منذ انتهاء "عاصفة الحزم" أعلن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية إطلاق عملية "إعادة الأمل" من أجل مساعدة الشعب اليمني المتضرر من الحروب المستعرة في البلاد وحالات الفقر والجوع والمرض.
وشهدت الأيام الأولى من مرحلة "إعادة الأمل" تدفق أطنان المساعدات الغذائية والطبية والنفطية عبر مختلف الموانئ اليمنية، رغم أنها لم تكن حينها تحت سيطرة الحكومة الشرعية في البلاد، الأمر الذي جعل تلك المساعدات عرضة للتلاعب من قبل المليشيات التي كانت تفرض سيطرتها على موانئ ومطارات البلاد وهي المنافذ التي استخدمت لإمدادات الغذاء والدواء.
استطاع الانقلابيون الحوثيون بمعية صالح الاستحواذ على ما نسبته 70% من المواد الإغاثية، حسب إفادة وزير النقل في حكومة بحاح، ولم تصل سوى نسبة ضئيلة إلى المواطنين في ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة والمرض.
وذكر مصدر في لجان الإغاثة، لـ"الخليج أونلاين" أن "الحوثيين أخفوا نسبة عالية من المساعدات هي تركية المنشأ، وقاموا بتوزيع مساعدات إسبانية المنشأ منتهية الصلاحية".
- قرب انتهاء الصلاحية
نتيجة سياسة الحوثيين ومعهم صالح لم تحصل الغالبية العظمى من أبناء إقليم تهامة على المساعدات الإغاثية، حيث تم نقلها من موانئ الإقليم إلى مخازن صعدة وصنعاء، فيما بقيت نسبة ضئيلة جداً منها في الحديدة.
أبو محمد الحسيني عضو الغرفة الصناعية بالإقليم أشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الحوثيين عمدوا إلى توزيع مواد قريبة الانتهاء للمواطن ويضطر المستفيد من تلك المساعدات إلى التخلص منها، في حين احتفظوا بأطنان من المساعدات في مخازن تابعة لتجار موالين لهم.
وأضاف الحسني أن عملية التوزيع تمت بتوجيه وإشراف مباشر من السلطة الانقلابية التي عمدت حسب رأيه إلى استبعاد الموالين للشرعية من كشوفات توزيع المساعدات، واكتفت بتوزيع نسب ضئيلة منها على حالات "الضمان الاجتماعي"، مؤكداً أن مساعدات غذائية وطبية قادمة من دول خليجية تم بيعها وما تم توزيعه كان من المواد المكدسة بالمخازن، مشيراً إلى أن المواد الغذائية قريبة الانتهاء التي يتم توزيعها قد تكدست لفترة في المخازن ولم تتعد فترة صلاحيتها السنة منذ دخولها البلاد.
وفي نهاية مايو/ أيار الماضي بالتزامن مع الهدنة التي أقرها التحالف العربي، أرسلت إيران سفينة مساعدات تقدر بـ2500 طن، اتضح فيما بعد أن 1200 طن منها عبارة عن أرز ينتهي بداية يونيو/ حزيران أي بعد خمسة أيام من تاريخ تفريغ الحمولة في جيبوتي مركز التفتيش، ما يعني انتهاء صلاحيتها قبل وصولها للمستهلك اليمني.
وقبل عام واحد من الحرب قامت إحدى الشركات المستوردة للأرز في الحديدة بدفن كميات كبيرة انتهت صلاحيتها بالقرب من مناطق سكنية في المحافظة، ووصلت بعض تلك المواد إلى مواطنين يعيشون تحت خط الفقر وتسبب في كوارث صحية حسب إفادة أطباء عاينوا العديد من الحالات.
- حرب الغذاء
وأشار أحد التجار في إقليم تهامة إلى أن السلطات الانقلابية تستقبل المساعدات المتنوعة القادمة إلى موانئ الإقليم وهي قريبة من الانتهاء، وتقوم بتخزينها في مخازن التجار والمؤسسات الرسمية وبعض المعسكرات، الأمر الذي ينهي تاريخ صلاحيتها قبل توزيعها للمواطنين فيما أسماه سياسة تجويع وحرب تقودها المليشيات ضد المواطن اليمني في الغذاء والدواء، حيث يموت المواطن جوعاً أو نتيجة مواد منتهية الصلاحية.
وأضاف أن عمليات فساد مالي جرت في المنافذ البحرية من قبل الحوثيين وموالين لصالح بالسماح لمواد غير صالحة بالدخول إلى البلاد، مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها، فيما يتم التخلص منها داخل البلاد بتوزيعها كمساعدات.
- لا تسمن ولا تغني من جوع
في الوقت الذي يعاني فيه إقليم تهامة من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والمرض وانتشار الأوبئة، كان من المفترض أن تغطي المساعدات نسبة عالية من المواطنين الذين يرزحون تحت خط الفقر، لكن مواطنين شكوا استحواذ الحوثيين على كميات كبيرة من تلك المساعدات.
المواطن أحمد حسن تحدث لـ"الخليج أونلاين": عن أي مساعدات نتحدث؟! لدي أسرة مكونة من 11 فرداً، لا أمتلك وظيفة في الحكومة أو القطاع الخاص، وفقدت عملي الحر نتيجة المتاعب التي جلبها الحوثيون بأزمة المشتقات النفطية، وما حصلت عليه من المساعدات لا يكفي أسرتي لأكثر من أسبوع.
أحمد حسن أب لأسرة كبيرة، وهي ظاهرة تنتشر كثيراً في إقليم تهامة حيث ترتفع معدلات الإنجاب، ويعمل سائقاً لدراجة نارية يحاول بها تغطية تكاليف المعيشة المرتفعة نتيجة الأزمات المختلفة التي تشهدها البلاد، أشار إلى أن المساعدات التي يتم توزيعها هي فقط للتناول الإعلامي أمام العالم، وليست لسد رمق الجوع لملايين اليمنيين.
ويشكو العديد من المواطنين في إقليم تهامة الذي لم يحرر بعد من أزمة غذاء تتفاقم مع استمرار الحرب وفقدانهم لمصادر دخلهم، فيما تتكدس آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية في المخازن، حيث يتهمون المجالس المحلية التي يديرها أتباع صالح بتوجيه المساعدات لأنصارهم دون غيرهم من المواطنين، كما شهد إقليم تهامة أزمة غذائية بعد توقف مطاحن البحر الأحمر ومطاحن تجارية أخرى.
ولم تفلح محاولات الحكومة الشرعية في إيصال المساعدات الغذائية إلى مستحقيها في المحافظات التي ما تزال تحت سيطرة الحوثيين، في حين نجحت في إدخالها إلى محافظة عدن ومحافظات جنوبية أخرى قريبة منها.