زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الخميس للعاصمة الباكستانية إسلام أباد جاءت ضمن جولة إقليمية لمحاولة تسويق رؤية بلاده لحل للأزمة اليمنية، والتي لخصها في مؤتمر صحفي بوقف إطلاق نار غير مشروط يتبعه "حوار يمني خالص".
إلا أن هذا الرؤية لم تجد أصداء إيجابية في إسلام أباد حيث طالب سرتاج عزيز مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية بخروج مسلحي جماعة الحوثي من المدن الرئيسية وعودة الحكومة الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ومن ثم إطلاق حوار يضمن تمثيلا عادلا لكل القوى السياسية.
وقد جاءت زيارة ظريف لإسلام أباد بعد يومين من دعوة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إيران لمراجعة سياساتها في الدول المحيطة بالسعودية.
وأبلغ نواز ظريف بهذه المطالب أثناء اجتماعهما في إسلام أباد حيث دعا طهران لاحترام المطالب الخليجية، وحثِّ الحوثيين على التخلي عن السلطة التي انتزعوها من الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي.
حياد وانحياز
وطالب شريف الحكومة الإيرانية بالتأثير على الحوثيين للانسحاب من العاصمة اليمنية والمدن الكبرى لإعادة الوضع إلى حالة الاستقرار، حسب بيان من مكتب رئيس الوزراء.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر الصحفي المختص بالشأن الدبلوماسي الباكستاني شوكت براشا أن باكستان اختارت أن تلتزم الحياد عسكريا في الأزمة اليمنية والانحياز للسعودية ودول الخليج من الناحية السياسية، و"في هذا الإطار يمكن فهم مطالبات نواز لظريف".
ويضيف براشا أن حكومة شريف التي تتمتع بعلاقات قوية مع السعودية حريصة على أن تقوم بدور إيجابي لحل الأزمة اليمنية ولكن دون مشاركة الجيش الباكستاني في الحرب.
الا أن الصيغة التي طرحها جواد ظريف ليست مقبولة بالنسبة لإسلام أباد بحسب سرتاج عزيز، وهو ما يفسره شوكت براشا بأنه اعتراض باكستاني على محاولة إيران تثبيت الأمر الواقع في اليمن، والمتمثل بسيطرة الحوثيين على السلطة وإطلاق حوار تكون لهم فيه كلمة الفصل بحكم سلطتهم الميدانية.
وترى إسلام أباد أن الرؤية الإيرانية غير عادلة وستزيد من تعقيد الأزمة اليمنية، حسب براشا.
موقف متوازن
ويعتقد رئيس معهد دراسات التنمية المستدامة في إسلام أباد عابد سولاري أن باكستان تحاول الخروج بموقف متوازن يسهم في حل الأزمة اليمنية قبل تفاقمها وتحولها لنزاع إقليمي قد تنجر للمشاركة فيه.
ومن هذا المنطلق جاءت مطالب إسلام أباد لإيران بوقف دعمها للحوثيين وحثهم على التراجع لنزع فتيل الأزمة، وفق سولاري.
ويشير في حديث للجزيرة نت إلى أن باكستان التي تربطها صداقة تاريخية قوية مع السعودية تضع في الحسبان زيادة نفوذ إيران خلال السنوات الأخيرة.
ونبه إلى أن باكستان ترتبط بعلاقات باردة مع إيران وتضع في الحسبان التوتر على الحدود معها، مما جعل موقف إسلام أباد أكثر حذرا تجنبا لمعاداة صريحة لطهران.
ويشير سولاري لحسابات المصالح المشتركة مع إيران مؤخرا، خاصة بعد توقيع اتفاقية الإطار حول ملفها النووي، والتي ستسمح برفع العقوبات الاقتصادية عنها وتنفيذ عدد من المشاريع المشتركة بين الجانبين.
ومن أهم هذه المشاريع خط الغاز الإيراني إلى باكستان، الذي أنجزت إيران نصفه فيما كانت باكستان تنظر لرفع العقوبات عن إيران لبناء الجزء المتبقي.