لا يزال اليمنيون بمختلف توجهاتهم ينظرون بامتعاض لدور الأمم المتحدة في اليمن، باعتباره عاملا رئيسيا في وصول البلد إلى حالة الاحتراب الداخلي ونسف العملية السياسية، بسبب التغاضي عن جرائم مليشيات الحوثيين، وإشراكها في العملية السياسية رغم استخدامها للعنف كوسيلة في الوصول لغايات سياسية.
ويتفق العديد من الباحثين والنشطاء السياسيين الذين استطلع "الإسلام اليوم" آراءهم، على أنه برغم الأدوار الإنسانية التي اضطلعت بها الأمم المتحدة منذ نشأتها، فإن ثمة تجاوزات كبيرة ارتكبها ممثلو الأمم المتحدة في اليمن، ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في وصول البلد إلى مستنقع الحرب.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليمني عمار العولقي لـ "الإسلام اليوم"، إنه "في ما يخص الجانب الإنساني فإن المنظمات التابعة للأمم المتحدة قدمت ومازالت تقدم مستوى لا بأس به من الدعم ولو أنه كان باستطاعتها تحقيق المزيد والتخفيف من آثار الحرب الحالية".
أما بالنسبة للدور السياسي الذي يجدر به أن يكون الدور الأهم والذي كان يعول عليه اليمنيون الكثير لتحقيق طموحاتهم في التغيير، "فقد مرت التجربة الأممية على الصعيد السياسي في اليمن منذ 2011 وحتى اللحظة بإخفاقات كارثية"، حسب العولقي.
مضيفاً بأنه "منذ المبادرة الخليجية التي رعتها الأمم المتحدة وأرسلت مبعوثها الخاص جمال بنعمر ليكون الوسيط الرئيسي بين جميع الأطراف لتجاوز خلافات اليمنيين في ربيع 2011 وتفادي حرب أهلية كانت كل المؤشرات تحذر من حدوثها، إلا أن أداء بنعمر الرديء لم ينجح في رأب الصدع والتوصل لمقاربة سياسية توافقية بالرغم من أغلب الأطراف المتنازعة كانت قد خولت المبعوث الأممي بالتوصل لحل مرضي بل أنهم منحوه صلاحيات واسعة وجعلوا منه الوسيط ومالك زمام الحل بدلا من كونه منسق مفاوضات فقط. ومع هذا فقد بحث جمال بنعمر عن إحراز نصر شخصي ولو كان ذلك يعني ميوله للطرف الأقوى على الأرض ممثلا بالحوثيين لإبرام أي إتفاق مهما كان هشا وإظهاره كصانع السلام في اليمن".
إخفاق واضح
ويستطرد الكاتب العولقي: "لم تنجح مساعي الأمم المتحدة في تفادي الحرب ولا الوصول لتوافق مما قاد اليمن واليمنيين إلى الحرب وطرد الرئيس وإزاحة الحكومة ومن ثم عاصفة الحزم. وبعد بدء عاصفة الحزم مباشرة أدركت الأمم المتحدة بأن أساليبها السابقة لم تكن مجدية فأصدر مجلس الأمن القرار 2216 والذي نص على انسحاب قوات صالح والحوثيين من المدن الرئيسية وتسليم السلاح الثقيل للدولة وإعادة الوضع إلى ما قبل الانقلاب".
وعلى صعيد المفاوضات، يقول العولقي إن "أمين عام الأمم المتحدة اضطر إلى استبدال مبعوثه السابق جمال بنعمر بالمبعوث الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، الذي منذ توليه المنصب لم يستطع التوصل إلى أي تقارب حقيقي بين أطراف النزاع أو تحقيق أي إنجازات إيجابية على الأرض في ما يخص قرار مجلس الأمن آنف الذكر، عدا ما قام به المبعوث الأخير من نجاح نسبي في إقناع الأطراف اليمنية بعقد جولتين من المفاوضات في سويسرا".
ويشير الكاتب العولقي إلى أنه في ما "يخص الجانب الأمني العسكري فإن فكرة إرسال قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين ليست مطروحة إلى الآن؛ لأن هذا القرار قد يأتي لاحقا لتغييرات حقيقية على الأرض وتعتمد على قبول الحوثيين البدء في تطبيق القرار الأممي والانسحاب من المدن التي يسيطرون عليها حتى اللحظة".
من جهته، يقول الباحث والمحلل السياسي نبيل البكيري لـ "الإسلام اليوم"، "إن الأمم المتحدة كانت العامل الأبرز في وصول الأزمة اليمنية إلى مرحلة الاقتتال الأهلي"، مضيفاً بأن " الأمم المتحدة استلمت الملف اليمني وهو على وشك نجاح الانتقال السياسي والديمقراطي لكنها للأسف فشلت فشلا ذريعة في هذا الملف، بل لربما كانت السبب الرئيسي في هذا الوضع الذي آلت إليه الحالة اليمنية".
ويتابع البكيري بأن "كل قرارات الأمم المتحدة كانت حبرا على ورق، رغم ان اليمن كانت تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفترض أن يتم بموجبه معاقبة الأطراف المعرقلة للتحول الديموقراطي؛ لكنها للأسف شجعت المنقلبين على العملية الديموقراطية على التمسك بسلاحهم كجماعة عنف مسلح متمردة وذلك بالتعاطي معهم كفاعلين رسميين في المشهد السياسي دون أي حرج.
ازدواجية!
أما الصحافي والناشط الحقوقي اليمني موسى النمراني فقد علق على تناقضات الأمم المتحدة في اليمنفي حديثه لـ"الإسلام اليوم"، قائلاً: "يمكنك أن تحمل السلاح، وتقتل الابرياء، وتسرق الدولة، وتنقلب على السلطة، وتفتح السجون وتهاجم المدن والقرى، حينها ستنظر إليك الأمم المتحدة كطرف في العمل السياسي وتدعو لاستيعابك في عملية صناعة المستقبل. لكن أن تؤسس حزباً سياسياً، وتقدم برنامجا انتخابيا ونافس عبر الطرق السلمية، وتفتح المدارس والشركات والصحف، فإن الأمم ستعتبرك واحدا من أطراف الصراع وسوف تحثك على إبداء حسن النوايا وتبديد مخاوف الشركاء!"، وهو ذات النهج الذي اتبعته الأمم المتحدة في ما يتعلق بالشأن اليمني.
ويضيف الناشط الشبابي اليمني محمد غالب الصعفاني بأن "الدور الأممي في اليمن كان كارثيا بامتياز، وذلك لأسباب عديدة قادت البلد إلى مستنقع الحرب الاهلية، في مقدمها الوقوع تحت تأثير الهواجس المرضية التي تعاني منها القوى العظمى من صعود نجم الإسلاميين في بلدان الربيع العربي ومنها اليمن".
وتابع الصعفاني في تصريح لـ "الإسلام اليوم" بأن "الامم المتحدة كان دورها في اليمن سلبياً جدا فقد خذلت طموحات الشباب اليمني الذي خرج بثورة سلمية أثارت إعجاب العالم ينشد التغيير الديمقراطي والحرية والدولة المدنية الحديثة"، حسب تعبيره.
وخلاصة الأمر، يظل الدور الأممي في اليمن يثير المزيد من الجدل، سيما مع استمرار حالة الاحتراب الداخلي في البلاد، وتغول المليشيات المسلحة في الشأن العام وسيطرتها على مقدرات البلد، رغم قرارات مجلس الأمن المؤيدة للحكومة الشرعية.
ويتفق العديد من الباحثين والنشطاء السياسيين الذين استطلع "الإسلام اليوم" آراءهم، على أنه برغم الأدوار الإنسانية التي اضطلعت بها الأمم المتحدة منذ نشأتها، فإن ثمة تجاوزات كبيرة ارتكبها ممثلو الأمم المتحدة في اليمن، ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في وصول البلد إلى مستنقع الحرب.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليمني عمار العولقي لـ "الإسلام اليوم"، إنه "في ما يخص الجانب الإنساني فإن المنظمات التابعة للأمم المتحدة قدمت ومازالت تقدم مستوى لا بأس به من الدعم ولو أنه كان باستطاعتها تحقيق المزيد والتخفيف من آثار الحرب الحالية".
أما بالنسبة للدور السياسي الذي يجدر به أن يكون الدور الأهم والذي كان يعول عليه اليمنيون الكثير لتحقيق طموحاتهم في التغيير، "فقد مرت التجربة الأممية على الصعيد السياسي في اليمن منذ 2011 وحتى اللحظة بإخفاقات كارثية"، حسب العولقي.
مضيفاً بأنه "منذ المبادرة الخليجية التي رعتها الأمم المتحدة وأرسلت مبعوثها الخاص جمال بنعمر ليكون الوسيط الرئيسي بين جميع الأطراف لتجاوز خلافات اليمنيين في ربيع 2011 وتفادي حرب أهلية كانت كل المؤشرات تحذر من حدوثها، إلا أن أداء بنعمر الرديء لم ينجح في رأب الصدع والتوصل لمقاربة سياسية توافقية بالرغم من أغلب الأطراف المتنازعة كانت قد خولت المبعوث الأممي بالتوصل لحل مرضي بل أنهم منحوه صلاحيات واسعة وجعلوا منه الوسيط ومالك زمام الحل بدلا من كونه منسق مفاوضات فقط. ومع هذا فقد بحث جمال بنعمر عن إحراز نصر شخصي ولو كان ذلك يعني ميوله للطرف الأقوى على الأرض ممثلا بالحوثيين لإبرام أي إتفاق مهما كان هشا وإظهاره كصانع السلام في اليمن".
إخفاق واضح
ويستطرد الكاتب العولقي: "لم تنجح مساعي الأمم المتحدة في تفادي الحرب ولا الوصول لتوافق مما قاد اليمن واليمنيين إلى الحرب وطرد الرئيس وإزاحة الحكومة ومن ثم عاصفة الحزم. وبعد بدء عاصفة الحزم مباشرة أدركت الأمم المتحدة بأن أساليبها السابقة لم تكن مجدية فأصدر مجلس الأمن القرار 2216 والذي نص على انسحاب قوات صالح والحوثيين من المدن الرئيسية وتسليم السلاح الثقيل للدولة وإعادة الوضع إلى ما قبل الانقلاب".
وعلى صعيد المفاوضات، يقول العولقي إن "أمين عام الأمم المتحدة اضطر إلى استبدال مبعوثه السابق جمال بنعمر بالمبعوث الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، الذي منذ توليه المنصب لم يستطع التوصل إلى أي تقارب حقيقي بين أطراف النزاع أو تحقيق أي إنجازات إيجابية على الأرض في ما يخص قرار مجلس الأمن آنف الذكر، عدا ما قام به المبعوث الأخير من نجاح نسبي في إقناع الأطراف اليمنية بعقد جولتين من المفاوضات في سويسرا".
ويشير الكاتب العولقي إلى أنه في ما "يخص الجانب الأمني العسكري فإن فكرة إرسال قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين ليست مطروحة إلى الآن؛ لأن هذا القرار قد يأتي لاحقا لتغييرات حقيقية على الأرض وتعتمد على قبول الحوثيين البدء في تطبيق القرار الأممي والانسحاب من المدن التي يسيطرون عليها حتى اللحظة".
من جهته، يقول الباحث والمحلل السياسي نبيل البكيري لـ "الإسلام اليوم"، "إن الأمم المتحدة كانت العامل الأبرز في وصول الأزمة اليمنية إلى مرحلة الاقتتال الأهلي"، مضيفاً بأن " الأمم المتحدة استلمت الملف اليمني وهو على وشك نجاح الانتقال السياسي والديمقراطي لكنها للأسف فشلت فشلا ذريعة في هذا الملف، بل لربما كانت السبب الرئيسي في هذا الوضع الذي آلت إليه الحالة اليمنية".
ويتابع البكيري بأن "كل قرارات الأمم المتحدة كانت حبرا على ورق، رغم ان اليمن كانت تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفترض أن يتم بموجبه معاقبة الأطراف المعرقلة للتحول الديموقراطي؛ لكنها للأسف شجعت المنقلبين على العملية الديموقراطية على التمسك بسلاحهم كجماعة عنف مسلح متمردة وذلك بالتعاطي معهم كفاعلين رسميين في المشهد السياسي دون أي حرج.
ازدواجية!
أما الصحافي والناشط الحقوقي اليمني موسى النمراني فقد علق على تناقضات الأمم المتحدة في اليمنفي حديثه لـ"الإسلام اليوم"، قائلاً: "يمكنك أن تحمل السلاح، وتقتل الابرياء، وتسرق الدولة، وتنقلب على السلطة، وتفتح السجون وتهاجم المدن والقرى، حينها ستنظر إليك الأمم المتحدة كطرف في العمل السياسي وتدعو لاستيعابك في عملية صناعة المستقبل. لكن أن تؤسس حزباً سياسياً، وتقدم برنامجا انتخابيا ونافس عبر الطرق السلمية، وتفتح المدارس والشركات والصحف، فإن الأمم ستعتبرك واحدا من أطراف الصراع وسوف تحثك على إبداء حسن النوايا وتبديد مخاوف الشركاء!"، وهو ذات النهج الذي اتبعته الأمم المتحدة في ما يتعلق بالشأن اليمني.
ويضيف الناشط الشبابي اليمني محمد غالب الصعفاني بأن "الدور الأممي في اليمن كان كارثيا بامتياز، وذلك لأسباب عديدة قادت البلد إلى مستنقع الحرب الاهلية، في مقدمها الوقوع تحت تأثير الهواجس المرضية التي تعاني منها القوى العظمى من صعود نجم الإسلاميين في بلدان الربيع العربي ومنها اليمن".
وتابع الصعفاني في تصريح لـ "الإسلام اليوم" بأن "الامم المتحدة كان دورها في اليمن سلبياً جدا فقد خذلت طموحات الشباب اليمني الذي خرج بثورة سلمية أثارت إعجاب العالم ينشد التغيير الديمقراطي والحرية والدولة المدنية الحديثة"، حسب تعبيره.
وخلاصة الأمر، يظل الدور الأممي في اليمن يثير المزيد من الجدل، سيما مع استمرار حالة الاحتراب الداخلي في البلاد، وتغول المليشيات المسلحة في الشأن العام وسيطرتها على مقدرات البلد، رغم قرارات مجلس الأمن المؤيدة للحكومة الشرعية.