الرئيسية / تقارير وحوارات / سفير السودان لدى الأمم المتحدة يكشف عن مؤامرة لتحويل اليمن إلى سوريا جديدة
سفير السودان لدى الأمم المتحدة يكشف عن مؤامرة لتحويل اليمن إلى سوريا جديدة

سفير السودان لدى الأمم المتحدة يكشف عن مؤامرة لتحويل اليمن إلى سوريا جديدة

26 سبتمبر 2016 09:13 مساء (يمن برس)
في كواليس الدورة 33 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، تدور نقاشات واجتماعات بين مجموعة السفراء العرب في الأمم المتحدة من جهة، والدول الأوروبية والولايات المتحدة من جهة أخرى. شكّلت لجنة دولية سميت لجنة 5+5 من سفراء خمس دول عربية وخمس أوروبية والولايات المتحدة لدراسة الحالة اليمنية وإصدار قرار خلال هذا الأسبوع، إذ تحاول دول غربية فرض قرار جديد إما بتشكيل لجنة تحقيق دولية، أو إرسال خبير دولي دائم لرفع تقارير بالانتهاكات في اليمن. وفيما رفضت المجموعة العربية تلك المشاريع، ما زال الضغط قائماً لتمريرها. حول هذه التفاصيل، يتحدث رئيس المجموعة العربية أو مجموعة سفراء الدول العربية في جنيف، السفير السوداني في الأمم المتحدة مصطفى عثمان إسماعيل لـ"العربي الجديد"، كاشفاً تفاصيل ما يدور في الكواليس.

أين بدأت الإشكالية الأساسية في الملف اليمني لتصل إلى المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق؟

الإشكالية الأساسية هي أن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان نشر تقريراً سيئاً، وطالب بتشكيل لجنة دولية وإرسال هذه اللجنة إلى اليمن للتحقيق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. كان هناك قرار سابق في العام الماضي في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في دورته السابقة، وصدر قرار يطالب المفوض السامي بمساندة اللجنة الوطنية للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي شكّلها الرئيس اليمني، وقامت المملكة العربية السعودية بصرف قرابة المليون دولار حتى يتم تقديم المساعدة للجنة الوطنية، ولكن لم تُقدّم أي مساعدة. النقطة الثانية هي أن تقرير المفوض السامي لم يتحدث عن تقرير اللجنة الوطنية وأهمله، وقفز مباشرة وتحدث عن أهمية إرسال لجنة تحقيق دولية. والنقطة الثالثة هي أن تقرير المفوض السامي يفترض قبل أن ينشر، أن يتم عرضه على الجهات المعنية التي هي اليمن، ولكنه لم يعرض على الحكومة اليمنية، وتم إطلاقه في مؤتمر صحافي. وكل هذه المعطيات نعتبرها تجاوزات من مكتب المفوض السامي، قادت إلى هذا الاحتقان الذي نشهده في موضوع حقوق الإنسان في اليمن.

بعد ذلك ما الذي قامت به المجموعة العربية حيال التقرير وحيال هذه المطالب؟

المجموعة العربية اجتمعت وأعدّت مشروع قرار حول اليمن تحت البند العاشر الذي هو بند المساعدات الفنية، ومشروع القرار مبني على اللجنة الوطنية التي شكّلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، للتحقيق في موضوع حقوق الإنسان في اليمن. واعترضت المجموعة العربية أولاً على نشر التقرير قبل أوانه ثم المطالبة بلجنة دولية، بينما اللجنة الوطنية لم تكمل عملها، وهي قد أنشئت حديثاً، والرئيس هادي مدد عمل هذه اللجنة لسنة أخرى حتى تكمل عملها. الأوروبيون والولايات المتحدة قدّموا مشروع قرار قائماً على تدويل موضوع حقوق الإنسان في اليمن، فيما نحن حين أعددنا مشروع القرار بتفويض من المجموعة العربية للسفير السوداني باعتباره رئيس المجموعة العربية، والسفير المصري، والسفير السعودي، والسفير القطري، والسفير اليمني. ومن الجانب الآخر السفير الهولندي على اعتبار أنه مسؤول الملف اليمني في الغرب، وسفراء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، بمعنى خمسة زائد خمسة، ومجموعة 5+5 اجتمعت خمس أو ست مرات خلال أسبوع واحد وعلى مستوى الخبراء.

نحن -ممثلي المجموعة العربية- ما زال موقفنا ثابتاً بأن اللجنة الوطنية تؤدي عملها، ولسنا بحاجة للجان دولية، والمطلوب فقط هو تقديم المساعدات الفنية واللوجستية حتى تقوم بعملها، ويساعدها في ذلك مكتب المفوض السامي هنا، وكذلك مندوب الأمم المتحدة المتواجد في صنعاء. لكن المجموعة الغربية في كل مرة بضغط من المنظمات غير الرسمية تأتي بإصرار أن تضيف فقرات لتدويل العملية، لكن المجموعة العربية كانت صامدة جداً ومتفقة ومتماسكة أنها لن تقبل بأي لجنة تحقيق دولية، ونقبل المساندة للجنة الوطنية فقط.

إلى أين وصل النقاش حول رؤيتي المجموعتين؟

ربما بدأ الغربيون يتفهمون هذا الوضع بعد الإصرار العربي، وسحبوا مقترح تشكيل لجنة دولية للتحقيق، ثم تراجعوا بعد ذلك عن هذا المقترح إلى مقترح آخر؛ وهو ينص على إمكانية إرسال خبير دولي، ولكن هذا الخبير يكون له الحق في التحقيق ويرفع تقريره. ورفضنا أيضاً هذا المقترح كونه نوعا من التدويل. نحن نقبل بخبير يساعد اللجنة الوطنية، ولكن لا نقبل بخبير مستقل يقدّم تقريراً لوحده. طبعاً هم رفعوا مشروع قرار تحت البند الثاني المتعلق بالتحقيقات في الانتهاكات، ونحن رفعنا مشروع قرار تحت البند العاشر المتعلق بالمساعدات الفنية، وهناك فرصة من اليوم وحتى الثلاثاء المقبل، إذا اتفقنا على مشروع قرار بأن يسحبوا مشروع قرارهم. لكن أرى أن المسافة ما زالت بعيدة، ويجب على الغرب تفهّم أنه يجب ألا نعطي إشارة للحوثيين ومجموعتهم بأنهم متساوون مع الحكومة الشرعية، ويجب ألا نعطي فرصة للمجتمع الدولي في أن يرسل هذه الإشارة.

هل هناك آمال كبيرة بأن يتم القبول بمقترحكم حول القرار العربي لدعم اللجنة الوطنية؟

أقول لك بكل ثقة كوني رئيس المجموعة العربية، مستحيل أن نقبل بتشكيل لجان تحقيق في اليمن تأخذ صبغة دولية، أقصى ما يمكن أن نفعله هو إعادة تكليف اللجنة الوطنية، ويمكن أن نقبل بأن تتلقى دعماً من مكتب المفوض، ونحن أيضاً ندعمها بمزيد من الموظفين، وممكن جداً أن يكون هناك دور لمندوب الأمين العام للأمم المتحدة الموجود في صنعاء، لكن المرجعية للتقرير هي اللجنة الوطنية، وهي المخولة بتقديم التقرير.

لماذا كل هذه المخاوف؟

أخشى أن تحوّل الدول الغربية موضوع اليمن إلى ما يشبه موضوع سورية، تحويل القضية إلى قضية حقوق إنسان، فيما الحرب مصدرها الإشكالية السياسية. الحرب توقع ضحايا بالتأكيد، لكن نحن نحاول أن نضع حداً للإشكالية، كون التفاصيل موجودة بين أيدينا بكل وضوح، وهو أنه لدينا حكومة شرعية، والحكومة هي من تقوم بإدارة البلد بناء على قوانين، وتقوم بالتنمية، ولذلك التركيز الأول يجب أن يكون بهذا الشأن. الحكومة الشرعية انتُزعت منها صلاحياتها واختُطفت وحدث انقلاب، الأصل هو أن نعيد الحكومة الشرعية إلى مكانها الطبيعي. لكن الغرب الآن بدلاً من أن يُركّز على عودة الحكومة الشرعية وعلى إنهاء الانقلاب، يتحدث عن قضية حقوق الإنسان، مثل القضية السورية التي حوّلها إلى قضية لاجئين وإرهاب وغيرها، بينما النزيف السوري مستمر. نحن لسنا مستعدين لأن ندخل في هذا النفق، اليمن يُدمّر والشعب اليمني تم تحويله إلى نازحين ولاجئين في الداخل والخارج، والمجتمع الدولي يتعامل مع الحكومة الشرعية كما يتعامل مع الحوثيين، وهذا غير مقبول، لذلك أتمنى من الجميع أن ينتبهوا إلى ذلك. أقول هذا والسودان لديه قوات مشاركة مع التحالف العربي، وهذا كله لم يحدث إلا بعد انتزاع الشرعية من الحكومة، لذلك لا مجال أن نقبل هنا بلجنة دولية، لأنها ستُدخلنا في متاهات كتلك التي في سورية وليبيا وغيرها.

هل تتابعون عمل اللجنة الوطنية في الأساس؟

نحن استمعنا إلى اللجنة الوطنية التي جاءت إلى هنا وقامت بعمل كبير، وقدّمت تقريراً أولياً، وأيضاً الحكومة الشرعية أرسلت ممثليها، فحضر إلى هنا نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، والتقى بالسفراء الغربيين والمفوض السامي، وشرح له الوضع في اليمن والجهود المبذولة من قِبل اللجنة الوطنية. وحالياً يوجد هنا وزير حقوق الإنسان عز الدين الأصبحي، وقد شارك في أحد الاجتماعات مع مجموعة 5+5 وشرح للسفراء الغربيين الواقع في اليمن، بالطبع السفراء عليهم ضغط من جهات أخرى بعضها منظمات وقد تكون بعضها من دول أيضاً، تريد إدخال اليمن في نفق التحقيقات الدولية، وأنا في تقديري إذا دخلنا في هذا النفق لن ننتهي، وستتحول القضية اليمنية إلى قضية حقوق ونازحين ولاجئين وغذاء وغيرها بعيداً عن الأسباب والمشكلة الحقيقية. لدينا تجربة في سورية، لن نكررها في اليمن.

الشأن الوطني شأن يخص اليمن، وفي اليمن هناك حكومة شرعية، والشرعية شكّلت لجنة مستقلة وحتى الآن لم تكمل عملها، فتقييمي أننا سنصل مع السفراء الغربيين إلى توحيد الرؤية وسنقدّم مشروع قرار بشرط ألا يؤدي إلى التدويل، وأن يقوم على اللجنة الوطنية وتقديم دعم لها بواسطة المفوض السامي ومندوب الأمم المتحدة في اليمن، ولكن يبقى الأصل هو اللجنة الوطنية، فهي من تحقق وهي من تقدّم تقريرها في الاجتماع المقبل. وأعتقد هذا هو الذي سيحدث في النهاية.

هل المجموعة العربية متماسكة إزاء القضية اليمنية؟

أستطيع القول إن المجموعة العربية متماسكة بنسبة تقارب المائة في المائة، إلى الآن هناك احتواء لأي تباينات قد تحصل وذلك داخل المجموعة والبيت العربي، وحين نذهب للنقاش مع المجموعة الأخرى نناقشها بطرح واحد. أعتقد شخصياً أن هناك مؤامرة لتحويل حالة اليمن إلى سورية جديدة، وأقول من بعض وليس كل المجتمع الدولي، بدليل أن القرارات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن لا تُنفذ على الأرض، ثم يريدون إصدار قرارات دولية جديدة. هل يريدون تكبيل اليمن بقرارات دولية في مجال حقوق الإنسان؟ الحكاية فعلاً محيرة، مجلس الأمن هو أكبر مؤسسة دولية، ويفترض أن تكون هذه القرارات الصادرة عنه قيد التنفيذ أو قد نفذت. وأصل القضية هو أن هناك شرعية موجودة في اليمن وهناك توافق على الرئيس هادي، وأيضاً هناك فترة انتقالية وحوار وطني ومبادرة خليجية. من الذي انقلب على كل هذا؟ الأصل أن نرد كل شيء إلى مكانه، بمعنى آخر أن نعيد الشرعية إلى العاصمة صنعاء، وأن نمكّنها من الإمساك بزمام الأمور، ثم نعالج القضية في إطار من الوحدة الوطنية، ووسائل المعالجة موجودة، من مخرجات حوار ومبادرة خليجية وغيرها. يجب أن نعجّل في أمر إعادة الشرعية إلى اليمن، بعد ذلك كل شيء يمكن مناقشته.

هل نستطيع القول إن الملف اليمني هو الأكثر سخونة داخل المجموعة العربية؟

نعم، الملف اليمني هو الأول حالياً بالنسبة لنا، يمكن معظم وقتنا نقضيه في الملف اليمني، صحيح هناك ملفات أخرى كالسودان والصومال والبحرين وليبيا وغيرها، هذه كلها ملفات ساخنة في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، لكن هناك تركيز من الدول الغربية على تدويل الملف اليمني، وهذا إذا نجحنا في أن نوقفه تكون المجموعة العربية قد نجحت في حماية اليمن من متاهات التدويل.

ما مدى التعاون بين الحكومة اليمنية والمجموعة العربية؟

لحسن الحظ الحكومة اليمنية موجودة معنا، بدأنا بلقاء نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، والآن لدينا وزير حقوق الإنسان يعمل معنا ويبذل جهوداً كبيرة، وجاءت أيضاً اللجنة الوطنية بقياداتها وأعضائها، وعقدت لقاءات وقابلت المجموعة العربية، وهناك نشاطات للمجموعات التطوعية. التواصل بيننا وبين اليمن عالٍ جداً، ووزارة الخارجية وحقوق الإنسان تشاركنا في كل القرارات.

كيف تقيّم أداء المنظمات الدولية تجاه الملف اليمني؟

هناك هجمة من قبل عدد من المنظمات التي تدّعي أنها منظمات إنسانية مدعومة من مجموعات غربية تريد أن تُظهر الوضع في اليمن، وكأنه وضع خاص بحقوق الإنسان فقط، وكأنه لا توجد مشكلة سياسية ولا يوجد انقلاب وانتزاع الشرعية من أيدي الحكومة، ويتم تصوير المشكلة فقط على أنها مشكلة حقوق إنسان، وأن قوات التحالف هي من ترتكب انتهاكات فقط. هذا المسلك خطير جداً، فأحد أسباب استمرار الأزمة السورية اليوم هو تحويلها إلى أزمة لاجئين وإرهاب ومتطرفين، ونسيان أصل القضية الذي هو الوضع السياسي الذي هو أساس المشكلة، والذي هو أساس جلب الحرية واحترام حقوق الإنسان.

انظر مثلاً إلى بعض القنوات الفضائية، لا يمر يوم إلا وتعرض تقارير عن أن التحالف العربي ضرب هذه المدرسة وقصف هذا المستشفى. وفي الواقع لا ترى تقارير عن الطرف الآخر، فواضح هناك استهداف مركّز من الإعلام الغربي، والمنظمات الغربية تُركزّ على السعودية وعلى التحالف، وعلى الشرعية. لا يوجد شيء يتم عن جهل بالطبع، العالم يدرك ماذا يجري في اليمن، ولكن تسييس القضايا وازدواجية المعايير، ووضعها في إطار معين هو الذي يقود إلى مثل هذا الوضع. العالم لديه مصالحه، ونحن أيضاً يجب أن تكون لنا مصالحنا، وأهم مصالحنا أن يستقر اليمن وسورية وغيرها.

الناس يتحدثون الآن عن المشروع الإيراني الطائفي، وعن المشروع التركي، والمشروع الغربي للتقسيم، السؤال أين هو المشروع العربي بين هذه المشاريع؟ يجب أن تحتشد النخب العربية وتتبنى مشروعها الخاص، ويجب أن يقوم على مرتكزات أساسية، أهمها الوحدة والأمن والاستقرار والتنمية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون. هذه العوامل يجب أن نمضي فيها لنطوّر حالتنا حتى نصل إلى حالة موحّدة وبمشروع موحّد. نحن في المجموعة العربية في جنيف اتفقنا على ضرورة ألا ننقل خلافاتنا في الوطن العربي إلى هنا، وهو ما حصل بالطبع، نترك خلافاتنا حين نجلس مع الآخرين.

كيف تنظرون إلى دور إيران؟

إيران قوة إقليمية موجودة في المنطقة، ولا نستطيع أن نتصوّر المنطقة من غير إيران، ومثل ما لديها اهتماماتها نحن أيضاً لدينا اهتماماتنا التي يجب أن تُحترم، لذلك نحن نقول لإيران أنت قوة إقليمية نعترف لك بذلك، ولكن لا تتدخلي في شؤوننا، ونحن لدينا مخاوفنا ويجب أن تبددي هذه المخاوف. المخاوف من دورك في العراق وما تسببت به، والمخاوف موجودة من خلال دورك في لبنان وفي سورية واليمن، بددي هذه المخاوف حتى نستطيع أن نمد يدنا للتعاون. وإذا كان لإيران مخاوف منا فلتعلنها.
شارك الخبر