في تطور صادم يهز أوساط 15 مليون مقيم ووافد في المملكة العربية السعودية، كشفت وزارة الداخلية السعودية عن زيادات جذرية في رسوم تجديد الإقامة تصل إلى 233% لبعض الفئات، حيث ارتفعت رسوم الموظفين من 600 إلى 2000 ريال سعودي سنوياً. الصدمة الأكبر تكمن في رسوم الإقامة المميزة التي تجاوزت 800 ألف ريال - مبلغ يعادل راتب 50 عاملاً منزلياً لسنة كاملة. خبراء يحذرون: هذه مجرد البداية لموجة زيادات ستعيد تشكيل خريطة العمالة الوافدة في المملكة.
أحمد المصري، عامل مقاولات يعيل أسرة من 6 أفراد، يروي صدمته: "شاهدت المبلغ على شاشة الصراف الآلي فشعرت وكأن الأرض تميد تحت قدمي... 2000 ريال تعني تأجيل علاج والدي لشهرين إضافيين." مشهد مماثل يتكرر في طوابير الجوازات حيث تمتزج أصوات القلق بنقرات الهواتف المحمولة لمن يحاولون تحويل أموال طارئة من بلدانهم الأم. الإحصائيات الرسمية تكشف أن 600 ريال للعمالة المنزلية و650 ريال للمزارعين، بينما الموظفون يواجهون الضربة الأقسى بـ2000 ريال - زيادة تبلغ 233% عن النظام السابق.
هذه الزيادات الجذرية تأتي ضمن موجة غلاء شاملة اجتاحت جميع الخدمات الحكومية في المملكة، في إطار رؤية السعودية 2030 الهادفة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. مقارنة تاريخية تظهر أن هذه أكبر زيادة في رسوم الإقامة منذ إقرار نظام الكفيل في السبعينات، حيث كانت الرسوم رمزية لا تتجاوز 200 ريال للجميع. د. محمد العتيبي، خبير الاقتصاد السعودي، يؤكد: "هذه الإجراءات ضرورية لتمويل مشاريع التنمية الطموحة، لكن التطبيق المفاجئ سيخلق صدمة اجتماعية واقتصادية." التوقعات تشير إلى مزيد من الزيادات في القطاعات الأخرى خلال العامين المقبلين.
الآثار على الحياة اليومية بدأت تتضح بوضوح صارخ: عائلات باكستانية تقلص وجباتها لتوفير رسوم التجديد، عاملات فلبينيات يعملن ساعات إضافية في نهايات الأسابيع، وسائقون هنود يؤجلون إجازاتهم السنوية. سارة الفلبينية، عاملة منزلية في الرياض، تحكي بعيون دامعة: "كنت أرسل 1500 ريال شهرياً لأطفالي، الآن سأضطر لتقليل المبلغ إلى 1000 ريال لأوفر رسوم التجديد." السيناريو الأسوأ يلوح في الأفق: نزوح جماعي للعمالة، ارتفاع تكاليف الخدمات المنزلية على الأسر السعودية، ونقص حاد في بعض القطاعات الحيوية. من جهة أخرى، الحكومة سهلت طرق السداد عبر منصة أبشر وتطبيق الراجحي وأجهزة الصراف الآلي، مع تحذيرات صارمة من غرامات قد تصل للترحيل للمتأخرين عن السداد.
15 مليون إنسان يقفون على مفترق طرق مصيري: إما التكيف مع الواقع الجديد أو مواجهة مصير مجهول خارج المملكة. الزيادات الصاعقة في رسوم الإقامة السعودية تُعيد رسم خريطة العمالة الوافدة وتفتح الباب أمام تساؤلات مصيرية: هل ستصمد الطبقة العاملة أمام هذه التحديات المالية الجديدة، أم سنشهد أكبر موجة نزوح في تاريخ المملكة الحديث؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.