كثيرة تلك الأزمات التي تواجه اليمنيين، في عهد سلطة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، التي جرّت البلاد إلى حروب، يدفع نتيجتها المواطن؛ حتى وصل الحال باتساع رقعة السوق السوداء للكتاب المدرسي الذي لا يتوفر رغم أن العام الدراسي بدأ قبل عدة أيام.
الزخم المحيط ببائعي الكتاب المدرسي على الأرصفة (جهراً) ارتبط بعدم طباعة الكتاب المدرسي من قبل سلطة الحوثيين؛ لتوفير المال لتمويل حروب المليشيا أو ما يسمى شعبياً بالمجهود الحربي.
ويواجه العام الدراسي 2015/2016 في اليمن، تحديات كبيرة حيث تعثر انطلاقه في مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي لأكثر من مرة، إلى أن استقر الحال بالجهات التعليمية لتدشينه في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري رغم عدم جاهزية النظام التعليمي.
كما أن العام الدراسي الماضي لم يستكمل إلا بإجراءات قيصرية، حيث لم يدرس الطلاب سوى الفصل الدراسي الأول واكتفت وزارة التربية والتعليم بالامتحانات فقط في الفصل الدراسي الثاني، فيما لا تزال هناك امتحانات تكميلية تجرى حالياً في المناطق التي شهدت اشتباكات مسلحة.
حرص على التعليم
"المحامي طارق" وجدناه يشتري كتباً لابنتيه اللتين تدرسان في الصفين الثاني والخامس ابتدائي. وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين" أكد طارق أنه رغم عدم وجود دراسة في الأيام الراهنة، إلا أنه يحرص على مستقبل ابنتيه وقام وزوجته بالمذاكرة لهما.
طارق الذي يعمل مستشاراً قانونياً في جهاز رفيع المستوى، بدا ساخطاً من الوضع الذي وصلت إليه اليمن، "حيث لا حكومة ولا سلطة موجودة توفر الكتاب المدرسي كحق تعليمي كفله الدستور والقانون اليمني".
بالمقابل، دافع (أحمد) أحد باعة الكتاب المدرسي في الرصيف عن مهنته، وقال لـ "الخليج أونلاين": "نحن نبحث عن مصدر رزقنا، المشكلة ليست عندنا المشكلة تكمن في مدراء المراكز التعليمية الذين يبيعون الكتب".
وبرأ أحمد مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي من بيع الكتب لهم، حيث يشير إلى تورط قيادات تربوية ويوضح أن بيع الكتاب المدرسي موجود منذ سنوات على الأرصفة، لكنه اتسع الآن مع قرار عدم طباعة المنهج لهذا العام".
إقبال على الشراء
وعن مدى الإقبال على شراء المنهج الدراسي من قبل المواطنين، يوضح أن هناك إقبالاً كبيراً ومتزايداً سبق بداية العام الدراسي المتعثرة، حيث يتوقع زيادة المبيعات بشكل مضاعف لاسيما وأن أغلب الزبائن يشترون الكتب لإرسالها إلى الأرياف، والتي تشهد عادة نقصاً في كمية الكتب الموزعة على الطلاب من قبل إدارات المدارس.
ويبلغ سعر الكتاب الواحد 200 ريال يمني، أي ما يعادل 90 سنتاً مقابل 50 ريالاً في العام الماضي أي ما يعادل 22 سنتاً.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض المواد المدرسية تطبع على جزأين أي كتابين. وفي حال تم شراء جميع المواد من السوق السوداء فإن إجمالي ما ينفقه الطالب الواحد على منهجه خلال العام الدراسي يتروح بين 2000- 3000 ريال يمني، أي ما يعادل 9-14 دولار أميركياً، وهو مبلغ مرتفع قياساً على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السكان.
قيادات تربوية متورطة
التربوي محمد الحباري، يرى أن عملية بيع الكتاب المدرسي يتورط فيها بعض مدراء المدارس والمراكز التعليمية وحتى قيادات في وزارة التربية والتعليم وبعض السماسرة؛ "لأن البيئة مهيأة لذلك".
واقترح الحباري على وزارة التربية والتعليم (إن كانت جادة) لمحاربة السوق السوداء التي يباع فيها الكتاب المدرسي بطريقة مخالفة للقانون، ترقيم النسخ من قبل الوزارة وطباعتها وتوزيعها وفق أرقام تسلسلية، هو ما سيسهم في معرفة المسؤول عن أي كمية تباع في أرصفة الشوارع بكل سهولة ويسر، على حد تعبيره.
وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين" يوضح الحباري أن الوضع الاقتصادي والمعاناة المعيشية الراهنة لا تساعد أولياء الأمور على شراء المنهج في الوقت الذي لن تطبع فيه وزارة التربية والتعليم نسخاً جديدة هذا العام؛ بسبب عدم وجود الأوراق حسب ما تبرر الوزارة.
وأشار إلى أنه كمدير لمدرسة الصديق في العاصمة صنعاء، استدعى أولياء الأمور وبحث معهم هذه المعضلة وتم الاتفاق على تجميع النسخ القديمة التي وزعت خلال الأعوام الماضية وهو أمر سيسهم في تغطية نحو 70 % من العجز في مدرسته، لكنه لا يعلم ما هو الوضع بالضبط في بقية المدارس.
ووفقاً لتقارير رسمية فإن مطابع الكتاب المدرسي في اليمن خلال الأعوام الماضية تطبع سنوياً نحو 53 مليون كتاب توزع على أكثر من أربعة مليون 400 ألف طالب في مرحلة التعليم الأساسي، ونحو 600 ألف طالب في التعليم الثانوي.