اعتبر سياسيون يمنيون تصريحات زعيم جماعة الحوثي عن وجود اتصالات غير مباشرة مع السعودية -لتحسين العلاقات بين الطرفين- رسالة تطمين للداخل والخارج، واستعدادا لتقديم التنازلات لأجل الخروج من العزلة.
وكان عبد الملك الحوثي كشف -لأول مرة- عن وجود اتصالات غير مباشرة مع الرياض تهدف لتحسين العلاقات مع اليمن على أسس جديدة تقوم على الندية وعدم التدخل في شؤون الآخر.
وقال الحوثي -وفق وكالة الأنباء الرسمية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين- خلال لقائه وفدا إعلاميا في مقر إقامته بمحافظة صعدة الأحد أن "الاتصالات مع السعودية لم تنقطع، وهناك اتصالات غير مباشرة تمت خلال اليومين الماضيين".
تصريحات مثيرة
وأثارت هذه التصريحات تساؤلات في الداخل اليمني، خاصة أنها تأتي في ظل التوتر بين الرياض والحوثيين على خلفية سيطرتهم على الحكم وإجبارهم الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته على تقديم الاستقالة أواخر يناير/كانون الثاني الماضي.
كما أنها من حيث التوقيت مفاجئة بعد إجراء الحوثيين الخميس الماضي مناورة عسكرية في منطقة البقع بصعدة قرب الحدود مع السعودية، في خطوة وصفت بأنها رسالة للرياض التي أعلنت موافقتها على استضافة الحوار اليمني ورفضه الحوثيون.
وسبق أن هاجم زعيم الحوثيين السعودية في أواخر فبراير/شباط الماضي، واتهمها بالتدخل ودعم القاعدة وقوى التخريب في اليمن.
وفي تفسيره لوجود الاتصالات مع الرياض اعتبر عضو الهيئة الإعلامية لجماعة الحوثي نصر الدين عامر هذا الأمر دليلا على أن جماعته لم تغلق أبواب علاقاتها مع الآخرين، وهي منفحته لأي علاقات مع السعودية على أساس المصالح المشتركة ووقف ما سماه "التدخل في شؤون اليمن".
وتحفظ عامر في حديث للجزيرة نت على طبيعة هذه الاتصالات أو الجهة التي تتولى ترتيبها.
استبعاد وتطمين
من جانبه, استبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء عادل الشرجبي قبول السعودية أي اتصالات مع الحوثيين ما لم تسبقها خطوات أخرى، لكنه لم يستبعد أيضا قيام أحد المشايخ بتقديم خدمات مجانية للحوثي لجس نبضه دون علم السعودية.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن الحوثي أراد أن يوجه عدة رسائل، أهمها استعداده للدخول في حوار مع السعودية وتقديم تنازلات داخليا وخارجيا، للخروج من حالة الحصار التي يعيشها داخليا وإقليميا.
بدوره, قال مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي إن "الحوثي أراد تطمين الشعب اليمني بالداخل والذي يعيش حالة من القلق بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وخوفه من التداعيات السلبية لعلاقة الحوثي بالرياض".
وعلى المستوى الخارجي، يرى المذحجي أن الحوثي يبعث رسائل إيجابية للمجتمع الدولي بأن إدارته لليمن "لن تشهد توترا في العلاقة مع جيرانه أو أي بلد آخر، ولذلك استخدم تصريحات مخففة، وفيها ليونة تجاه السعودية بخلاف خطاباته المتشنجة في الفترة الماضية".
وأوضح أن جماعة الحوثي تشعر بعزلة دولية وتريد التقرب للسعودية لقناعتها أنها لا يمكنها حكم اليمن وهي في حالة خلاف مع الجارة الكبرى التي تقدم أكبر مساعدات للشعب اليمني, ولم يستبعد لجوء الحوثي لوسيط خارجي مثل سلطنة عمان للعب دور في إحداث تغيير بالعلاقة مع الرياض.