الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٧ صباحاً

الهروب للأمام.. خلاصة مائة عام

أحمد الوشلي
الثلاثاء ، ١٤ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
قبل مائة عام ( تقريباً ) قام الشريف حسين بقيادة الثورة العربية الكبرى ضد ما كان حينها يُعتبر الإحتلال العثماني للبلاد العربية ، وصحيح أن تلك الثورة نجحت في إخراجنا من السيطرة العثمانية على البلاد العربية ، لكنها ( أي تلك الثورة - أو ما يصح أن نطلق عليها الآن الخديعة العربية الكبرى - ) لم تنجح في إقامة خلافة إسلامية بقيادة عربية ؛ بل إننا بعدها دخلنا في فلك الوصاية المباشرة وغير المباشرة للإستعمار الغربي .. ونتج عنها تشكل دول قطرية وتقسيم الوطن العربي .. فالشريف حسين لا هو الذي صبر على الخلافة العثمانية ( رغم عيوبها الكثيرة ) ولا هو الذي أقام خلافة إسلامية بقيادة عربية كما كان يتمنى .

ونحن اليوم بثورات ربيعنا العربي نجحنا حتى الآن ( نسبياً ) في إنهاء الأنظمة القمعية السابقة ولكن السؤال هل سننجح في مواصلة المسيرة أم أن طريقنا لن يكون مفروشاً بالورد بل سيكون مملوءاً بالبارود ؟؟!!

وهنا أريد أن أستعرض بعض المحطات التاريخية خلال المائة عام الماضية لعلنا نستخلص منها العِبر ولا نكرر أخطاءها في المائة سنة القادمة .

* في النصف الأول من القرن العشرين ( قبل وبعد) ثورة الشريف حسين كانت هناك نهضة فكرية لم يكن يعلم روادها الأوائل من النخبة كالإمام محمد عبده و جمال الدين الأفغاني أن الشعوب العربية لن تستفيد من ثمار تلك النهضة بمجرد وصول العسكر ( الجهلة ) بثوراتهم وإنقلاباتهم إلى سدَّة الحكم وإجهاضهم لتلك النهضة الفكرية وقيامهم بإنهاء تجربة أنظمة ليبرالية ( مصر والعراق كمثال ) وأقاموا أنظمة حكم قمعية مستخدمين ومستغلين ذريعة وشعار ( لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ) .

* بعد أن تآكلت شرعية تلك الأنظمة العسكرية القائمة على التغني بالوحدة والقومية العربية وبوعد شعوبها بأنها ستقضي على الدولة الصهيونية فلا هذا حصل ولا ذاكَ تم ، لذلك بدأت تلك الأنظمة في الربع الأخير من القرن العشرين بإستخدام الديمقراطية ( الشكلية ) كواجهة جديدة لكسب الشرعية ، أو بالهروب للأمام بإفتعال أزمات ومشاكل فيما بينها أوبشن حروب ضد جيرانها ( حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران كمثال ) .
( ويا خوفي .. يا خوفي أن نتجه الآن إلى حرب مذهبية ( بالوكالة ) بين السنة والشيعة تحت يافطة الدين كما كانت في ثمانينات القرن الماضي تحت يافطة الدفاع عن البوابة الشرقية للقومية العربية ) .

* الآن نحن في مرحلة خروج الشعوب المقهورة والمظلومة والفقيرة على تلك الأنظمة القمعية .. وللأسف الشعوب نالت حريتها ولكنها ما زالت جاهلة بمصلحتها وبما يُخطّط لها .. وها نحن نعود للمربع الأول وهو أننا نلنا حريتنا كما نلناها بعد الثورة العربية الكبرى لكن الذي حصل بعد ذلك أدخلنا في عبودية جديدة .. وفوق هذا ليس لدينا الآن نخبة فكرية متنورة و( مؤثرة ) تستطيع أن تقودنا في المرحلة المقبلة ، معنا فقط أناس يخاطبون الغرائز المذهبية والدينية ويوعدونا بإقامة الخلافة الإسلامية من جديد وكأن بعضنا لم يخرج عليها منذ زمن بعيد !! .

* أنا أتمنى أن تنجح الحكومات الإسلامية التي وصلت وستصل للحكم في مواجهة متطلبات المرحلة وأن تنجح ( حصراً ) في مجالات الحريات والتعليم والتنمية والإقتصاد لتُثبت لنا صحة شعارها المرفوع ( الإسلام هو الحل ) ( هذا إذا كانت تلك الحركات والأحزاب تفهم وتُدرك جوهر وروح الإسلام أصلاً !! ) .

* إذا نجحت كان بها ؛ أما إذا فشلت أو تقاعست في تحقيق التنمية والرفاه لشعوبها فسنكون أمام إحتمالات مفتوحة أهمها :

1 - إما أن تقوم الشعوب بثورات جديدة ضد الحكومات الإسلامية وندخل مرحلة إقامة نُظُم حُكم علمانية ( دول مدنية بمعنى الكلمة ) .
2 - أو أن تهرب ( تقفز ) تلك الحكومات الإسلامية للأمام بسبب فشلها ومتهربةً من إلتزاماتها ووعودها وتبدأ باللجوء إلى إفتعال أزمات وإختراع عدو ( كما كانت تفعل الأنظمة العسكرية القومية في السابق ) لكن هذه المرة ستكون الأزمات وسيكون العدو ذات صبغة مذهبية ودينية وطائفية .

ويا ربِّ ألطف بعبادك .. ولا تحوِّل ربيعنا العربي إلى صيف أو شتاء .