الرئيسية / تقارير وحوارات / البن اليمني.. صدارة عالمية أضاعتها الصراعات والحروب
البن اليمني.. صدارة عالمية أضاعتها الصراعات والحروب

البن اليمني.. صدارة عالمية أضاعتها الصراعات والحروب

09 نوفمبر 2015 05:39 مساء (يمن برس)
البن اليمني الشهير بجودته منذ القدم بات يقبع في مرتبة متأخرة في سلم الإنتاج العالمي بعدما كان علامة يعرف العالم اليمن من خلالها، حيث ساهمت الصراعات والحروب التي لازمت البلد في تراجع مكانته وإحباط كل المحاولات لإعادته إلى الواجهة العالمية من جديد.
 
ويشير المؤرخون إلى أن اليمنيين عرفوا شجرة البن في بداية القرن الخامس الميلادي حيث رجح فريق تابع لمنظمة الغذاء العالمية أثناء دراسته لأشجار البن في إثيوبيا في العام 1924 أنه جرى نقله من اليمن.
 
جودة وشهرة
 
وحين بدأت عملية تصديره خلال القرن السادس عشر عبر ميناء المخا المطل على البحر الأحمر إلى مختلف دول العالم وخصوصا أوروبا وجنوب شرق آسيا، أصبح يسمى (موكا كوفي mocha coffee) نسبة إلى ميناء المخا ولا يزال هذا الاسم يحمل دلالة البن اليمني كأجود أنواع البن.
 
ونتيجة لتلك الشهرة أنشأت عدة شركات أجنبية مصانع في المخا بهدف تجميع البن وتصديره إلى مختلف الدول، حيث بدأ الهولنديون بإنشاء أول مصنع عام 1708 وكان يصدر منه حين ذاك 600 طن تقريبا في السنة.
 
لكن مكانة البن اليمني اليوم رغم جودته العالية لم تعد كذلك؛ حيث أصبح يحتل مرتبة متأخرة (46) ضمن قائمة تضم (64) بلدا منتجا، وبات يحتل المرتبة السادسة آسيويا بعدما كان يتصدر سوق البن العالمي حتى العام 1847.
 
الصراعات والحروب
 
يعلل مدير إدارة البن بوزارة الزراعة اليمنية سمير العتمي هذا التراجع بعدد من الأسباب أبرزها عدم الاستقرار والحروب والصراعات التي تشهدها اليمن، وأضاف: "وهناك أسباب أخرى تتمثل في الجفاف وانعدام سياسة تسويقية جيدة لدى الجهات المعنية واستخدام المزارع لطرق زراعية قديمة وعدم استخدامه التقنيات الجديدة في التسميد وعدم تقليم الأشجار وتجديد شبابها".
 
محافظة صعدة التي تقع شمال البلاد كانت ضمن أكثر المحافظات اليمنية إنتاجا للبن لكنها أصبحت اليوم العكس تماما بسبب سلسلة الحروب التي تسببت بها مليشيا الحوثي منذ بدء تمردها على الدولة في العام 2004 وحتى اليوم حيث لم تنتج العام الماضي سوى 1735 طناً.
 
وفي حديثه للخليج أونلاين أشار العتمي إلى ما سببته شجرة القات من آثار سلبية على زراعة البن حيث يتجه المزارعون في مناطق مختلفة إلى زراعة القات بدلاً من البن رغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية في عملية معاكسة لزرع البن مكان القات وهو ما أثمر في منطقة مناخة غرب صنعاء.
 
جهود وعواقب
 
وعن الجهود التي تقوم بها الوزارة أوضح العتمي أن هناك أكثر من خدمة تقدم إلى المزارع منها إنشاء خزانات للمياه وإقامة دورات إرشادية وبناء مشاتل حديثة كما حدث في العام 2007م عندما أنشئت مشاتل حديثة في ست حافظات.
 
ومن عواقب عدم الاستقرار في البلاد وانهيار الدولة والتي طالت شجرة البن وزراعتها وتسويقها إغراق السوق اليمنية بالبن الخارجي رغم أن قانونا صدر في العام 1998 يمنع دخول البن وبذوره إلى البلاد لكن التهريب وصل إلى ذروته.
 
ووفقا لأرقام وزارة الزراعة اليمنية فإن عدد أشجار البن في البلاد تفوق 40 مليون شجرة تزرع على مساحة تقدر ب35 ألف هكتار. وبلغ الإنتاج الإجمالي للبن في اليمن نحو 20 ألف طن في العام 2014 وهو رقم متواضع بالنظر إلى إنتاجية بلدان أخرى لكنه بدا مرتفعا بالمقارنة مع سنوات سابقة حين بلغ 14 ألف طن في العام 2009 و11 ألف طن في العام 2004.
 
وأفشلت الصراعات والحروب التي أنهكت اليمن خطة حكومية في العام 2012 تسعى إلى رفع إنتاجية البن إلى 50 ألف طن سنويا خلال خمسة أعوام وهو ما سيحقق عائدات تتجاوز 300 مليون دولار حيث يعتبر البن اليمني ضمن الأغلى عالميا ويتجاوز سعر الكيلو منه 15 دولاراً أميركياً. ويصدر اليمن نحو 10 آلاف طن إلى بلدان مختلفة أبرزها اليابان والولايات المتحدة الأميركية والسعودية ومصر.
 
حملة لإنقاذ الذهب الأخضر
 
في ظل إحساس اليمنيين بأهمية ومكانة البن كشجرة ومنتج بادرت الشابة اليمنية لينا صفوان بالشراكة مع مجموعة من الشباب بعمل مبادرة (حملة إنقاذ الذهب الأخضر). تقول لينا في حديثها للخليج أونلاين "إن الذهب الأخضر "البن" ثروة مهملة ونحن على معرفة بخطورة هذا الاهمال، البن اليمني له أهمية تاريخية وحضارية عريقة لأن هذه الشجرة العظيمة لها مردود اقتصادي وتاريخي للبلاد".
 
توضح لينا التي تسببت الحرب في نزوحها إلى العاصمة اللبنانية بيروت أن الحملة سعت لتوحيد جهود كل الفئات والاطياف لإنقاذ هذه الشجرة لكن الظروف جاءت عكس ما تشتهيه السفن؛ فالأوضاع الاقتصادية تدهورت وهو أمر انعكس على ما تقدمه وزارة الزراعة للمزارعين.
 
وأضافت "الأوضاع الأمنية للبلاد سبب رئيس لانسحاب المنظمات الدولية التي كانت تعمل بالقطاع الزراعي وتوقف الدعم إلى المزارعين وأصبح المزارع أمام معوقات عديدة" لكن المبادرة التي أطلقتها ما زالت مستمرة وهي تعمل على التوعية الإلكترونية في الوقت الرهن وحصلت على دعم كبير من الجمهور في الوطن العربي".
 
وتعتمد آلاف الأسر اليمنية على محصول البن لتوفير لقمة عيشها إذ يعمل في هذا القطاع قرابة المليون شخص بدءاً من زراعته وحتى تصديره وفقا لما تقدره بعض التقارير. لكن هذا القطاع مني بخسائر كبيرة في ظل استمرار الصراعات والحروب.
 
وحتى يستعيد قطاع زراعة البن في اليمن عافيته يجب أن تتوقف الحرب أولاً ومن ثم يتكاتف الجميع مزارعون ومجتمع وحكومة وتجار لدعم المزارعين وتشجيعهم وتوفير مستلزمات الانتاج الزراعي الحديث لهم والبحث عن خطة تسويقية تليق بجودة البن اليمني وشهرته العالمية منذ قرون مضت.
شارك الخبر