة ولم نسمع أن أصدرت هيئة العلماء بيان ضد احد منهم,ولو فرضنا أن الطفلة (كساء) لديها واحدة من هذه العيادات المنتشرة في كل المحافظات(لكنها ليست شقة فاخرة ولوحة موبيز) فهل كان الأمر يستدعي إقحام علماء تعز في موضوع ليس بجديد, واصدر هذا البيان والذي تضمن أحكاما ليست منطقية وأبرزها وصف طفلة بالكاهنة والمحتالة وهي لا تعرف حتى معاني هذه المفردات.
إذا ما الذي أقحم علماء تعز في هذا؟ هل أصبح كل شيء في تعز ........؟ وما هو الجديد في الأمر؟
أقول لكم ما هو الجديد...الجديد يا سادة أن كثرة الحشود أمام منزل هذه الطفلة التي قصدها حتى أناس من دول الخليج وتوافدوا عليها في زمن قياسي قصير جدا ,هذا هو الفرق في الظاهر بينها وبين عيادات الطب بالأعشاب الأخرى .
وهذا يقودنا إلى طرح سؤال أخر,ما هو سر هذه الحشود وإقبال الناس عليها؟ وهل كل هذه الحشود هم مصابون بأمراض نفسية؟ كما قيل في بيان العلماء .. مع الأسف؟
الحقيقة أن حكاية الطفلة المباركة كسا هي اكبر من مدركات عقولنا جميعا ويجب أن نعترف أولا بذلك قبل أن ندعى علمنا بكل شيء.
المؤكد أن الناس بدأت تشعر بالاستفادة مما وهب الله هذه الطفلة . وقبل أن نكون بارعين في إصدار الأحكام المرتجلة علينا إصدار بيانات العاجز عن فهم ما عند الله
وفهم مقامات الخلق عند ربهم كانوا علماء أو غير علماء صغار أو كبار فقراء أو أغنياء .
والمهم كان من الواجب إجراء استقصاء بين الحالات التي تحقق لها الشفا, وإخضاعها للبحث العلمي و ألمختبري وبما يتناسب مع كل حاله , وإذا تأكد لنا تحقق الشفاء علينا أن نحمد الله الذي اوجد مثل هذه الطفلة المباركة بيننا ويصبح من واجب العلماء حينئذ جلب المصلحة للناس ودرء المفسدة عنهم(ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)