الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٤ مساءً

قطيف الخير ..نخلة بين سيفين

إيمان ناعس
السبت ، ٠٤ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ مساءً
لا تعرف القطيف عن أية وطنية يتحدث اليوم أرباب القلم والصحافة المأجورة؟!ولو زارتها عيون الصحافة ومرآتها لرأت الوطنية الحقة تتجسد في قلوب أصحابها. فالقطيف لم تعرف قط وطنية الولاء للدرهم والدينار، إن سألت عن الوطنية فاسأل النخلة عن ولائها للأرض وعيون الماء، واسأل من اعتاش على أعتاب قلعة القطيف من القبائل التي صلاها هجير الصحراء أي حب للأرض يسكن قلب القطيفي؟ وسله عن عيونها النابضة التي لا تبخل على أحد قط.وسلوا التاريخ هل فارقت وجوه أهل القطيف ابتسامة العطاء.

لو يعلم الذين أمطروا هذه الأرض وأهلها بوابل الخيانة ما معنى الوطن لأدركوا أن الذين رووا قطيفهم بدماء قلوبهم ولم يشتروا ولاءهم بحفنة من الدولارات هم في صميم الوطنية ويجسدون أعلى درجاتها.لا تسألوا هؤلاء الذين تغتسل أرجلهم وقلوبهم بمياه الخليج كل صباح عن الولاء للأوطان،وسلوا قطّاع الطرق عن معنى الحقد والانتقام،وسلو النهابة الذين يعتاشون على خيرات غيرهم ويفاخرون بها عن أصول بيع الذمم والولاءات.حنين الأوطان لا تعرفه رمال الصحراء فلا تسألوا من تخنقه العبرة حين يدفن الطمع شبراً من بحار قلبه المعطاءة عن الغزو ومحميات الملوك والأمراء.

أيها المترفون المتاجرون بالوطنية وبالشعارات الزائفة هل رأيتم وطنية أقوى وأعلى من دمعة تخرج من قلب مزارع يحب أرضه لترتوي نخلته الباسقة، هل رأيتم وطنية أعلى من شيوخ وشباب يحفرون بأناملهم عيون القطيف التي غارت ليعيدوا لها الحياة.من هو الوطني أيها الزائفون الراحلون في ربوع الصحارى؟ ألم يكن القطيفي مأوىً لكم من هجير هذه الصحراء الغادرة؟ سل التاريخ عن القطيفي هل تزحزحت قدمه عن أرضها منذ آلاف السنين ؟

إن ولاء أهل القطيف لم يكن يوماً لغير تراب أرضهم،وقتل شبابها لم يكن من اليوم أو من لحظة الخيانة المفتعلة،بل ولم يكن من اللحظة التي أفتى فيها بن جبرين باستباحة دم الشيعي قبل عقود،بل ولم يبدأ من اللحظة التي خرجت فيها إيران ثائرة على الملكية المتجبرة،بل ولم يكن من اللحظة التي دخل فيها ابن سعود القطيف والأحساء غازياً ليقتل شبابها وشيوخها العزل بحجة الأمن والأمان، ولم يكن من تلك اللحظة الغادرة التي اغتيل فيها عمدة القطيف بليل.إن قتل القطيفي "الرافضي" اليوم هو حصيلة كل سنوات الاحتقار للبحارنة على امتداد القرون الفائتة، حين كان البدو يغيرون على حواضرهم ليشربوا ويأكلوا منها ويعودوا غانمين من تمرها ورطبها وحلالها وحليب أنعامها وأياديهم ملطخة بالدماء.

إن اتهامكم اليوم بالعمالة ليس جديداً إلا على الصحافة التي لم تكن يوماً تعرف القطيف ولم تكن تعلم بغارات البدو الجائعة التائهة في وسط الصحراء،أين هو الصحفي الحر ليدخل لقلوب أهل القطيف ليرى أن جرحهم الغائر من مائة عام قد عاد وانفتق من جديد؟ أين هو الكاتب المنصف الذي يتحدث عن قلعة القطيف الشامخة التي كانت تتصدى لبنادق البارود تحفظ أبناءها ونساءها من غارات النهب والسلب،وكيف تشكلت تلك القلعة في وعي أبنائها من جديد.اتهامكم بالعمالة هو نفسه الرمح الذي انغرس في قلب القطيفي قبل مئة عام حين رفض أن يعطي ما يملك حلالاً لقاطع الطريق.

عن أي أجندة تتحدثون ، سلوا النهابة بأي أجندة قتلت الشيوخ والشباب في الأحساء حين اجتاحوها بحجة توحيد الوطن، سلوهم لمن أعطوا ولاءهم حتى يحصلوا على البندق والبارود، لا تسألوا القطيفي عن ولائه وقد أعطى دمه لأرضه وأنتم شاهدون.

دعوا القطيف وشأنها أيها المترفون المتاجرون بالدين والحبر والقلم لأنها أهدتكم مئة عام لتثبوا لها أنها في وطن، دعوها لأن نخلتها ماتت وهي تستنشق الحقد والكراهية ولم تتنفس بسيفي الإرهاب والطائفية نسيم الحرية معكم قط ،حق للقطيف اليوم أن تنعتق من بريق سيوفكم لتعود حرة كما كانت... بين بحرين.