وسط سلسلة من الهزائم المتتالية والفشل المتواصل في الحفاظ على المواقع باتت الصواريخ هي الورقة الأخيرة التي يلعب بها متمردو اليمن حالياً؛ لتحقيق مكاسب ولو معنوية، في ظل التراجع الكبير الذي انتهى بوجود 70% من الأراضي اليمنية تحت سيطرة القوات الشرعية.
وفيما تواصل قوات التحالف العربي تقدمها في أرض المعركة باتجاه العاصمة صنعاء، تتوالى الضربات التي تستهدف مخازن الصواريخ والأسلحة التي يؤكد الخبراء تدمير معظمها؛ تزامناً مع فشل كل محاولات الميليشيات الحوثية ووحدات جيش المخلوع استهداف الأراضي السعودية الحدودية مع بالصواريخ البالستية.
فاعلية منعدمة
وبدورهم أكد خبراء عسكريون لـ"سبق"ً أن القدرات الصاروخية التي كانت بحوزة القوات الموالية للمخلوع صالح دُمّرت من قبل طيران التحالف، وتبقى عدد محدود من صواريخ "سكود" وتوشكا، وصواريخ أخرى روسية معدلة من قبل خبراء إيرانيين يعملون لصالح الميليشيات الحوثية غير أن فاعلية هذه الصواريخ منعدمة في الجانب السعودي، بينما في الداخل اليمني حققت أهدافها في عمليتين فقط خلال مدة الحرب الأولى في مأرب والثانية في سواحل تعز.
وقد حاولت وحدات الصواريخ التابعة للحرس الجمهوري الموالي للمخلوع مؤخراً إطلاق ١٠ صواريخ على أهداف سعودية، لكن أنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش السعودي نجحت في اعتراضها وتدميرها فور دخولها المجال الجوي للمملكة، وبنسبة نجاح كبير وهامش خطأ منعدم لتلك المحاولات المستمرة والمستميتة من قبل المخلوع وميليشيا الحوثي.
قصة الصواريخ
"سبق" تفتح في هذا التقرير ملف القدرات الصاروخية للجيش اليمني ومصادر تسليحه، وما تم تدميره، وما تبقى من صواريخ في أيدي الانقلابيين وفق تقديرات خبراء عسكريين ومعلومات خاصة تحصلت عليها "سبق" من مصادر متعددة.
وتؤكد معلومات مؤكدة أن القوة الصاروخية للجيش اليمني حتى ٢٠١٣م أي قبل انقلاب ميليشيات الحوثي وجيش المخلوع على الشرعية مكونة من عدد من صواريخ "سكود" الروسية وصواريخ توشكا ومنظومة الدفاع الجوي سام ٢ التي تم تعديلها إلى صواريخ قاهر أرض أرض بواسطة فريق عسكري كوري شمالي، وتولى فريق إيراني تابع للحرس الثوري استكمال المهمة، وتجهيز هذه الصواريخ للعمل، والإشراف على نقلها إلى محافظة صعدة فور سيطرة الميليشيات على ألوية الصواريخ بعد سقوط صنعاء.
وتبقى عدد مهم من صواريخ "سكود" الروسية قام بعد ذلك المخلوع صالح بنقلها من لحج في الجنوب إلى صنعاء، إضافة إلى ترسانة من صواريخ روسية أخرى صغيرة المدى، وقام بتشكيل قوة صاروخية تضم عدداً من الصواريخ البالستية الروسية المنهوبة من قاعدة العند، وجزء آخر من ذات الصواريخ كان الاتحاد السوفييتي زوّد بها الجيش اليمني في الشمال، ضمن عملية تسليح الجيش الشمالي التي هي أيضاً كالجيش الجنوبي سوفيتية، مع فارق أن الجنوب كان جزءاً من محور المعسكر الاشتراكي أو ما كان يُطلق عليه حلف وارسو.
نهب الصواريخ
وبعد تولي نجل المخلوع قيادة قوات الحرس الجمهوري، وقبله شقيق المخلوع صالح بعد هزيمة جيش الجنوب وتسريح قادته ونهب أسلحته، عمل المخلوع مع أفراد أسرته الذين عيّنهم بعد ذلك في أهم المناصب العسكرية على تشكيل وحدات عسكرية مسلحة بشكل جيد، وحصر كل عملية التسليح على الحرس الجمهوري فقط، بينما بقيت الوحدات الأخرى دون أي تسليح منذ عام ١٩٩٤م.
وهذا ما أكده اللواء محمد علي محسن أحد القادة الخمسة الذين كانوا يديرون مناطق الجيش اليمني بعد ٩٤، والذي قال إن كل عملية التسليح والتأهيل والدعم الكبير حصرها المخلوع على الحرس الجمهوري.
وحسب مصادر مطلعة فإن الجزء الأكبر من صواريخ "سكود" الروسية استحوذ عليها المخلوع صالح خلال هزيمة الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن عام ١٩٩٤م، حيث كان جيش دولة الجنوب يملك عدداً من صواريخ "سكود" في قاعدة العند العسكرية إحدى أهم قواعد المعسكر السوفييتي في الوطن العربي.
واستخدم الجيش الجنوبي في حرب صيف ٩٤م والتي انتهت بهزيمة الجنوبيين ٣ صواريخ فقط من نوع "سكود" أحدها كان على العاصمة صنعاء، وسقط قرب القصر الجمهوري، والثاني استهدف فرع المخابرات في محافظة تعز، وسقط على مقربة من الموقع المحدد، والثالث استهدف موقعاً عسكرياً.
نجل المخلوع
وتشير المصادر إلى أنه عند وصول نجل المخلوع صالح العميد أحمد علي إلى قيادة الحرس الجمهوري استعان بخبرات أجنبية؛ لإعادة هيكلة وتأهيل وتحديث قوات الحرس الجمهوري وعمل بصورة سريعة على استحداث وحدات جديدة منها القوات الخاصة ووحدات التدخل السريع، وأعاد تشكيل القوة الصاروخية في مجموعة ألوية الصواريخ ليضمها جميعها للحرس الجمهوري، حيث جعل من الحرس الجمهوري أشبه بجيش داخل الجيش اليمني، مستغلاً الدعم غير المحدود مالياً من نظام والده، ولم يكن حتى لوزير الدفاع أي سلطة للحرس الجمهوري ولا يعرف شيئاً عن عملية تسليحه وتحديثه، باستثناء الفعاليات البروتوكولية أمام وسائل الإعلام.
إعادة هيكلة
وظلّ ملف الصواريخ البالستية وبقية ترسانة الصواريخ متوسطة المدى وصغيرة المدى أهم ما يشتغل عليه المخلوع وأفراد عائلته، حيث أنشأت تحصينات خاصة بهذه الصواريخ، وتم توزيعها على هذه التحصينات في أهم الجبال المطلة على العاصمة صنعاء، وهي جبل عطان وجبل نقم وجبل النهدين الواقع داخل فناء دار الرئاسة مسكن المخلوع، والمطل على قيادة الحرس الجمهوري، ومكان قيادة ألوية الحرس الرئاسي اللواء الأول والثاني.
وعقب وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي للرئاسة في عام ٢٠١٢ م بدأ عملية إعادة هيكلة الجيش اليمني من قبل لجنة عسكرية يمنية أردنية أمريكية مشتركة فصل الرئيس "هادي" ألوية الصواريخ عن الحرس الجمهوري وحلّ الحرس الجمهوري، وعيّن قيادة جديدة لمجموعة ألوية الصواريخ، وجعل تبعيتها مباشرة للقائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية ضمن تشكيل عسكري جديد تضمّن أهم وحدات الحيش المتواجدة في العاصمة ومحيطها ولواء الصاعقة الموجود على مدخل صنعاء، ضمن نطاق محافظة الحديدة في مدينة "باجل" أي بوابة صنعاء الغربية.
استكمال السطو
وفي تلك المرحلة وقف المخلوع ونجله قائد الحرس الجمهوري المُقال ضد عملية إعادة الهيكلة، واستمر ولاء قادة الوحدات الأهم، ومن ضمنها ألوية الصواريخ للمخلوع ونجله، واستمرت عملية تنازع الإدارة والسلطة والقرار في أوساط وحدات الجيش، ومنها ألوية الصواريخ حتى إتمام صفقة الانقلاب بين ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، والتي انتهت باستقالة الرئيس "هادي"، وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله بالعاصمة صنعاء.
عرض ونهب
وبيّنت معلومات حصلت عليها "سبق" أن المخلوع ونجله قائد الحرس ومجموعة من المقربين والموثوقين كانوا يمثلون الحلقة المختصة بكل ما يتعلق بالقوة الصاروخية، وأن المخلوع لم يكتفِ بنهب صواريخ جيش الجنوب لصالح الحرس الجمهوري، بل إنه كانت هناك مجموعة من الصواريخ لدى وحدات عسكرية غير الحرس الجمهوري استحوذ عليها المخلوع عبر الطلب من قادة الجيش جلب هذه الصواريخ؛ للمشاركة في عرض عسكري أقيم عام ٢٠٠٠م في ميدان السبعين للعروض بالعاصمة صنعاء، وبعضها كان يتبع قوات اللواء علي محسن الأحمر الرجل الذي كان يعدّ الأقوى نفوذاً في الجيش اليمني، فقام المخلوع بعد العرض العسكري بأخذ هذه الصواريخ إلى مخازن الحرس الجمهوري؛ ليكمل بذلك عملية السطو الأشهر في تاريخ الجيش اليمني.
صراع الأفاعي
ومنذ عام ٢٠٠٠م استورد المخلوع صواريخ من كوريا الشمالية، ضمن اتفاقات مع جيش كوريا الشمالية تطورت إلى مشاركة كوريا عبر فرق عسكرية متخصصة في تطوير وإعادة هيكلة القوة الصاروخية للحرس الجمهوري، وبشكل سري تولى المخلوع وشقيقه اللواء محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية وألوية الدفاع الجوي الإشراف على هذا الملف.
وفور إسقاط الشرعية وعاصمة اليمن دخلت ميليشيات الانقلاب الحوثية في سباق مع الوقت؛ للظفر بما تسعى إليه منذ نشأتها؛ لتعزيز قوتها بقدرات صاروخية كجانب مهم من عملية البناء العسكري للكيان الميليشياوي الطامح بقوة لتجاوز قدرات "حزب الله" الصاروخية عبر امتلاك صواريخ بالستية موجودة في مخازن الجيش اليمني، الذي سيطرت على وحداته هذه الميليشيا بتسهيلات مفتوحة من المخلوع ومساعديه.
هزيمة وصفقة
القصة تبدو انتهت فيما يخص هذا بأن الميليشيات لم تجد المجال متاحاً لها لتحقيق حلمها في امتلاك صواريخ "سكود" الروسية، فقد كان المخلوع وفريقه العسكري أعلم بكل خبايا وتعقيدات القوة الصاروخية، ولم تتمكّن الميليشيات من الحصول على ما تريد رغم محاولاتها التصعيد ضد المخلوع، وفتح مواجهة مع قواته في القوات الخاصة انتهت بهزيمة الميليشيات الحوثية، وإصدار زعيم الميليشيا تعميم، ومن ثم خطاب علني اعتبر ما حصل سوء فهم، ووجّه اعتذاراً مبطناً للمخلوع ولحزبه؛ لأنه يعرف مدى نفوذ المخلوع وسط الجيش، وبذلك فشلت محاولة الجناح المتشدد داخل الميليشيات الحوثية في إزاحة المخلوع من طريقها، ودخلت في إبرام صفقات معه كانت إحداها صفقة القوات الصاروخية.
الرئيسية
/
تقارير وحوارات
/
تفاصيل مثيرة ومهمة عن الصواريخ «الباليستية» للحوثيين وصالح وكيف تمكن الأخير من سرقتها؟
تفاصيل مثيرة ومهمة عن الصواريخ «الباليستية» للحوثيين وصالح وكيف تمكن الأخير من سرقتها؟
27 يناير 2016
09:44
صباحا
(يمن برس)
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |