الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

أهداف ثورة سبتمبر والجمهورية الرابعة

د. عبدالله أبو الغيث
الاربعاء ، ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٥٠ مساءً
اقترحت في مقال سابق بعنوان (اليمن الجمهوري..نصف قرن من الصراع) تقسيم العصر الجمهوري في اليمن إلى أربع جمهوريات، بحيث تتمثل الجمهورية الأولى بالجمهورية العربية اليمنية التي قامت في الشطر الشمالي قبل الوحدة وكانت وليدة لثورة سبتمبر. أما الجمهورية الثانية فتتمثل بجمهورية اليمن الديمقراطية التي قامت في الشطر الجنوبي إثر ثورة أكتوبر ورحيل الاستعمار البريطاني. بينما تتمثل الجمهورية الثالثة بالجمهورية اليمنية التي ارتبط قيامها بإعلان الوحدة. ثم دخلت اليمن في عصر الجمهورية الرابعة عقب انتخاب الرئيس هادي في فبراير المنصرم بعد عام من اشتعال الثورة الشبابية الشعبية في اليمن.

ورغم مرور نصف قرن على قيام ثورة سبتمبر إلا أن الجزء الأكبر من أهدافها الستة لم يتحقق حتى اليوم، لأسباب عدة؛ أبرزها الصراعات السياسية والعسكرية التي شهدتها اليمن خلال الفترة المنصرمة، إلى جانب هيمنة بعض قوى الفساد والاستبداد على مقدرات البلد وتسخيرها لمصالحها الضيقة بعيداً عن المصلحة العليا للوطن.
فإذا بدأنا بالهدف الأول الذي يتحدث عن إقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، سنجد أن العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية ما زالت هي الضالة المفقودة التي ينشدها المواطن اليمني حتى اليوم، أما الفوارق والامتيازات بين الطبقات فقد توسعت وكبرت عما كانت عليه زمن قيام ثورة سبتمبر، وأصبحت الإحصائيات المفجعة تتحدث عن امتلاك 5% من السكان ل 95% من الثروة، والعكس صحيح.

أما حديث الهدف الثاني عن بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد فحدث ولا حرج، حيث صحى الشعب اليمني على جيش أسري قبلي مناطقي، يمكن لنا أن نصفه بكل الأوصاف، غير وصف أنه وطني أو مسخر لحماية البلاد، وذلك باعتراف صريح سمعناه في خطاب للرئيس السابق في ساعة نشوة وتجلي.

وبالنسبة لنص الهدف الثالث على رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً فقد صار شيء للتندر والسخرية، حيث أصبح معظم أبناء الشعب تحت خط الفقر، وكثير منهم بات يأكل من براميل القمامة، أما الجانب الاجتماعي فقد هوت قيم المجتمع إلى الحضيض، وصار الإنسان الوصولي المبتذل الناهب لحقوق غيره في نظر المجتمع رجل وأحمر عين، بينما الإنسان المحترم السوي الملتزم بالقوانين والأنظمة ينظر إليه على أنه إنسان عاجز وضعيف لا يأبه له.

وينطبق الأمر أيضاً على الجانب السياسي حيث صارت السياسة في اليمن وجه آخر للخداع والغدر، وذلك ما جعلها تأخذ تعريفاً لدى اليمنيين بكونها "لعص أحذية!" بعيداً عن تعريفها العالمي باعتبارها "فن الممكن". وهو ما يمكن أن نسقطه أيضاً على الهدف الرابع وحديثه عن إنشاء مجتمع ديمقراطي، حيث فهم كل طرف في اليمن بأن الديمقراطية مهمتها إيصاله للسلطة؛ أما إن أوصلت غيره فهي ديمقراطية مرفوضة، وبتنا نشاهد أحزابنا السياسية تدار بعقلية شيخ القبيلة، رغم كونها أداة لممارسة الديمقراطية وتكريس التداول السلمي للسلطة.

وفيما يخص حديث الهدف الخامس عن تحقيق الوحدة الوطنية فنستطيع القول أن اليمن كانت عند إعلان هذا الهف عبارة عن شعب واحد يعيش في شطرين، بينما أصبحت اليوم عبارة عن دولة واحدة عرضة للتشظي إلى أشطار عديدة، وتعالت الحواجز النفسية بين أبناء شعبها، وصار هناك من ينكر حتى هويته اليمنية.

نصل أخيراً للهدف السادس الذي يتحدث عن احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حيث صار توقيع الدولة اليمنية عليها مجرد حبر على ورق، وكيف نحترم المواثيق الدولية إذا كنا أصلاً نضرب بقوانيننا الوطنية عرض الحائط.

خلاصة القول: إن الاختلالات والمعايير الخاطئة التي حكمت اليمنيين خلال الجمهوريات الثلاث السابقة لن يقبل الشعب اليمني أن تحكمه في عصر الجمهورية الرابعة، التي ينتظر منها أن تعيد الأمور لنصابها الطبيعي، بعملها على تحقيق دولة يمنية مدنية ديمقراطية رشيدة مزدهرة وموحدة، تحق للناس أحلامهم في الحرية والعدالة والعيش الكريم، وتوفر لهم الفرص المتساوية، وتضع المعايير السليمة لتنافسهم وتفجير طاقاتهم الابداعية، ساعتها فقط يمكننا الحديث بأن أهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر وفبراير قد تحققت على أرض الواقع.