الرئيسية / مال وأعمال / صيادو اليمن بلا شباك
صيادو اليمن بلا شباك

صيادو اليمن بلا شباك

30 أبريل 2015 05:44 صباحا (يمن برس)
منذ 30 يوماً، يقبع الصياد اليمني، عبد الله سالم، في منزله نتيجة توقف عمله، وهو يقضي أيامه بين جدران المنزل أو على شاطئ مدينة "الخوخة" على البحر الأحمر غرب اليمن.
 
يقول سالم، البالغ من العمر 45 عاماً، إن مهنة الصيد أصبحت بلا شباك أو رزق، وباتت حبيسة الحرب منذ سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على مناطق عدة في البلاد، بينما قضى عمره في البحر، يبحر بقاربه من "الخوخة" إلى منطقة "ميدي" شمالاً وعدن جنوباً بحثاً عن رزق البحر.
 
ويشتهر اليمن الذي تمتد سواحله على مسافة 2500 كيلو متر مربع بإنتاج قرابة 450 نوعاً من الأسماك، وتفيد التقديرات أن هناك أكثر من 150 ألف شخص يعملون في الصيد ويعيلون نحو مليون شخص، سجلت أوضاعهم المعيشية تدهوراً وفق الجمعيات العاملة في المجال.
 
ويشير سالم، وهو أب لأربعة أولاد، إلى أن مهنة الصيد بدأت في التراجع منذ عام 2008، لكنها لم تصل إلى الاقتراب من التوقف التام إلا في الشهر الأخير، موضحاً أن الحوثيين نشروا مسلحيهم في مدينة الخوخة، وسيطروا على المنطقة التي يعمل جميع سكانها في الصيد، وتسببوا في توقف المهنة من خلال الاستيلاء على مخصصات الصيادين من الوقود.
 
ولا يزال الحوثيون الذي تعرضوا على ما يقرب من شهر لضربات "عاصفة الحزم" من قبل تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية، على الموانئ اليمنية على طول ساحل البحر الأحمر، ومنها "الحديدة" و"المخاء" وجزر "كمران" و"حنيش" و"ميون" على البحر الأحمر غرب اليمن.
 
وأكد الأمين العام للاتحاد السمكي، علي حسن بهيدر، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن مهنة الصيد توقفت بشكل شبه تام، وأصبح أغلب الصيادين دون مصدر رزق، بسبب أزمة الوقود وسيطرة الحوثيين على أغلب الموانئ والمناطق الساحلية في البلاد.
 
وقال بهيدر إن الحوثيون استولوا على مخصصات الاتحاد السمكي من الوقود، بدعوى دعم المجهود الحربي، محذراً من أن "توقف عمل الصيادين يعني مزيدا من الفقر، وسيؤدي إلى كارثة اقتصادية واجتماعية". وأضاف أن توقف أعمال الصيادين منذ حوالي شهر يكبدهم خسائر تتجاوز 100 مليون دولار، كما يكبد اليمن خسائر فادحة كون الصيد السمكي يمثل قطاعاً ذا قيمة مضافة للدخل القومي.
 
ويقول علي عنتر، صياد من منطقة الخوخة، "منذ بدأت الحرب، تقلص نشاط الصيادين اليمنيين حوالى 60%، وتوقفت حركة نقل السمك من البحر إلى الأسواق في المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى توقف التصدير إلى أهم سوق خارجي للسمك اليمني؛ وهو المملكة العربية السعودية".
 
وبحسب عمر قمبيت، رئيس الاتحاد التعاوني السمكي في المكلا جنوب اليمن لـ "العربي الجديد"، "لم يعد المواطن يستطيع الحصول على السمك، إما لانعدامها من الأسواق أو لارتفاع ثمنها". وقال قمبيت "نحن متوقفون منذ أسابيع، وليس هناك من حلول، فالصراعات المسلحة وعدم توفر الوقود أدى إلى توقف أعمالنا بشكل كبير".
 
وتضيف الحرب أعباء جديدة للصيادين اليمنيين، الذين يعانون بالأساس من ضعف الإمكانات وقلة كميات الأسماك في البحر الأحمر، ما يضطرهم للإبحار في اتجاه المياه الدولية، وهناك يعانون من اعتداءات لقراصنة أو الاعتقال على يد البحرية الإرتيرية، التي احتجزت مئات الصيادين اليمنيين خلال الأعوام الماضية.
 
ويبحر الصيادون اليمنيون في قوارب بدائية ويتعرضون غالبا للغرق، وخلال العام الماضي 2014، مات حوالى 50 صياداً غرقا في البحر وفقاً للاتحاد السمكي، وهو منظمة أهلية تضم في عضويتها مئات الجمعيات والأفراد العاملين في مهنة صيد الأسماك.
 
وتفيد إحصائيات الاتحاد التعاوني السمكي، أن عدد الصيادين الذين احتجزتهم السلطات الإريترية خلال 2014، بلغ أكثر من 570 صياداً يمنياً، وأن عدد القوارب التي صودرت وصل إلى 1130 قارب صيد.
 
وقال عبد الله دوبله، الناشط في منطقة الخوخة الساحلية، إن الصيادين لم يجدوا أية تعويضات عن خسائرهم، مشيراً إلى أنه من المفترض حمايتهم، لا سيما أن مصدر رزقهم الوحيد بات شبه منقطع الآن.
 
وبلغت قيمة صادرات اليمن من الأسماك العام الماضي 299 مليون دولار، وتمثل هذه الصادرات نحو 50% من إجمالي الإنتاج السمكي البالغ 200 ألف طن، حسب وزارة الثروة السمكية.
 
ويعتبر اليمن من أكثر الدول إنتاجا وتصديرا لأسماك الحبار وهو نوع من أنواع الرخويات، والذي بلغ حجم صادراته نحو 14 ألف طن العام الماضي.
 
ويجري صيد الأسماك في المياه اليمنية بالطريقة التقليدية، حيث تصل نسبتها إلى 99% ويذهب نصيبها للصيادين التقليديين على طول الشريط الساحلي للبلاد.
 
كان مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد في اليمن، قدروا في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب بنحو 10 مليارات دولار.
 
ووفقا لمنظمات دولية، فإن أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وذكرت تقارير لمنظمة اليونيسيف، إن نسبة من هم تحت خط الفقر تصل إلى 60% من السكان، مشيرة إلى أن الصراع في اليمن يقود البلاد صوب كارثة إنسانية.
 
وشهد اليمن، وهو أفقر دول شبه الجزيرة العربية، اضطرابات على مدى أعوام، ولكن الحرب المستمرة منذ نحو 5 أسابيع بين مقاتلي جماعة الحوثي والقوات المؤيدة للحكومة المدعومة بضربات جوية من تحالف عربي تقوده السعودية، وضعت ملايين الناس في خطر.
 
وبحسب منظمة أوكسفام البريطانية، فإن نحو 16 مليون شخص في اليمن بحاجة للمساعدة، أي ما يعادل ثلث من هم بحاجة للدعم الإنساني في عموم الشرق الأوسط.
 
وأدى تراجع معدلات الدخل في اليمن إلى تهاوي حجم القدرة الشرائية للمستهلكين بنسبة 40% خلال العام 2014، مقارنة بالأعوام السابقة، بسبب تأثر النشاط الاقتصادي.
شارك الخبر