بينما يُجري أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، منذ أمس الأول الأربعاء، مباحثات مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بمدينة عدن (جنوب)، حول المشهد المشتعل في البلاد، يقول مسؤولون لـ "العربي الجديد" إن العقوبات الخليجية على اليمن دخلت حيز التنفيذ، بعدما تبيّن إصرار الحوثيين على الانقلاب على مؤسسات الدولة.
وقال مصدر مسؤول في مصرف اليمن المركزي، إن العقوبات الاقتصادية التي هدد الخليج باتخاذها طالما تمسكت جماعة الحوثي بإحكام سيطرتها على البلاد، دخلت حيز التنفيذ، حيث تعطلت تدفقات المنح والمساعدات المالية التي كانت تتجاوز ملياري دولار سنوياً.
وأضاف المصدر، الذي طلب من "العربي الجديد" عدم ذكر اسمه: "توقفت المشروعات التنموية التي كانت تُنفذ من خلال المساعدات الخليجية. لم تعد الأموال تأتي".
وكان الرئيس اليمني، قد وصل إلى عدن، صباح السبت الماضي، بعد تمكنه من مغادرة منزله في صنعاء وكسر حالة الحصار التي فرضت عليه من قبل الحوثيين منذ استقالته الجبرية يوم 22 يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي ظل تردي الأوضاع المالية والاقتصادية لليمن، تبدو العقوبات الخليجية قاصمة لظهر ما تبقى سليماً بالاقتصاد اليمني، وحسب المسؤول بالمصرف المركزي اليمني، فإن عقوبات الخليج تهدد بانهيار اقتصادي ومالي بالبلاد، محذراً من إفلاس المالية العامة للدولة في غضون شهرين.
ولم تتوقف العقوبات عند حدود المساعدات المالية التي كانت تصل اليمن من بعض الدول الخليجية، لكنه تطور إلى حد التجارة المتبادلة، خاصة مع الجارة الشمالية، السعودية.
وقال نائب رئيس الاتحاد العام لعمال اليمن، فضل العاقل، إن عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع عالقة في منفذ الطوال الحدودي بين اليمن والسعودية.
وأضاف العاقل لـ "العربي الجديد": "تم إبلاغ الاتحاد بمضايقات يتعرض لها اليمنيون الذين لديهم بضائع، وهناك عشرات الشحنات عالقة في المنفذ"، مشيراً إلى أن المواطن العادي يتضرر بشكل مباشر من هذه العقوبات وليس النظام السياسي وحده، حيث شحّت بعض السلع من الأسواق.
وأرسلت نقابة سائقي شاحنات النقل الدولي باليمن، مناشدة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، النظر في قضية مئات الشاحنات العالقة في المنافذ البرية منذ أسبوعين والتي تحمل بضائع متنوعة.
وأوضحت النقابة أن مسؤولي المنافذ البرية التابعة للسعودية فرضوا إجراءات جديدة، مشيرة إلى أنه لم يتم إصدار تعميم مسبق للسائقين بهذه الإجراءات.
وأكّد نائب اللجنة الوطنية السعودية للنقل، سعيد البسامي، أنّ نحو 25% من الشركات الناقلة إلى اليمن أوقفت عملها؛ بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تمر بها البلاد، وذلك لضمان سلامة ناقلاتهم وسلامة السائقين، مبيناً أنه يوجد إحجام مستمر من الشركات عن النقل سواء شحن البضائع أو نقل الركاب نظراً للظروف الحالية في اليمن.
ومنذ اقتحم الحوثيون العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول الماضي، تحولت الأوضاع المالية والاقتصادية لمستويات أكثر سوءاً، وزاد ركود الأسواق، وأغلقت كثير من المحلات التجارية، وتراجعت التدفقات النقدية من المساعدات الخارجية.
وبات اليمن مهدداً بالحرمان من تعهدات المانحين الدوليين والتي كادت تلبي احتياجات اليمن المُلحّة والتي تتجاوز 11 مليار دولار.
وتعهدت دول "مجلس التعاون الخليجي" بمساعدات مالية لليمن تصل إلى 4.415 مليارات دولار في مؤتمري الرياض ونيويورك للمانحين، والذي مثَل حوالى 57.4% من إجمالي التعهدات الدولية لليمن في عام 2012.
وحصل اليمن على 1.245 مليار دولار من أصل تعهدات الخليج، بما فيها مليار دولار وديعة سعودية في المصرف المركزي اليمني.
وأشار تقرير لجهاز المانحين في اليمن إلى أن التعهدات الإضافية التي قدمتها السعودية خلال العام الجاري والبالغة 1.235 مليار دولار، قد خُصصت بالفعل؛ حيث ذهب نحو 435 مليون دولار منها لصندوق الرعاية الاجتماعية، بينما وجه المبلغ المتبقي البالغ 800 مليون دولار لتوفير المشتقات النفطية للمواطنين.
وقال محللون اقتصاديون، إن المساعدات التي قدّمتها دول مجلس التعاون إلى اليمن على مدار السنوات الأربع الماضية، بلغت نحو 6.2 مليارات دولار، وشكّلت المساهمات السعودية النصيب الأكبر منها، كما بلغ حجم التبادل التجاري في العام 2013 بين اليمن ودول الخليج 6.1 مليارات دولار.
ويعمل في دول الخليج نحو ثلاثة ملايين يمني، تستوعب السعودية الجزء الأكبر منهم، ويقومون بتحويلات دورية لأسرهم وذويهم، تشكل جزءاً مهماً من تدفقات النقد الأجنبي لليمن.
ويحذر الخبير الاقتصادي أحمد شماخ، من انزلاق اقتصاد اليمن إلى المجهول وعلى نحو خطير بسبب العقوبات الخليجية والعزلة الدولية.
وقال شماخ لـ "العربي الجديد": "ينبغي وقف هذه العقوبات الخليجية، والرهان الآن على شرعية الرئيس هادي الذي يحظى بتأييد خليجي ودولي، وعليه أن يتحرك لإيقافها من خلال جولة خليجية".
ويرى المحلل الاقتصادي محمد العبسي، أن العقوبات الاقتصادية ستؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد اليمني وعلى المواطن وعلى العاملين في دول الخليج.
ورصدت تقارير خليجية، نقلاً عن مسؤولين، حجم العقوبات الخليجية المتوقعة ضد الحوثيين في اليمن، والتي تتضمن وقفاً تاماً للمساعدات والمنح التنموية التي تمثل نحو 70% من إجمالي الموارد المالية التنموية الخارجية التي يحصل عليها اليمن من المانحين، إلى جانب تعليق أنشطة ما تبقى من سفارات دول المجلس التي لم تبادر إلى إخلاء دبلوماسييها وتعليق أنشطة سفاراتها بصنعاء، وتجميد الاستثمارات والمشاريع قيد التنفيذ الممولة من دول المجلس أو الصناديق الإنمائية التابعة لها، وفرض قيود على تحويلات المغتربين اليمنيين العاملين في دول المجلس، لمنع وصول أي موارد مالية للسلطة الانقلابية.