الرئيسية / تقارير وحوارات / السعودية تسعى لتحول اجتماعي بالتوازي مع خطط الإصلاح الاقتصادي (تحليل)
السعودية تسعى لتحول اجتماعي بالتوازي مع خطط الإصلاح الاقتصادي (تحليل)

السعودية تسعى لتحول اجتماعي بالتوازي مع خطط الإصلاح الاقتصادي (تحليل)

08 يونيو 2016 09:25 مساء (يمن برس)
تتوازى مع خطط السعودية الواسعة لإصلاح اقتصادها في السنوات المقبلة مقترحات لإحداث تحول اجتماعي يتسع نطاقه ليشمل وسائل التصدي للعنف الأسري وزيادة المساحات الخضراء في المدن وخفض الوفيات في حوادث الطرق.
 
وبينما جذبت إصلاحات "رؤية السعودية 2030" الرامية إلى خفض اعتماد الرياض على عائدات النفط وتعزيز دور القطاع الخاص معظم الانتباه فإن بعض أهم التغيرات المرتقبة في السعودية ستكون في المجتمع.
 
وقال عادل الطريفي وزير الثقافة والإعلام في السعودية للصحفيين يوم الثلاثاء "رؤية 2030 أو البرامج الأخرى تستهدف إحداث تحول ليس فقط في الاقتصاد. إنها تستهدف أيضا إحداث تحول في المجتمع وتلبية احتياجات الجيل الأصغر وما يتطلعون إليه من طموحات."
 
وكان من شأن العادات الاجتماعية الصارمة في المملكة وكذلك النمو السريع إيجاد أمة تعلي من قيمة المشاعر المجتمعية وإن كانت فرص التجمعات العامة فيها نادرة.
 
كما أن القيود الدينية مؤثرة بشكل خاص في تشكيل المجتمع السعودي وتحد بقوة من دور المرأة وتفرض قواعد أخلاقية عامة صارمة وتقاوم بعض جهود الحكومة لتحديث النظامين القضائي والتعليمي.
 
وفي نفس الوقت أدى النمو السريع منذ اكتشاف النفط في 1938 إلى عدم كفاءة الخدمات الحكومية وإلى التوسع في المدن والبلدات مع قليل من الانتباه للاحتياجات الاجتماعية لسكانها.
 
وفي بلد لا يتمتع فيه المواطنون بحق الاقتراع ومع هبوط أسعار النفط وتأثيره على الناس في السنوات المقبلة فإن تحسين شعور المواطنين في المملكة بالرضا عن مجريات الحياة اليومية يكون أمرا مهما لضمان الاستقرار السياسي.
 
* إصلاحات صارمة
 
ويرى المحللون السياسيون والاجتماعيون في السعودية على نطاق واسع أن إصلاح التعليم هو أهم مجال لإحداث التغيير لكنه أيضا المجال الأصعب. فهو يتطلب إصلاح نظام بيروقراطي وتغيير عقلية مدرسين تعلموا النظر إلى مهنتهم غالبا من منظور ديني.
 
وقال خالد المعينة رئيس التحرير السابق لصحيفتي عرب نيوز وسعودي جازيت "في حين أن الخطط تبدو جيدة أخشى ألا يكون الجهاز البيروقراطي عند المستوى. لا بد أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لدفع هذا الأمر إلى الأمام."
 
وتهدف الخطة الجديدة للوصول بأعداد الأطفال المقيدين في التعليم من سن ثلاث إلى ست سنوات إلى أكثر من الضعف بتكلفة 2.5 مليار ريال وكذلك تقديم فرص تدريب جديدة لأعداد ضخمة من المدرسين بتكلفة تبلغ ملياري ريال.
 
والمستهدف هو تحسين متوسط درجات مادتي الرياضيات والعلوم للطلاب بنحو 15 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة. ولم يرد ذكر الدين -وهو مكون مهم في المنهج الآن- في الجزء الخاص بالتعليم في الخطة التي أعلنت يوم الاثنين.
 
وتهدف الخطة أيضا إلى زيادة عدد السعوديين الذين يمارسون الرياضة أسبوعيا من 13 في المئة إلى 20 في المئة. وتثير ممارسة النساء للرياضة ضيق بعض رجال الدين ولا يوجد في معظم مدارس البنات دروس للرياضة البدنية.
 
ومراكز الرياضة للنساء مرخصة باعتبارها مراكز صحية وهو ما يجعلها أغلى بصورة كبيرة. وتتطلب إحدى المبادرات في الخطة الجديدة إنفاق عشرة ملايين ريال لتحسين إجراءات ترخيص المراكز الرياصية للنساء.
 
وهناك مجال يظهر فيه التناقض بين التحديث والتقاليد الإسلامية ويتمثل في التركيز على التصدي للعنف الأسري. وتهدف خطط الإصلاح إلى إنفاق تسعة ملايين ريال على خدمات لضحايا العنف الأسري و19 مليون ريال أخرى لتحسين الوعي بالقضية.
 
وتحدد الخطة أهدافا تتمثل في زيادة عدد وحدات حماية ضحايا العنف الأسري من 58 إلى 200 وحدة وحل ثلاثة أرباع مشاكل العنف الأسري خلال ثلاثة أشهر من تلقي البلاغات بها.
 
لكن في دولة محكومة بالشريعة الإسلامية يرى كثير من القضاة أن استعمال العنف من قبل القيم على الأسرة مشروع في بعض الظروف. وتحدث رجل دين في الآونة الأخيرة على التلفزيون عن وسائل ضرب الزوجة دون إصابتها بجروح.
 
ولا تزال المرأة خاضعة لولي هو الوالد في العادة أو الزوج أو الأخ يحق له اتخاذ القرارات المهمة في حياتها. والنساء في السعودية ممنوعات من قيادة السيارة.
 
ولا يبدو أن تغييرا سيحدث قريبا في هذه القيود لكن الحكومة تشجع إجراءات تسمح بالتحاق المزيد من النساء بالعمل وهو أمر يمكن أن يؤدي إلى ضغط اجتماعي من أجل إصلاحات جديدة.
 
ويقول محللون إن ضعف الأداء الحكومي أسهم في سجل السعودية المخيف في مجال حوادث الطرق. ويموت نحو 20 سعوديا يوميا في حوادث الطرق. وسوف تنفق الحكومة الآن 3.25 مليار ريال على إجراءات جديدة للسلامة هدفها خفض عدد وفيات الحوادث بمعدل الربع.
 
* المساحات الخضراء
 
تقدم الخطة للسعوديين مزيدا من الفرص لارتياد المساحات الخضراء التي أهملت غالبا في الاندفاع نحو توسيع المدن مع الزيادة الكبيرة في السكان بعد الخمسينات.
 
أحد الأهداف زيادة المساحات الخضراء في المناطق الحضرية بنسبة الربع وتحقيق زيادة تصل إلى خمسة أمثال في مساحات الحدائق العامة بتكلفة 417 مليون ريال بهدف زيادة أعداد زائريها سنويا بنسبة 60 في المئة إلى 5.6 مليون زائر.
 
وتتضمن خطط "رؤية 2030" تشكيل هيئات للثقافة والترفيه وهو ما يرى بعض السعوديين أنه تمهيد محتمل للسماح بإنشاء دور للسينما للمرة الأولى منذ السبعينات.
 
وفي النهاية فإن هذه الخطط يمكن أن ينتهي بها المطاف ببساطة إلى الإقرار بتحولات اجتماعية حدثت بالفعل في السعودية التي يصعب على غير أهلها رصد ما يجري بها من تغيير لأنه يحدث تدريجيا.
 
وقال الناشط السعودي إبراهيم مقيطيب "ما قيل عن التغيير الاجتماعي لا يصل حتى إلى عشرة في المئة من التغييرات التي ستحدث بهدوء على الطريقة السعودية. الغرب الغبي يتوقع منا أن نفعل أشياء بتوقيته. الحكومة السعودية تفعل الأشياء بالتوقيت السعودي".
 
شارك الخبر