الرئيسية / تقارير وحوارات / شاب يمني يروي قصة صديقه الانتحاري
شاب يمني يروي قصة صديقه الانتحاري

شاب يمني يروي قصة صديقه الانتحاري

01 أبريل 2016 10:01 صباحا (يمن برس)
ظروف اقتصادية صعبة دفعت بشاب عشريني في مدينة عدن للارتماء في أحضان جماعات إرهابية، بحسب ما يروي صديقه، بينما أسرته لا تزال مصدومة حتى اللحظة.

معاذ أنور عبده مرشد، 21 عاماً، كان أحد الشباب الأربعة، على الأقل، الذين غرر بهم تنظيم داعش، ودفعهم لتنفيذ الهجمات الإرهابية المروعة التي استهدفت مقرات الحكومة اليمنية، والقوات الإماراتية، في مدينة عدن في 6 تشرين أول/أكتوبر 2015، وأسفرت عن مقتل 15 جندياً بينهم أربعة إماراتيين وسعودي.

الحكاية كما يرويها صديقه
لم يكن معاذ قد انخرط قبل عام من الآن في صفوف التنظيم الجهادي، كما يقول صديقه منذ الطفولة محمد السبراتي، 23 عاماً، لموقع (إرفع صوتك). ”كنا أكثر من أصدقاء، بحكم أننا أبناء حي واحد (حي الشيخ اسحاق في مديرية المعلا، جنوبي عدن). لم يكن يفكر إطلاقاً في الانخراط بالجماعات الإرهابية. وقبيل سيطرة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق على المعلا (مطلع نيسان/أبريل 2015)، حاول معاذ مراراً العبور إلى الخارج بإحدى سفن إجلاء الرعايا الأجانب. كان يريد الهجرة إلى السعودية للحصول على فرصة عمل، لكنه فشل لافتقاره جواز سفر”.

“في المنصورة، التقيت معاذ مرة أو مرتين فقط بداية فترة الحرب، ثم اختفى لعدة أشهر”، وفقاً للسبراتي، الذي ما زال مصدوماً وعانى الكثير على خلفية تنفيذ صديقه تلك الهجمة الدامية.

”كنت أذهب إلى المدرسة التي نزح إليها معاذ وأسرته أسأل عنه. ولاحقاً عقب عودتنا إلى منازلنا، بعد استعادة القوات الحكومية والتحالف اجزاء واسعة من عدن (منتصف حزيران/يوليو 2015) كنت أذهب إلى منزلهم في المعلا ولا أجده. يقولون لي إنّه يقاتل مع المقاومة ولا يعود سوى الفجر ويغادر ظهراً كل يوم. انقطع عنا تماماً لعدة اشهر بشكل غير مسبوق”.

رفض إخباري عن أصدقائه الجدد
وتابع محمد السبراتي، وهو طالب سنة رابعة تخصص هندسة اتصالات في المعهد التقني بعدن، “في أحد أيام شهر رمضان (أيلول/سبتمبر 2015)، ظهر معاذ فجأة وأخبرني أنه موجود في عدن، لكنني لم أره، وطال غيابه فشككت أنه بالفعل سافر إلى حضرموت، وانخرط في صفوف الجماعات المتشددة هناك. ورفض يومها إخباري عن أصدقائه الجدد”.

وقال “آخر مرة التقيته يوم عيد الفطر، اتفقنا أن نخرج لنمشي سوياً كما كنا قبل الحرب، لكنه اختفى إلى الأبد”.

“لم أستوعب الموقف حتى عندما أطلعني الأصدقاء على صوره! لم يكن هذا معاذ الذي عرفته!” هكذا يصف محمد السبراتي مشاعره وصدمته يوم تنفيذ معاذ للعملية الانتحارية على فندق القصر (مقر إقامة نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة خالد بحاح وحكومته).

“كان معاذ شاباً لطيفاً يريد أن يعيش” حسب السبراتي الذي يكمل “وبسبب ظروفه السيئة وعدم حصوله على فرصة عمل والحرب التي فُرضت علينا دفعت لاستغلاله من قبل جماعة داعش الإرهابية. لكني لا أبرر له جريمته. ارتكب جريمة كبرى لا تمت للدين الإسلامي بصلة”.

نظرة مجتمعية قاصرة
“تضررت كثيراً من تلك العملية التي انعكست علي بشكل سلبي، اضطررت للانعزال في البيت لفترة طويلة، لأن الجيران والناس كانوا ينظرون إليّ كأنّني الانتحاري القادم كوني صديق معاذ. عشت أياماً سيئة جداً، لكنني تجاوزت ذلك خلال الاسابيع الأخيرة”، أضاف السبراتي في شهادته لـ(إرفع صوتك).

وينتمي معاذ أنور إلى إحدى قرى شرعب شمالي غرب مدينة تعز. لكنه تلقى تعليمه الأساسي والثانوي والعالي في مدينة عدن (كان طالباً في السنة الثالثة تخصص كهرباء ميكانيكية في المعهد التقني)، التي تتخذها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي عاصمة مؤقتة لها منذ عام.

ورفض شقيق معاذ التحدث لـ(إرفع صوتك) حول القصة. “نسينا هذا الموضوع ونسينا معاذ. بالكاد هدأت والدتي من المرض منذ العملية، لا نريد أن تعود إلى مرضها من جديد”، وفضل عدم ذكر اسمه، معتذراً عن ذكر أي تفاصيل أخرى.

مسؤولية الحكومة
ويبدي محمد السبراتي حزناً شديداً على فقدان صديقه الذي يعاتبه في المقابل على ارتكاب تلك الجريمة، لكنه أيضاً يحمل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الجزء الأكبر من المسؤولية. “يجب على الحكومة أن تنظر بمسؤولية لمعاناة الشباب وتعالج مشاكلهم، حينها سيختفي الإرهاب فوراً وستفشل هذه الجماعات في استقطاب الشباب”.

*الصورة: تفجير سابق في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية
شارك الخبر