الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٥ مساءً
كيف قدَّم الحوثيون خدمة جليلة للقاعدة من خلال دفع القبائل للتعاطف معها (تقرير)
مقترحات من

كيف قدَّم الحوثيون خدمة جليلة للقاعدة من خلال دفع القبائل للتعاطف معها (تقرير)

قد يعجبك أيضا :

انطلاق منصة (مال) للعملات الرقمية المشفرة برؤية إسلامية

الحوثيون يستنجدون باحفاد بلال لرفد الجبهات...ماذا يحدث؟

مصدر ميداني يكشف حقيقة سيطرة الحوثيين على الجوبه!

شاهد الصور الأولية للحوثيين من أمام منزل مفرح بحيبح بمديرية الجوبه عقب سيطرتهم عليها

عاجل...التحالف العربي يعلن تدمر مسيرة حوثية

اليمن خلال العامين المنصرمين، وعلى وجه التحديد منذ النصف الثاني من العام 2013، تزايد ملحوظ في النشاط المسلح لجماعات العنف الخارجة عن النظام والقانون، في عدد من المحافظات اليمنية، في الشرق والشمال والجنوب والوسط.
والأهم من ذلك أن جماعات العنف تلك تُكن العداء الشديد لبعضها، بل يتجاوز الأمر الخلاف السياسي إلى الخلاف المذهبي، الأمر الذي قد يصيب التركيبية الأساسية للمجتمع اليمني الذي عرف طيلة القرون الماضية بالانسجام بين مختلف المذاهب السائدة فيه، وفي المقدمة المذاهب السنية والمذهب الزيدي.
ولعل أبرز تلك الجماعات التي اتخذت من العنف وسيلة لتحقيق مزيد من المكاسب، تنظيم "أنصار الشريعة"، الذراع المحلي لتنظيم القاعدة في اليمن، وجماعة الحوثي الموالية لحكومة طهران، والتي تمكنت بمساعدة عوامل عديدة داخلية وخارجية من تحقيق مكاسب غير مسبوقة، مكنتها من السيطرة على الدولة، بمؤسساتها المدنية والعسكرية، فضلا عن تحقيق مكاسب جغرافية غير مسبوقة على الأرض.
 
صراع على أنقاض الدولة

من أهم العوامل التي ساعدت على توسع نشاط الجماعات المسلحة، وفتح ساحات جديدة للصراع، ونقله من حالة الاستعداد إلى حالة المواجهة والسيطرة على الجغرافيا، هو الغياب الملحوظ، أو بالأصح، التجميد المتعمد لسلطات الدولة، وإخضاعها لمصلحة أحد أطراف النزاع، ألا وهو جماعة الحوثي، الأمر الذي أعطى عدوها اللدود (بتنظيم القاعدة)، بعضا من التعاطف في عدة محافظات.
لقد أدى التغييب المفرط لسلطات الدولة وأجهزتها الرسمية، خصوصا الأمنية والعسكرية، إلى ضرب مشروع الدولة، وحضورها في الوعي المجتمعي، ولن يكون سهلا ملامسة ذلك التأثير الكارثي، على المدى القريب، لكنه سيظهر جليا خلال المدى المتوسط والبعيد.
لقد تذرع الحوثيون في حروبهم المستمرة ابتداءً بدماج، ووصولا إلى حاشد وعمران وصنعاء والبيضاء وإب وغيرها، بذريعة محاربة تنظيم القاعدة، أو من يصفونهم بـ"الدواعش"، في الوقت الذي يعلم الجميع، أن هذه هي مسئولية سلطات الدولة، وبالتالي فقد فرض الحوثيون أنفسهم بديلا عن سلطات الدولة، وتمكنوا بذلك من اكتساب بعضا من القوة، في الوقت الذي اعتبر تنظيم القاعدة، والعديد ممن كانوا أيضا أهدافا لحروب الجماعة، أن الحوثيون قد ابتلعوا الدولة، وبالتالي فقد سادت حالة من الصدمة والإحباط من الدور الكارثي للدولة، وبات الجميع يعتقد أن الصراع الحاصل، هو صراع على ما تبقى من أنقاض الدولة.
 
من صنع انتصارات الحوثيون ؟

لقد ساهمت العديد من العوامل الداخلية والخارجية في وصول الحوثيون إلى ما وصلوا إليه، وتحقيقهم تلك المكاسب التي لم تكن تخطر لا في بالهم، ولا في بال خصومهم، من هذه العوامل، التحالف المَكِين، بين الجماعة، وبين النظام السابق، أي نظام علي عبد الله صالح، الذي لا يزال رغم مرور أكثر من 3 أعوام على تنحيه عن السلطة، لا يزال يمتلك النفوذ الأعظم داخل مؤسسات وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، بل وفي البنية الاجتماعية للمجتمع.
إن أي حديث عن انجازات الحوثيين، بعيدا عن المؤتمر الشعبي العام، ونظام صالح، هو حديث قاصر، مجافٍ للحقيقة، فلو لم يكن لنظام علي عبد الله صالح أي دور في انتصارات الحوثيين، لما تمكنوا حتى من اقتحام دماج، وهذا ما بات معلوما لدى العالم بأسره، وبشهادات مجلس الأمن، ومختلف دول العالم.
كما يضاف إلى جانب دور صالح في تقدم الحوثيين، دور المجتمع الدولي، عموما، ودور الأمم المتحدة الراعية للتسوية السياسية في اليمن، على وجه الخصوص.
فمنذ سيطرة الحوثيين على دماج في 15 يناير 2014 وحتى اليوم، لم يصدر أي موقف من قبل هذه الدول، ولا المنظمة الدولية يمكن أن يدفع الحوثيين إلى إعادة التفكير في حروبهم وتحركاتهم.
ولقد ظلت مواقف الأمم المتحدة، والدول الفاعلة ، خصوصا الدول العشر الراعية للمبادرة، ظلت في مربع اللاخطورة على جماعة الحوثي، بل وتجاوز الأمر إلى أن العديد من الدول، وكذا المبعوث الأممي جمال بنعمر، كانت لهم مواقف، متشددة إلى حد ما إزاء الأطراف التي تخوض الصراع مع الحوثيين.
وفي هذا السياق نُذكِّر بإحاطة جمال بنعمر، التي ألقاها في جلسة مجلس الأمن التي خصصت لمناقشة الأزمة في اليمنية في النصف الثاني من شهر يونيو من العام 2014، قبيل اقتحام الحوثيين لعمران، حيث كانت تدور مواجهات عنيفة بين قوات اللواء 310 التابع للجيش، ومليشيات الحوثي، المسنودة من قبل رجال القبائل الموالين للرئيس السابق.
حينها قال جمال بنعمر، إن المواجهات في عمران، هي مواجهات بين جماعة الحوثي، ومليشيات مسلحة تابعة لأطراف أخرى، أي أنه صنف اللواء 310 على أنه مليشيات مسلحة
كما أن الاتحاد الأوروبي، طالب في بيان آخر وفي نفس الفترة، الجيش اليمني في محافظة عمران، بالالتزام بتوجيهات السلطات في صنعاء، مشيرا إلى أن العنف متبادل من قبل الطرفين !.
وإلى جانب هذا كله، كان الموقف الأمريكي، المفعم بالارتياح إزاء تحركات الحوثيين، فلقد وجدت الحكومة الأمريكية في جماعة الحوثي ضالتها التي تبحث عنها، لتولي مهمة خوض الحرب مع تنظيم القاعدة، العدو الإقليمي لواشنطن.
ولم تشهد السنوات الماضية، منذ إعلان تنظيم القاعدة في اليمن إنشاء فرع له، حالة من النشاط في محاربة التنظيم كما شهده العام 2014، والأشهر الأولى من العام 2015، حيث خاضت جماعة الحوثي حروبا ضروس ضد تنظيم القاعدة في بعض المناطق التي يتمركز فيها مقاتلو التنظيم، بل وفي أكثر من مرة كانت الطائرات الأمريكية بدون طيار تقوم بتوفير الغطاء الجوي لتقدم الحوثيين، خصوصا في محافظة البيضاء (وسط اليمن).
 
تمدد القاعدة

رغم إحراز مليشيات الحوثي المسلحة لانتصارات ملحوظة، معتمدةُ على العوامل السابقة، إلا أن تنظيم القاعدة في اليمن لم يسبق أن بلغ مثل هذا المستوى من القوة والنفوذ في أوساط المناطق القبلية، و"السنية".
ففي الوقت الذي يتذرع الحوثيون بمحاربة تنظيم القاعدة، كان أبناء القبائل في محافظات البيضاء والجوف وكذلك إب وغيرها في مقدمة الأهداف لنازية الحوثيين، المرغوبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية ومن سار في فلكها، حيث لم تسلم لا القرى ولا المساجد، ولا دور التعليم الديني، ولا حتى حرية ممارسة الرأي والتفكير في تلك المناطق التي ادعى الحوثيون أنهم دخلوها لمحاربة القاعدة، حيث تعرض الإنسان والأرض والممتلكات لانتهاكات جسيمة، الأمر الذي جعل من تنظيم القاعدة بديلا مرحباً به في تلك المناطق، لمواجهة إجرام مليشيات الحوثي المسلحة.
ولم تستنكف القبائل في تلك المناطق التي دخلها الحوثيون، من التحالف العلني مع تنظيم القاعدة، والقبول بهم كشركاء في الحرب المصيرية مع المليشيات الحوثية التي تنتهك كل الحرمات، وظهر قادة تنظيم القاعدة وهم يلقون خطابات رنانة في العلن على أبناء القبائل في البيضاء التي شن الحوثيون حروبا عنيفة حتى تمكنوا من دخولها .
 
شعار كاذب

تدعي جماعة الحوثي أنها تحارب تنظيم القاعدة، أو "الدواعش"، في الوقت الذي تستهدف كل من يخالفها الرأي، حتى أولئك الذين لطالما وقفوا في وجه تنظيم القاعدة.
وفي كل تلك المحافظات، وخلال كل تلك الحروب، كان ضحايا الحوثيين هم من أبناء القبائل، ومن الناس المدنيين العزل، الذين لا يربطهم بتنظيم القاعدة، أو ما يعرف بـ"أنصار الشريعة" أي رباط أو تعاطف، وفعلا فُجرت البيوت والمنازل، والمؤسسات الدينية، واستبيحت الأملاك والدماء من قبل الحوثيين، كل ذلك تحت راية محاربة "الدواعش".
ولقد أدى ذلك إلى إيجاد موضع قديم لتنظيم القاعدة في العديد من المناطق، حيث سجل التنظيم حضوراً في مناطق لم يكن يتبادر لذهن أحد أنه سيتواجد فيها، مثل العدين، بمحافظة إب ومناطق أخرى.
 
القاعدة كمكون تابع وليس قائد

ولا بد هنا من التنويه إلى ملاحظة مهمة، وهي أن تنظيم القاعدة، قَبِل منذ بدأت حروب الحوثي في استهداف العديد من المناطق بحجة محاربة التنظيم، قَبِلً أن يكون مكونا ضمن جبهة أكبر شكّلتها القبائل في تلك المناطق لردع الحوثيين.
وبحسب المصادر فقط تخلى تنظيم القاعدة عن الكثير من الأجندات والأهداف الخاصة وقَبِل بالانخراط في جبهة القبائل، خصوصا في البيضاء، وربما الجوف، ومناطق أخرى، طبعا مع استبعاد وضع التنظيم وتحركاته وعملياته في المناطق التي لم يصل إليها الحوثيون، أمثال حضرموت وأبين ولحج ومناطق أخرى.
 
القاعدة والشعار المضاد

في الوقت الذي رفع الحوثيون شعار محاربة تنظيم القاعدة، كان الأخير، أو ما يعرف بـ" أنصار الشريعة "، يؤلب ويقنع القبائل والمواطنين في تلك المناطق، خصوصا الوسطى والشرقية، بضرورة الوقوف في وجه "الغزو الرافضي"، على حد وصفه، وهو ما منحهم شيئا من القبول في أوساط تلك القبائل.
أضف إلى ذلك أن ممارسات الحوثيين على الأرض، عززت من موقف تنظيم القاعدة في تلك المناطق، حيث لم تقتصر اعتداءات وجرائم الحوثيين على طرف محدد، بل كان الجميع في البيضاء والجوف والعدين، وغيرها هدفا لهم، بما في ذلك أعداء القاعدة، طبعا بعد استبعاد أنصار الرئيس السابق، الذي دخلوا في التحالف المبرم بين صالح والحوثيين.
 
المحافظات الجنوبية

وبينما انضوى مقاتلو تنظيم القاعدة تحت لواء القبائل الرافضة للحوثيين في العديد من المحافظات الشمالية، والشرقية، كان التنظيم يفرض نفسه على الأرض في المحافظات الجنوبية، بحجة الاستعداد لأي غزو حوثي، بالإضافة إلى أن التنظيم أعطى لنفسه حقا في مهاجمة معسكرات الجيش وقوات الأمن، متذرعاً بقيام الحوثيين بمهاجمة معسكرات الجيش والأمن في عدة محافظات ونهبها، أي أن القاعدة بدأت تبرر اعتداءاتها في بعض المحافظات الجنوبية، بما سبق وقامت به مليشيات الحوثي المسلحة في صنعاء وعمران والحديدة وغيرها من المحافظات.
 
ماذا بعد ؟

مما لا شك فيه أن تنظيم القاعدة قد حقق منذ منتصف 2013 وحتى اليوم، مكاسب غير مسبوقة، بل وإستراتيجية بالنسبة لاعتبارات التنظيم، ولوضعه قبل هذه الفترة، حيث تمكن من خلق قاعدة تأييد مجتمعية، مستفيدا من المخاوف في العديد من المناطق من خطورة الغزو الحوثي الذي يحمل أجندات مذهبية مغايرة لما يعتنقه أبناء تلك المناطق.
وسواء توقفت حروب الحوثي في المناطق التي وصل إليها، أو قرر الاستمرار في التوجه جنوبا، فإن تنظيم القاعدة قد أوجد لنفسه مساحة نفوذ في البنية القبلية في العديد من تلك المناطق، مستفيدا من تطرف الحوثيين، والأهداف التي يرفعونها والممارسات التي قاموا بها في عدة محافظات.
والحل الوحيد لتخفيف آثار ما حدث ويحدث وسيحدث، هو تراجع الحوثيين عن حروبهم الشعواء التي طالت كل سكان المناطق التي دخلوها، بل وتقديمهم اعتذار، وإعلانهم الاستعداد لتحمل مسئولية ما ارتكبوه من انتهاكات، بالإضافة إلى دخولهم في حالة من الحوار العميق على قاعدة القبول والاعتذار للآخر، وإظهار الاستعداد للدخول في شراكة مجتمعية بعيدة المدى، فضلا عن إعادة ترميم الشرخ الكبير الذي صنعوه بممارساتهم، والتخلي عن الهالة الطائفية والمذهبية التي يحملونها والتي يظهر من الوهلة الأولى أنها لا يمكن إلا أن تكون عدائية.

* مندب برس

الخبر التالي : عربات الإطفاء تفشل في إخماد حريق البئر الملتهب في خولان ووزارة النفط تشكل غرفة عمليات

الأكثر قراءة الآن :

هام...قيادي بارز في المجلس الانتقالي يُعلن استقالته(الإسم)

رئيس مجلس الشورى يحث واشنطن على ممارسة ضغط أكبر على الحوثيين !

منظمة ميون تجدد مطالبتها للحوثيين بفك الحصار على مديرية العبديه

بحوزة سعودي ومقيم...السلطات السعوديه تحبط تهريب شحنة مخدرات ضخمة

الخدمة المدنية تعلن يوم الخميس اجازة رسمية

مقترحات من