لزمت الصحف المصرية الصمت إزاء القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية الفساد الكبرى"، تنفيذا لقرار النائب العام المساعد بمنع النشر في القضية، في وقت تكشفت فيه أسرار مثيرة في القضية، لم تنشرها تلك الصحف، وتنفرد صحيفة "عربي21" بالكشف عنها، من واقع ما كشف عنه صحفيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة.
ووصف هؤلاء الناشطون القضية بأنها "أكبر قضية فساد فى تاريخ مصر، وقالوا إنها تكشف حصول كثير من الوزراء السابقين والحاليين على أراضي الدولة، بغير وجه حق.
ومنهم -بخلاف وزير الزراعة المقال- وزير الصحة الحالي عادل العدوي، باستيلائه على أرضي خريجي البحيرة، ووزير العدل الحالي أحمد الزند، بحصوله على أرض الخريجين ببورسعيد، ووزير التنمية المحلية الحالي عادل لبيب باستيلائه على أرض خريجي البحيرة، ووزير الزراعة السابق أيمن فريد أبو حديد بحصوله على أراضى كفر الشيخ.
وأكد النشطاء تورط أربعة وزراء حاليين آخرين في تخصيص أراضى الدولة لهم، بغير وجه حق، وهم وزراء التموين، والتعليم، والأوقاف، والتخطيط، وأنه جار التحقق مما إذا كانوا أخذوا أراضي أم لا.
ووردت فى التسجيلات، والتحقيقات أسماء كثير من الإعلاميين أمثال خالد صلاح، ومجدي الجلاد، علاوة على عدد من كبار السياسيين من أمثال الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى!.
وبسبب اتساع القضية أكد مراقبون أن هناك ثلاثة خيارات أمام رئيس وزراء الانقلاب إبراهيم محلب، أولها إحالة كل الأسماء للقضاء، ويؤيد هذا الرأي ضباط الرقابة الإدارية، القائمون على القضية، وترددت مزاعم بأن من بيهم نجل السيسي شخصيا.
والثاني هو رد كل الأراضي التي تم تخصيصها للدولة، وانتهاء القضية وديا.. أما السيناريو الثالث فهو دفع المتهمين لفرق سعر الأراضي (بين السعر الحقيقي وسعر التخصيص)، مع إنهاء القضية وديا أيضا.
وأجمع النشطاء والصحفيون على أن بداية القضية جاءت من عند رجل الأعمال "أيمن رفعت الجميل"، وهو أحد رموز الحزب الوطني المنحل، وابن "حوت ميناء دمياط" الطيار الملياردير رفعت الجميل، إذ طلب من طليق الممثلة غادة عبد الرازق، والسجين السابق في قضية فساد أيام المخلوع مبارك، محمد فودة، (الذي ينتحل صفة صحفي، وقد تبرأت نقابة الصحفيين منه) تخصيص 100 فدان بطريق الفيوم من وزارة الزراعة له.
وهنا كلم فودة صديقه "يحيي قدح"، مدير مكتب وزير الزراعة صلاح هلال (المقال والمقبوض عليه)، كي يكلم الوزير.
وهناك رواية أخرى ذكرها الناشطون هي أن "أيمن رفعت الجميل"، قد استولى على 2500 فدان ملاصقة لمنتجعات "الريف الأوروبي"، بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، تصل قيمتها إلى نحو 3 مليارات جنيه، عن طريق الرشوة لوزير الزراعة الحالي.
وفي جميع الأحوال رد فودة على رجل الأعمال بأن الوزير يطلب فيلا فى التجمع الخامس، وصيدلية لابنته، وبدل (بزات) ذات ماركات عالمية يصل سعر الواحدة منها إلى 20 ألف جنيه، فضلا عن مبالغ مالية، بلغت نصف مليون جنيه.
وبحسب كلام فودة في التحقيقات فقد تم تسليمها للوزير عن طريق سائقه الذي قُبض عليه.
ودفع الجميل شيكا بقيمة 2.5 مليون جنيه (تحت الحساب)، بينما حصل على أرض قيمتها لا تقل عن 3 مليارات جنيه.
وقال النشطاء، إن هيئة الرقابة الإدارية هي التي حركت الموضوع، وسجلت المكالمات الهاتفية لقدح، ومنها توصلت لعلاقته مع فودة، ثم تحركت قوة من رجال الرقابة الإدارية والأموال العامة والنيابة، وقبضت على قدح فى مكتبه بالوزارة، ثم قبضت في اليوم الثاني على فودة في سكنه بفندق "فور سيزونز"، حيث يستأجر شقة بجناح منذ أربع سنوات.
وروى الصحفي خالد رفعت، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنه بتفتيش الجناح وجد رجال الضبط خزينتين، الأولى ملئية بصور عقود تخصيص، وأوراق خلصها فودة من كل الوزارات، لصالح أكبر وأهم رجال أعمال بصر، ومنهم منصور عامر، وكرار.. إلخ.
وكانت المفاجأة أنه كان يسجل مكالماته، ويحتفظ بنسخة منها، وكان ذلك كنزا للرقابة الإدارية، ولاحق عرض فودة وأيمن الجميل الاعتراف بكل ما يعرفونه، وقدموا الأدلة والمستندات من أجل كشف قضايا أخرى، مقابل وضع كل منهم "شاهد ملك" في القضية، وإخراجهم منها، وهنا انهالت المعلومات، وتبين حصول كثير من الوزراء السابقين والحاليين على أراض من الدولة، وفق خالد رفعت.
ويذكر أن مؤسسة "شركاء من أجل الشفافية" (PFT) أصدرت تقريرها عن شهر آب/ أغسطس 2015، راصدة فيه حدوث 104 وقائع فساد بمصر بزيادة قدرها 46%، عما تم رصده في تموز/ يوليو 2015، ما يكشف زيادة ملحوظة في معدلات جرائم الفساد بمصر، وفق التقرير.