لم يكن إعلان إسرائيل، أمس الاثنين، عن تمكنها من نقل 19 يهودياً يمنياً (17 أعلن عن وصولهم يوم الأحد، وسبقهم اثنان قبل أيام) من بلادهم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، سوى أحدث فصل من مسلسل طويل بدأ برعاية المنظمات الصهيونية في القرن المنصرم لتهجير يهود اليمن ونقلهم إلى إسرائيل. لكن الحادثة هذه المرة، والتي أثارت استياء شعبياً يمنياً واسعاً، تحمل أبعاداً مختلفة، مع حديث الصحافة الإسرائيلية عن أن المجموعة المغادرة هي "آخر ما تبقى من يهود اليمن الذين أبدوا رغبة في مغادرة البلاد".
وبانتظار اتضاح المزيد من تفاصيل العملية، فإن تساؤلات عدة برزت حول كيفية انتقال المجموعة من صنعاء قبل نقلها إلى داخل كيان الاحتلال، وما إذا كان هناك أي تفاهم قد تم مع مليشيات الحوثيين، التي تمثل سلطة الأمر الواقع في صنعاء منذ انقلابها.
وأعلن موقع "معاريف"، فضلاً عن صحيفة "هآرتس"، أنه تم نقل 19 يمنياً عبر "عملية سرية ومعقدة" أشرفت عليها الوكالة اليهودية. وأشارت "هآرتس" إلى أن العملية جرت بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية، ووزارة الخارجية الأميركية، وهيئات حكومية أخرى، موضحة أنها تمت على امتداد أربع دول، من دون ذكر المزيد من التفاصيل. وبحسب الصحيفة، فإن أحد أفراد المجموعة نقل معه مخطوطة قديمة من "التوراة" تعود إلى قبل ما يقارب 500 عام. ونقل عن رئيس الوكالة اليهودية، ناتان شارانسكي، اعتبار ما جرى "لحظة هامة من تاريخ إسرائيل". ولفت إلى أنه "بعد عمليات نقل جوي متعددة ليهود اليمن، فإنه مع نقل المجموعة الأخيرة تكون المهمة التاريخية وصلت إلى نهايتها". كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" أن الوكالة اليهودية أطلقت على العملية اسم "ميكتزي تايمان"، وهي عبارة بالعبرية مأخوذة من نص توراتي يعني بالعربية "من أقاصي اليمن"، بحسب الوكالة.
ويتحدر أغلب أفراد المجموعة التي انتقلت إلى إسرائيل، 14 فرداً من أصل 19، من منطقة شهيرة كمعقل للطائفة اليهودية في اليمن، وهي مدينة "ريدة" في محافظة عمران شمال صنعاء. كما تضم المجموعة عائلة واحدة مؤلفة من 5 أشخاص من صنعاء. وكانت هذه المحافظة بالإضافة إلى صعدة وصنعاء من أهم آخر المناطق التي رفضت فيها العوائل اليهودية مغادرة البلاد، بعد هجرات منتصف القرن الماضي.
وفيما ذكرت تقارير صحافية أن أفراد المجموعة المغادرة هم آخر ما تبقى من يهود اليمن، نفت مصادر في السلطة المحلية بصنعاء لـ"العربي الجديد" صحة ما تردد، مشيرة إلى أن نحو 25 أسرة يهودية لا تزال في العاصمة وترفض مغادرة البلاد. ولاقت حادثة التهجير إدانات واسعة داخل اليمن، حمّلت سلطة الأمر الواقع في صنعاء (الحوثيين) المسؤولية، وسط اتهامات لمسؤولين في الجماعة بالتواطؤ في العملية.
وكانت الوكالة اليهودية قد نجحت خلال السنوات الماضية في تهجير نحو 200 يمني من وطنهم عبر رحلات جوية سرية، بعدما تعرضوا للتهجير القسري تحت التهديد من قبل الحوثيين في محافظة صعدة، حيث اتجه الحوثيون في عام 2007 لتهديد يهود منطقة "آل سالم" واتهامهم بـ"الفساد" وتخييرهم بين القتل أو الرحيل، ما أدى إلى نزوحهم للعاصمة صنعاء، فيما استغلت المنظمات الصهيونية تلك التصرفات، بالإضافة إلى استغلالها حادث قتل أحد اليهود بنيران متطرفين في عام 2012، وغيره من الحوادث.
وكانت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، قد كتبت في عام 2009، رسالة إلى الرئيس اليمني في ذلك الحين، علي عبد الله صالح، طالبته فيها بدعوة الحكومة اليمنية إلى "اتخاذ الإجراءات العاجلة والفعالة من أجل ضمان استمرار تواجد زهاء 335 عضواً من المجتمع اليهودي اليمني في منازلهم في محافظة عمران في سلام وأمان". كما دعته إلى "إعادة النظر في عرضه بنقل المجتمع، الذي يقطن بلدات ريدة وخريف إلى العاصمة صنعاء، ومنحهم قطع أرض ومنازل هناك".
وحتى منتصف القرن الماضي كان اليهود مكوناً أصيلاً من مكونات المجتمع اليمني، بل إن أغلب مناطق اليمن قبل الإسلام كانت تعتنق اليهودية. وشهد اليمن تعايشاً بين مختلف مكوناته طوال القرون الماضية، إلا أن الهجرات اليهودية بدأت منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر بأعداد محدودة. وفي عام 1949، بدأت أشهر عملية تهجير بتواطؤ ودعم نظام الحكم الإمامي الذي كان قائماً في شمال اليمن (يعتبر الحوثيون امتداده السياسي إلى حد ما). ونفذت "الوكالة اليهودية" عملية ترحيل لنحو 49 ألفاً من يهود اليمن، عبر عملية شهيرة عُرفت بـ"بساط الريح"، وتمت باستخدام طائرات أميركية وبريطانية عبر مدينة عدن التي كانت لا تزال تحت الاستعمار البريطاني، وذلك عبر 380 رحلة جوية سرية من عدن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبحسب تقديرات إسرائيلية مختلفة، فإن نحو 51 ألف يمني من أبناء الديانة اليهودية تم جلبهم إلى فلسطين بعد النكبة.
وبعد قيام ثورة 26 من سبتمبر/أيول 1962 وقيام الجمهورية في الشطر الشمالي من اليمن، تحولت قضية اليهود اليمنيين إلى قضية قومية ترفض الحكومات تهجيرهم، ومع ذلك استمرت المحاولات الصهيونية باستقطاب الأسر اليهودية اليمنية، الأمر الذي تصاعد في السنوات الأخيرة.
ومنذ تهجير يهود "آل سالم" في صعدة في عام 2007 من قبل الحوثيين، انتقلت العديد من الأسر للإقامة في "المدينة السكنية" الخاصة، وهي منطقة سكنية مغلقة تحت حماية السلطات، وتقع أمام مقر السفارة الأميركية في منطقة "سعوان".
وعلى الرغم من العمليات التي أجبرت العوائل اليمنية على مغادرة بلدها، يحتفظ يهود اليمن بالكثير من خصائصهم الاجتماعية في الأراضي المحتلة، ويؤدون الأغاني التراثية وصولاً إلى الالتزام بالأزياء.
وتم توطين غالبية هؤلاء في بيوت عربية لفلسطينيين تم ترحيلهم من قراهم (مثل راس العين، والعفولة)، وقسم آخر في معسكرات للمهاجرين أطلق عليها اسم "معبروت" أي معسكرات انتقالية.
وعانى يهود اليمن، شأنهم في ذلك شأن باقي يهود الدول العربية والإسلامية، من التمييز العنصري ضدهم، ومن تسخيرهم في أعمال سوداء في السنوات الأولى من قيام دولة الاحتلال بعد النكبة. كما اشتهر في إسرائيل موضوع اختطاف أبناء المهاجرين من اليمن الذين ولدوا في إسرائيل، وقال أهاليهم إنه تم إعطاؤهم لعائلات يهودية من أصول غربية.
وقد نفت لجنة تحقيق إسرائيلية رسمية ادعاءات الأهالي. لكن في أواخر القرن الماضي، اعتصم حاخام يهودي من أصول يمنية، هو عوزي مشولم، في منزله في إيهود، رافضاً تسليم نفسه ومطالباً بلجنة تحقيق رسمية جديدة، لكن شرطة الاحتلال اقتحمت منزله لاحقا وقامت باعتقاله والزج به في السجن في مايو/أيار 1994 وتم الحكم عليه بالسحن الفعلي خمس سنوات وأفرج عنه في عام 1999. وقد توفي مشولم في عام 2013، فيما هاجر نجله إلى كندا بعد طلب اللجوء السياسي.
وبانتظار اتضاح المزيد من تفاصيل العملية، فإن تساؤلات عدة برزت حول كيفية انتقال المجموعة من صنعاء قبل نقلها إلى داخل كيان الاحتلال، وما إذا كان هناك أي تفاهم قد تم مع مليشيات الحوثيين، التي تمثل سلطة الأمر الواقع في صنعاء منذ انقلابها.
وأعلن موقع "معاريف"، فضلاً عن صحيفة "هآرتس"، أنه تم نقل 19 يمنياً عبر "عملية سرية ومعقدة" أشرفت عليها الوكالة اليهودية. وأشارت "هآرتس" إلى أن العملية جرت بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية، ووزارة الخارجية الأميركية، وهيئات حكومية أخرى، موضحة أنها تمت على امتداد أربع دول، من دون ذكر المزيد من التفاصيل. وبحسب الصحيفة، فإن أحد أفراد المجموعة نقل معه مخطوطة قديمة من "التوراة" تعود إلى قبل ما يقارب 500 عام. ونقل عن رئيس الوكالة اليهودية، ناتان شارانسكي، اعتبار ما جرى "لحظة هامة من تاريخ إسرائيل". ولفت إلى أنه "بعد عمليات نقل جوي متعددة ليهود اليمن، فإنه مع نقل المجموعة الأخيرة تكون المهمة التاريخية وصلت إلى نهايتها". كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" أن الوكالة اليهودية أطلقت على العملية اسم "ميكتزي تايمان"، وهي عبارة بالعبرية مأخوذة من نص توراتي يعني بالعربية "من أقاصي اليمن"، بحسب الوكالة.
ويتحدر أغلب أفراد المجموعة التي انتقلت إلى إسرائيل، 14 فرداً من أصل 19، من منطقة شهيرة كمعقل للطائفة اليهودية في اليمن، وهي مدينة "ريدة" في محافظة عمران شمال صنعاء. كما تضم المجموعة عائلة واحدة مؤلفة من 5 أشخاص من صنعاء. وكانت هذه المحافظة بالإضافة إلى صعدة وصنعاء من أهم آخر المناطق التي رفضت فيها العوائل اليهودية مغادرة البلاد، بعد هجرات منتصف القرن الماضي.
وفيما ذكرت تقارير صحافية أن أفراد المجموعة المغادرة هم آخر ما تبقى من يهود اليمن، نفت مصادر في السلطة المحلية بصنعاء لـ"العربي الجديد" صحة ما تردد، مشيرة إلى أن نحو 25 أسرة يهودية لا تزال في العاصمة وترفض مغادرة البلاد. ولاقت حادثة التهجير إدانات واسعة داخل اليمن، حمّلت سلطة الأمر الواقع في صنعاء (الحوثيين) المسؤولية، وسط اتهامات لمسؤولين في الجماعة بالتواطؤ في العملية.
وكانت الوكالة اليهودية قد نجحت خلال السنوات الماضية في تهجير نحو 200 يمني من وطنهم عبر رحلات جوية سرية، بعدما تعرضوا للتهجير القسري تحت التهديد من قبل الحوثيين في محافظة صعدة، حيث اتجه الحوثيون في عام 2007 لتهديد يهود منطقة "آل سالم" واتهامهم بـ"الفساد" وتخييرهم بين القتل أو الرحيل، ما أدى إلى نزوحهم للعاصمة صنعاء، فيما استغلت المنظمات الصهيونية تلك التصرفات، بالإضافة إلى استغلالها حادث قتل أحد اليهود بنيران متطرفين في عام 2012، وغيره من الحوادث.
وكانت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، قد كتبت في عام 2009، رسالة إلى الرئيس اليمني في ذلك الحين، علي عبد الله صالح، طالبته فيها بدعوة الحكومة اليمنية إلى "اتخاذ الإجراءات العاجلة والفعالة من أجل ضمان استمرار تواجد زهاء 335 عضواً من المجتمع اليهودي اليمني في منازلهم في محافظة عمران في سلام وأمان". كما دعته إلى "إعادة النظر في عرضه بنقل المجتمع، الذي يقطن بلدات ريدة وخريف إلى العاصمة صنعاء، ومنحهم قطع أرض ومنازل هناك".
وحتى منتصف القرن الماضي كان اليهود مكوناً أصيلاً من مكونات المجتمع اليمني، بل إن أغلب مناطق اليمن قبل الإسلام كانت تعتنق اليهودية. وشهد اليمن تعايشاً بين مختلف مكوناته طوال القرون الماضية، إلا أن الهجرات اليهودية بدأت منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر بأعداد محدودة. وفي عام 1949، بدأت أشهر عملية تهجير بتواطؤ ودعم نظام الحكم الإمامي الذي كان قائماً في شمال اليمن (يعتبر الحوثيون امتداده السياسي إلى حد ما). ونفذت "الوكالة اليهودية" عملية ترحيل لنحو 49 ألفاً من يهود اليمن، عبر عملية شهيرة عُرفت بـ"بساط الريح"، وتمت باستخدام طائرات أميركية وبريطانية عبر مدينة عدن التي كانت لا تزال تحت الاستعمار البريطاني، وذلك عبر 380 رحلة جوية سرية من عدن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبحسب تقديرات إسرائيلية مختلفة، فإن نحو 51 ألف يمني من أبناء الديانة اليهودية تم جلبهم إلى فلسطين بعد النكبة.
وبعد قيام ثورة 26 من سبتمبر/أيول 1962 وقيام الجمهورية في الشطر الشمالي من اليمن، تحولت قضية اليهود اليمنيين إلى قضية قومية ترفض الحكومات تهجيرهم، ومع ذلك استمرت المحاولات الصهيونية باستقطاب الأسر اليهودية اليمنية، الأمر الذي تصاعد في السنوات الأخيرة.
ومنذ تهجير يهود "آل سالم" في صعدة في عام 2007 من قبل الحوثيين، انتقلت العديد من الأسر للإقامة في "المدينة السكنية" الخاصة، وهي منطقة سكنية مغلقة تحت حماية السلطات، وتقع أمام مقر السفارة الأميركية في منطقة "سعوان".
وعلى الرغم من العمليات التي أجبرت العوائل اليمنية على مغادرة بلدها، يحتفظ يهود اليمن بالكثير من خصائصهم الاجتماعية في الأراضي المحتلة، ويؤدون الأغاني التراثية وصولاً إلى الالتزام بالأزياء.
وتم توطين غالبية هؤلاء في بيوت عربية لفلسطينيين تم ترحيلهم من قراهم (مثل راس العين، والعفولة)، وقسم آخر في معسكرات للمهاجرين أطلق عليها اسم "معبروت" أي معسكرات انتقالية.
وعانى يهود اليمن، شأنهم في ذلك شأن باقي يهود الدول العربية والإسلامية، من التمييز العنصري ضدهم، ومن تسخيرهم في أعمال سوداء في السنوات الأولى من قيام دولة الاحتلال بعد النكبة. كما اشتهر في إسرائيل موضوع اختطاف أبناء المهاجرين من اليمن الذين ولدوا في إسرائيل، وقال أهاليهم إنه تم إعطاؤهم لعائلات يهودية من أصول غربية.
وقد نفت لجنة تحقيق إسرائيلية رسمية ادعاءات الأهالي. لكن في أواخر القرن الماضي، اعتصم حاخام يهودي من أصول يمنية، هو عوزي مشولم، في منزله في إيهود، رافضاً تسليم نفسه ومطالباً بلجنة تحقيق رسمية جديدة، لكن شرطة الاحتلال اقتحمت منزله لاحقا وقامت باعتقاله والزج به في السجن في مايو/أيار 1994 وتم الحكم عليه بالسحن الفعلي خمس سنوات وأفرج عنه في عام 1999. وقد توفي مشولم في عام 2013، فيما هاجر نجله إلى كندا بعد طلب اللجوء السياسي.