في تطور صادم يهدد مائدة كل بيت مصري، سجلت أسواق اللحوم فجوة سعرية تاريخية وصلت إلى 320 جنيه بين الكيلو الواحد من اللحوم البلدية والمستوردة، حيث يصل الضأن البلدي إلى 500 جنيه بينما الهندي المجمد لا يتجاوز 180 جنيه فقط. هذا الرقم الجنوني يعني أن كيلو اللحمة الواحد اليوم يعادل 6 أرغفة عيش بلدي في التسعينيات، مما يضع البروتين الحيواني خارج متناول ملايين المصريين.
وسط هذه الأزمة الخانقة، تحولت آلاف الأسر المصرية من اللحوم البلدية إلى المستوردة أو قللت كميات الشراء بنسب تصل لـ70%. "اللحمة البلدي بقت رفاهية مش أكل عادي"، يقول محمد الجزار من سوق العبور، بينما تروي أم أحمد، الموظفة الحكومية البالغة 42 عاماً: "اضطريت أقلل شراء اللحمة من مرتين أسبوعياً إلى مرة واحدة شهرياً". الكندوز البلدي وصل 470 جنيه للكيلو - رقم يعادل راتب عامل ليومين كاملين!
تعود جذور هذه الأزمة إلى ارتفاع أسعار الذرة والصويا عالمياً بنسبة 40%، مما رفع تكاليف التربية المحلية إلى مستويات خيالية. هذا المشهد يذكرنا بأزمة اللحوم الكبرى في 2008 عندما وصلت الأسعار لمستويات قياسية واضطرت الحكومة للتدخل العاجل. خبراء الاقتصاد الزراعي يتوقعون أن "الأزمة ستستمر 6-8 شهور على الأقل مع احتمال زيادات إضافية"، وفقاً لتصريحات نقابة التجار.
النتيجة المرعبة: تحول جذري في المائدة المصرية حيث تراجع البروتين الحيواني من الوجبات اليومية، وإعادة رسم خريطة الاستهلاك الغذائي لملايين الأسر. "مضطرين نغير نوعية الأكل"، تتنهد ربة بيت خمسينية في سوق العتبة، بينما يحذر المربون: "الخسائر تدفعنا للخروج من السوق نهائياً". في المقابل، شهدت المنافذ الحكومية طوابير طويلة من المواطنين الباحثين عن لحوم بأسعار 280-300 جنيه، موفرين 190 جنيه للكيلو الواحد.
مع توقعات بسيطرة اللحوم المستوردة على 70% من السوق المصري خلال عامين، يواجه المصريون خياراً صعباً: التكيف مع الواقع الجديد أم انتظار تدخل حكومي عاجل. الفرصة الذهبية الآن تكمن في الاستفادة من المنافذ الحكومية وتعلم طرق التعامل مع اللحوم المستوردة قبل نفاد المخزون. السؤال المصيري: هل نشهد نهاية عصر اللحوم البلدية على المائدة المصرية.. أم أن الحكومة ستتدخل قبل فوات الأوان؟