الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٢ صباحاً

هادي.. بين مطرقة الماضي وسندان المرحلة الانتقالية..

محمد حمود الفقيه
الأحد ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
أخيرا كلف نائب رئيس الجمهورية اللواء عبد ربه منصور هادي بمهام وصلاحيات رئيس الجمهورية ، في ادارة البلاد ، ولا شك أنها مرحلة صعبة وشاقة جدا ، حيث ترك له الرئيس السابق إرثا كبيرا من الفوضى والعبثية التي حلت باليمن في عهد صالح لا سيما خلال التسعة الأشهر الأخيرة ، فهادي الآن على مفترق ثلاثة تحديات، الخوف من النظام السابق، والعمل مع المعارضة ، ومواجهة الاحتجاجات .

كلنا يعلم ان هادي كان يتعامل مع صالح بحكمة وحذر شديدين وخاصة منذ اندلاع الثورة ، نستطيع القول انه قد كان( آمن بقلبه ) بالثورة السلمية ولكنه يعلم ان صالح قد لا يتورع في النيل منه إذا ما أعلن إيمانه!!!ولهذا فقد كنا نسمع خلال الشهور الماضية من بعض المصادر بالمحاولات المستمرة لاغتياله .

كان عبدربه منصور في السنوات الماضية يظهر مجاملا بارعا للرئيس صالح ، رغم قناعاته ان وضع اليمن ليس بالاتجاه الصحيح ، خاصة مع تفشي ظهور الفساد بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن ، لكنه ليس له حول ولا قوة ، فكان أسيرا للمصالح والمجاملات من جهة والخوف على حياته من جهة أخرى ، وقد استخدمه صالح في أكثر من مره بعد ظهور الحراك الجنوبي السلمي ضد النظام المطالب باسترداد حقوق الجنوبيون ، غير انه فشل في إخماد الحراك ، وذلك لأسباب متعددة ، منها : يعرف هادي جيدا اللعب السياسية التي يمارسها علي عبد الله صالح تجاه المحيطين به ، تارة باغرائهم بالمصالح الكبيرة ، وأخري بانتهاج سياسة -حرق الشخصيات البارزة - كان بأمكان هادي ان يحل القضية الجنوبية إذا مازاح صالح جانبا في حلها ، لكنه يعرف ان وقتها ليس (الآن ) حينذاك .

إذا كيف سيستطيع عبد ربه ان ينئأبنفسة بعيدا عن النظام السابق ، ويتخلص من ماضيه المحسوب على الحزب الحاكم سابقا أيضا ، وهذا سيتضح من خلال مدى جديته نحو التغيير الفعلي الذي ينشده اليمنيون ، والمشكلة المهمة التي سيواجهها هادي في هذه المرحلة ، هي الكيفية التي سيتعامل بها مع أقرباء صالح الذين يمسكون بزمام مؤسسات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقومي ، وهذه برأيي ستكون أصعب مرحلة سيمر بها نائب الرئيس ، فعملية انتزاعهم من مناصبهم وهذه من مطالب أساسية للثورة السلمية ليست أقل من عملية انتزاع صلاحيات الرئيس التي استغرقت نحو تسعة أشهر من الاحتجاجات .

والقضية الثانية : هي كيف سيتعامل هادي مع الاحتجاجات المستمرة والتي كان الشباب قد أعلنوا عن استمرارها حتى تحقيق مطالبهم ، وهنا يحتاج الأمر الى التفكير بموضوعية في هذا الجانب ، يمكن القول ان الاحتجاجت لن تهدأ حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفترة الانتقالية الأولى ، وبالتالي فعودة الشباب الى بيوتهم مرهون بتقديم الذين سفكوا دماء الشهداء للمحاكمة أمام القضاء[ الانتقالي ] وهذا وحده الذي سيكون كفيل بإنهاء الاحتجاجات ، فهناك شهداء وهناك أولياء دم كما هنالك مجرمون يجب ان يحاكموا ، فلا بد لهادي ان يفكر مليا في هذه النقطة حتى لو اضطره الأمر الى الاستقالة في حالة عدم انجاز هذه المهمة .

القضية الثالثة من مفترق الطرق هي : الشراكة العملية مع المعارضة الطرف الأخير في توقيع المبادرة الخليجية في ادارة المرحلة الانتقالية ، وهذه العلاقة التي نعتبرها بالجديدة - علاقة النائب مع المعارضة - تحتاج الى شراكة سياسية حقيقية بعيدا عن إرث الماضي الذي خلفه النظام المخلوع ، تحتاج الى ان يتجرد هادي من المجاملات التي كان يمارسها لضمان بقائه مع علي عبد الله صالح ، في هذه المرحلة هادي أحوج الى المعارضة من احتياجه الى ماضيه المتمثل بدوره كامينا عاما للحزب الحاكم ، ولابد له ان يعي ان تكون المسافة بينه وبين المعارضة أقرب منها مع المؤتمر الشعبي العام ، لأنه في الوقت الحالي ، المعارضة لديها ورقة قوية تستطيع بها المناورة مع هادي لتجنبه أخطاء من قبله ، هذه الورقة هي الشارع الذي لم يهدأ له بال حتى اللحظة ، ففي حالة انحراف هادي عن مبادئ الآلية التنفيذية وتطبيقها في الواقع فإن على المعارضة ان تدعو الى خروج شعبي عارم ، ولربما ادى ذلك الى إسقاط المبادرة الخليجية على غرار وثيقة العهد والاتفاق التي كانت بين علي سالم وعلي عبد الله صالح الرئيس السابق لليمن ...