صعدة.. مدينة سلام حولها الحوثيون لساحة حرب لعقد كامل

قد يعجبك أيضا :

، "مدينة السلام"، كما تُسمى، لكنها منذ أكثر من عشر سنوات أصبحت ساحةً للحرب المتقطعة بين القوات الحكومية والحوثيين، ثم كانت أبرز أهداف عمليات التحالف العربي خلال الستة أسابيع الماضية، وصولاً إلى إعلان المتحدث باسم التحالف، أحمد عسيري، أنها ستكون هدفاً لرد قاسٍ على القذائف التي انطلقت باتجاه الأراضي السعودية.

وتفيد الأنباء بأن التحالف نفذ خلال الـ24 ساعة الماضية ما يزيد عن 50 غارة جوية استهدفت مواقع للحوثيين في عدة مناطق، أبرزها "مران"، معقل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وكذلك مدينة صعدة ومحيطها، وسط توقع بتزايد العمليات خلال الساعات المقبلة، مع مطالبة التحالف للسكان بمغادرة الأماكن القريبة من مقرات القادة الحوثيين.

صعدة.. من السلام إلى الحرب

تقع صعدة في أقصى شمالي اليمن، وتبلغ مساحتها نحو 11 ألفاً و365 كيلومتراً، تحدها من الشرق محافظة الجوف، وغرباً محافظة حجة الساحلية، ومن الجنوب محافظة عمران (القريبة من صنعاء)، ومن الشمال مدينتا نجران وجيزان السعوديتان، ويقدّر عدد السكان فيها بأكثر من 800 ألف مواطن.

تاريخياً، كانت صعدة أحد أبرز معاقل المذهب الزيدي في اليمن، حيث وفد إليها مؤسس المذهب في اليمن، الهادي بن الحسين، في القرن الثالث الهجري، وبعد قيام ثورة سبتمبر/ أيلول 1962، التي أطاحت بالحكم "الإمامي"، كانت صعدة من أواخر المدن التي سقطت في أيدي الجمهوريين.

خلال العقود الماضية احتفظ شيوخ و"علماء" الزيدية بشقها السياسي، بنوع من النشاط في صعدة. ومنهم بدر الدين الحوثي، أحد أبرز مراجع الزيدية السياسية، وأسس هذا الأخير مع ابنه، حسين، تنظيم "الشباب المؤمن" عام 1992، الذي بدأ بنشاط تنظيمي في صعدة، ومناطق أخرى، ثم مع بداية العام 2004، تصاعد نشاط التنظيم التعبوي ضد الحكومة وقام بأعمال مسلحة، لتندلع الحرب الأولى بين الحكومة والجماعة، في منطقة "مران"، التابعة إدارياً لمديرية حيدان، (والتي ركزت عليها ضربات التحالف اليوم).

انتهت الحرب الأولى بمقتل الزعيم المؤسس للجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، لكن ذلك لم يمنع تجددها، حيث دارت ست حروب بين عامي 2004 و2010، وشاركت في الحرب الأخيرة السعودية بعمليات جوية إلى جانب الجيش ضد الحوثيين.

تسببت حروب صعدة بمقتل الآلاف من الحوثيين وجنود الجيش اليمني ومن المدنيين، ونزوح العشرات إلى مئات الآلاف من المناطق التي شهدت دماراً وأخرى سيطر فيها الحوثيون واعتبروا مناصري الحكومة هدفاً لهم.

السيطرة على صعدة

انتهت الحرب السادسة والتي شارك فيها الطيران السعودي إلى جانب الجيش اليمني، باتفاق غير معلن مكّن الحوثيين من السيطرة غير المباشرة في بعض المناطق خارج مركز المحافظة، وتضمن نزع السلاح (لم يتم)، وفي العام 2011، وعلى أثر الانقسام السياسي والعسكري في صنعاء أثناء الثورة، استولى الحوثيون على مدينة صعدة، مركز المحافظة، وأصبحت منذ ذلك الحين، تحت سيطرتهم، إذ نصّبوا فيها محافظاً موالياً وهو فارس مناع، الذي أُقيل قبل أشهر وجرى استبداله بالمحافظ الحالي، محمد جابر عوض، وهو أيضاً من المحسوبين على جماعة الحوثي.

تعد صعدة مركز القوة التنظيمية والعقدية الأساسية للحوثيين، خلافاً لغيرها من المحافظات التي سيطر الحوثيون فيها على معسكرات بمساندة بعض أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وبقيت صعدة تشكل الحدود الآمنة للحوثيين كحركة، حيث يقيم فيها زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، ولم يتحرك باتجاه أي محافظة أخرى، رغم توسع جماعته إليها.

تتمتع صعدة بمناطق جبلية وعرة، أنشأ الحوثيون فيها كهوفاً و"متارس" للقتال، خلال الحروب مع الحكومة، وأثناء فترات السلم، إذ كانوا يتوقعون أن تُشن عليهم حرب في أية لحظة.

عاصفة الحزم

منذ بدء عمليات التحالف العربي، "عاصمة الحزم"، كانت صعدة هدفاً يومياً لغارات التحالف المكثفة، استهدفت المعسكرات التي استولى عليها الحوثيون والمواقع والأهداف العسكرية والتجمعات التابعة لهم. ووصل الاستهداف إلى الطرقات ووسائل الاتصال ومحطات الوقود، لتصبح المحافظة معزولة نوعاً ما. وقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأحد الماضي، السعودية بقصف مواقع للحوثيين في صعدة بذخائر عنقودية محظورة من صنع أميركي.

ومع إعلان المتحدث باسم التحالف، أحمد عسيري، أن صعدة ستكون هدفاً لرد سعودي على القذائف التي أطلقها الحوثيون باتجاه السعودية، تدخل صعدة طوراً جديداً من الحرب التي جلبها إليها نشاط الحوثيين منذ العام 2004. ويخشى المتتبعون من وجود مواطنين غير قادرين على النزوح في بعض المناطق التي قد تكون مستهدفة، وذلك بسبب صعوبة التواصل في ظل غياب المشتقات النفطية ومحدودية وسائل النقل.

الخبر التالي : تعرف عليها.. هذه هي المناطق السعودية المعرضة للقصف الحوثي