تشكل الأنباء عن دخول روسيا على خط النزاع الدائر في اليمن نقطة تحول خطيرة تثير -في حال ثبوتها- مخاوف من اتساع نطاق الصراع واكتسابه أبعادا دولية، حيث اتهم وزير الخارجية اليمني رياض ياسين روسيا بتزويد جماعة الحوثي بالسلاح، تحت غطاء إجلاء رعاياها من صنعاء.
وأجلت موسكو الأسبوع الماضي نحو ثلاثمائة من رعاياها على متن طائرتين هبطتا في مطار صنعاء، الذي ظل مغلقا منذ بدء الحملة الجوية لتحالف عاصفة الحزم بقيادة السعودية ضد جماعة الحوثيين.
ونفى الخبير العسكري الجنرال قنسطنطين سيفكوف هذه الأنباء، وقال بحسب معلوماتي روسيا لم تسلح الحوثيين، والأنباء التي يجري تداولها غير مؤكدة.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن الطائرات التي أقلت المواطنين الروس هي طائرات ركاب لا تصلح لنقل الأسلحة، التي يتطلب نقلها طائرات شحن خاصة.
أسلحة روسية
وبشأن ما يتعلق بمبدأ الدعم العسكري الروسي للحوثيين بشكل عام، قال إن روسيا لا تملك ممرا جويا، أما عن طريق البحر فهناك قطع بحرية تابعة لدول التحالف، تمنع وصول أية سفن إمداد إلى الموانئ اليمنية.
لكنه أوضح للجزيرة نت أن روسيا زودت اليمن في السابق بالأسلحة، وهذه الأسلحة انتقلت للحوثيين بعد سيطرتهم على مخازن الأسلحة والقواعد العسكرية، والحديث هنا يدور عن كميات هائلة من السلاح الروسي.
وأضاف أن روسيا تتجنب التورط في هذا النزاع، وهي لا تقف إلى جانب أي طرف ضد الآخر، وهي "تدعو للحوار وحل النزاع بشكل سلمي".
وفي ما يتعلق بطلب الوساطة من موسكو، قال سيفكوف إن روسيا لا تملك علاقات مباشرة مع الحوثيين، وفي حال قيامها بالوساطة فإن هذا سيكون عبر طهران، موضحا أن الاتصالات التي أجرتها موسكو مع الحوثيين مؤخرا اقتصرت على التنسيق الميداني لإجلاء المواطنين الروس.
وقال إن علينا الوعي بأن الحرب في اليمن هي حرب بين السنة بقيادة السعودية والشيعة بقيادة إيران، أما روسيا فهي ليست طرفا.
وأضاف أن السعودية متخوفة من تمدد الخطر الشيعي على حدودها الجنوبية، بالإضافة إلى تهديد تنظيم الدولة الإسلامية من الشمال والتهديد الإيراني من الشرق.
وقال إن الحدود السعودية اليمنية تمتد بطول 1700 كيلومتر، كما أن القبائل الزيدية الشيعية تنتشر على جانبي الحدود في المناطق التي تتركز فيها حقول النفط الرئيسية، "وهذه العوامل مجتمعة تثير مخاوف كبيرة لدى السعودية".
ويتفق مع هذه الرؤيا الباحث في معهد التنبؤ بالنزاعات السياسية ألكساندر كوزنيتسوف، الذي استبعد تورط روسيا في القتال الدائر في اليمن، موضحا أن روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، لم يكن لها أي نشاط سياسي أو عسكري يذكر في اليمن.
حسابات خاصة
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن ثمة من يعتقد أن الفرصة قد سنحت لروسيا للرد على ما وصفها بممارسات السعودية ضد روسيا، لكنه أوضح أن "الاعتقاد بأن موسكو سترد بهذه الطريقة خاطئ، ذلك أن روسيا لديها حساباتها الخاصة، وهي منشغلة بأوكرانيا وبأزمتها الاقتصادية".
وردا على مخاوف الكثير من المحللين من أن روسيا قد تفكر في الضغط على الغرب الذي يعتمد كثيرا على النفط السعودي، من خلال تمكين الحوثيين من السيطرة على الممرات البحرية لناقلات النفط السعودية، اعتبر كوزنيتسوف أن هذا يدخل في إطار المبالغات.
وقال إن الحوثيين لا يملكون سوى أسلحة خفيفة وبعض المدفعية ومضادات الطائرات، لكنهم في المقابل لا يملكون قوة بحرية تمكنهم من السيطرة على الممرات المائية.
وفي ما يتعلق بالدعم الروسي للحوثيين ردا على الدعم الغربي لكييف والسعودي للمعارضة السورية، قال كوزنيتسوف إن أي تصرف روسي يجب أن يكون محسوبا بحيث لا يضر المصالح اليمنية، "وروسيا تنظر إلى النزاع في اليمن باعتباره نزاعا يحمل أبعادا دينية بين السنة والشيعة، وهي غير معنية بالتدخل فيه".