الرئيسية / مال وأعمال / بالأخلاق والشفافية.. كيف تدير النرويج الثروة الهائلة لصندوقها السيادي الأكبر في العالم؟
بالأخلاق والشفافية.. كيف تدير النرويج الثروة الهائلة لصندوقها السيادي الأكبر في العالم؟

بالأخلاق والشفافية.. كيف تدير النرويج الثروة الهائلة لصندوقها السيادي الأكبر في العالم؟

21 سبتمبر 2016 06:45 مساء (يمن برس)
بعدعقدين من الزمان، بدأت دولة النرويج في تعلم كيفية إدارة أكبر صندوق سيادي في العالم، والذي يُستخدم للاستثمار في الخارج، وذلك من خلال مبيعات النفط والغاز الطبيعي.

ويمتلك هذا الصندوق ثروة كبرى لا يتخيلها أي شخص، وذلك بفضل أسعار النفط المرتفعة، بالإضافة إلى فوائد بيع هذا النفط رغم انخفاض أسعاره منذ عامين، وبسبب هذا الانخفاض فقد تأثر حوالي 46% من المدى الكلي المتوقع للنرويج.

ووفقًا لصحيفة “الإكونوميست”، فقد بات صندوق التقاعد الحكومي النرويجي، أكبر صندوق سيادي في العالم بموجودات قدرت بـ 882 مليار دولار، أكثر من ضعف الناتج المحلي، ويمتلك أكثر من 2% من الأسهم المدرجة في أوروبا، وأكثر من 1% على الصعيد العالمي، ومن مقتنياته شركات “ألفا بيت، وآبل، ومايكروسوفت، ونستله”.

وأشارت الصحيفة، إلى أن استقلالية هذا الصندوق غير مضمونة دستوريًا، إلا أنه تمت حمايته كوحدة مستقلة داخل البنك المركزي، كما تشرف عليه وزارة المالية، وتتم مراقبته من قبل البرلمان، ويتم تشغيله على نحو بسيط وشفاف، كما يوجد تفسير كامل بجميع الاستثمارات المتعلقة به على الإنترنت.

وقال يونجفي سلينجستاد، رئيس الصندوق، إن النمو جاء بصورة أسرع مما كان يتوقعه أي شخص، مشيرًا إلى أن الثقة السياسية أسهمت في إنقاذ أكبر قدر ممكن، ولفت إلى أن هناك قاعدة في ميزانية الحكومة توقف سحب أكثر من العوائد السنوية المتوقعة للصندوق، والتي تقدر بنسبة 4% سنويًا.

فيما قال مارتن سكانكي، الذي اعتاد الإشراف على عمليات الصندوق من قبل وزارة المالية، إن هناك نسبة عالية من الثقة داخل مؤسسة الصندوق، بالإضافة إلى مستويات عالية من المساواة والتجانس الثقافي للمؤسسة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المناطق الريفية خرجت من مستوى الفقر منذ جيلين فقط.

وقالت الصحيفة البريطانية، إنه رغم ذلك، فإن القادة النرويجيين يخجلون من التباهي بثرواتهم، مشيرة إلى أن الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا يمثلون 5.2 مليون نسمة من النرويجيين، وهم من بين أغنياء الشعب، كما وصلت الهجرة إلى أعلى معدلاتها أكثر من أي وقت مضى، خاصة عقب تدفق اللاجئين السوريين إلى هناك.

وفي عام 2013، طالب حزب التقدم الشعبي، المناهض للهجرة في النرويج، بضرورة إنفاق المزيد من عائدات النفط داخل الوطن، إلا أن المسؤول عن وزارة المالية آنذاك، طالب بعدم المبالغة بالتفاخر.

لكن في النصف الأول من هذا العام، سحبت الحكومة للمرّة الأولى من عائدات النفط في صندوق السيادة، والتي بلغت 45 مليار دولار؛ ما يعني أن رأس مال عائدات النفط في الصندوق انخفض قليلاً.

وقال السيد “سلنجستاد”، المقرب من الصندوق: “من المبكر جدًا أن نرى تجاها على المدى الطويل، ولكن البعض قلقون”، وأضاف “من الصعب جدًا الحصول على مبلغ ضخم من المال، وفي الوقت نفسه تشدّ الحزام الخاص بك”.

فرص ضائعة

وفي السياق، يقول سوني كابور، أحد أبرز المنتقدين للصندوق، إن الصندوق “غافل”، وذلك بسبب عدم الاستثمار العقد الماضي في الأسواق التي كانت متعطشة للمال والناشئة، التي تعاني من تجاهل الأصول غير المدرجة في البورصة، مثل البنية التحتية.

وأضاف، أن الصندوق خسر حوالي من 100 إلى 150 مليار دولار نتيجة لذلك. والأسوأ من ذلك، كما يقول، أن الصندوق قد يتعرض لمخاطر عالية، بسبب تركيز أصوله في الاقتصادات الغنية.

على الجانب الآخر، المدافعون عن إستراتيجية الصندوق يرفضون هذه الانتقادات، معتبرين أن الدول الفقيرة غالبًا ما تقدم عددًا قليلاً جدًا من الفرص الاستثمارية الكبيرة والمناسبة. ولكن ليس هذا هو الانتقاد الوحيد من السيد كابور وغيره من المعارضين.

استثمارات أخلاقية

ومن بين الانتقادات التي توجه للصندوق، رفضه الاستثمار في منتجات بداعي أنها “غير أخلاقية”، مثل التبغ والأسلحة، كما أن هناك مخاوف كبيرة تتعلق بالفساد، خاصة من قبل شركات المياه والطاقة، واستفادتهم من عمالة الأطفال.

وقد صدرت تعليمات الصندوق من قبل البرلمان للمساعدة في مكافحة تغير المناخ، من بينها أن يكون 1% من الشركات التي يتعامل معها الصندوق “خضراء”، واستبعاد الشركات التي تعمل في الملوثات الثقيلة، وشركات تشارك في إزالة الغابات وهذا العام، تم ضمّ شركات الفحم.

هذه القيود خلقت معضلات للصندوق، لاسيما وأنه لا زال يستثمر في مجال النفط، وعلى سبيل المثال “رويال داتش شل” هي واحدة من أكبر حيازاته، ويقول مستشاره الأخلاقي، إن بوسع الصندوق تحقيق المزيد من خلال تشجيع الممارسات الجيدة داخل شركات النفط، لكن المستشار السابق يعترف بأن قيود المساهمة في تغيير المناخ يجعل مثل هذه الاستثمارات “متناقضة”.
 
شارك الخبر