الرئيسية / مال وأعمال / تحذير من حدوث عجز في ميزانية السعودية العام القادم
تحذير من حدوث عجز في ميزانية السعودية العام القادم

تحذير من حدوث عجز في ميزانية السعودية العام القادم

26 سبتمبر 2014 07:31 مساء (يمن برس)
قال صندوق النقد الدولي إن المالية العامة للمملكة العربية السعودية قد تشهد عجزاً العام القادم وإن هذه الدولة قد تبدأ السحب من احتياطياتها الضخمة من النقد الأجنبي إذا لم تكبح جماح النمو للإنفاق الحكومي.

وكان صندوق النقد قد حث السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على تهدئة النمو السريع في إنفاقها على مدى سنوات وهي تحذيرات هون من شأنها المسؤولون السعوديون بوصفها مثيرة للمخاوف بغير داع.

ورسم تقرير لصندوق النقد الدولي، صدر هذا الأسبوع عقب المشاورات السنوية مع الحكومة، صورة شديدة التشاؤم لضغوط مالية على المملكة تلوح في الأفق نذرها.

وكانت الحكومة أطلقت مشروعات ضخمة باهظة التكاليف للبنية التحتية، وينذر تراجع أسعار النفط بتقليص عائدات الدولة. وفي الوقت نفسهـ تنفق السعودية بسخاء على المساعدات إلى بلدان عربية أخرى للحفاظ على الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة.

وبوسع المملكة الثرية أن تتغلب بسهولة على أي من هذه الضغوط لكن تقرير صندوق النقد الدولي قال إنه حتى ثروة السعودية النفطية قد لا تكون كافية لمواجهة هذه التحديات جميعاً في وقت واحد.

وقال التقرير إن الحكومة قد تسجل عجزاً في الميزانية قدره 1.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2015 بدلاً من فائض قدره 4 في المائة كان صندوق النقد قد تنبأ به في الآونة الأخيرة في أبريل/نيسان.

وقبل ذلك كان الصندوق تنبأ بأن السعودية لن تسجل عجزاً في الميزانية إلا في العام 2018. وقال احدث تقارير الصندوق إن عجز الميزانية من المرجح أن يزداد إلى 7.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2019. وسجلت الرياض آخر مر عجزاً في الميزانية في العام 2009 حينما هوت أسعار النفط فترة قصيرة بسبب الأزمة المالية العالمية.

وقال الصندوق "ضبط أوضاع المالية العامة الذي كان قد توقعه موظفو الصندوق في العام 2013 لم يتحقق، ومن الضروري أن تمضي الحكومة قدماً الآن على هذا الطريق نحو تنفيذ تعديل للمالية العامة".

وأضاف التقرير قوله "إن تعديلاً يقلص عجز القطاع غير النفطي من المالية العامة نحو 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي سنوياً خلال السنوات 2014-2019 بالنسبة إلى عائدات ميزانية 2013 سيضمن أن تظل الودائع الحكومية كافية للتغلب على آثار هبوط كبير في أسعار النفط".

وقد ارتفع الإنفاق الحكومي خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ أنفقت الحكومة المزيد على الرفاهية الاجتماعية لضمان السلم الاجتماعي في أعقاب انتفاضات الربيع العربي. ومنذ العام 2010 زاد الإنفاق السنوي 52 في المائة إلى 994.7 مليار ريال (265.2 مليار دولار) في العام 2013.

وقال تقرير صندوق النقد إن الحكومة بدأت الآن مشروعات للبنية التحتية ستؤدي إلى زيادة أخرى للإنفاق. وفي السنوات 2014-2018 من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق الرأسمالي 16 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مرتفعاً من 11 في المائة في العام 2012 وذلك بسبب إنشاءات السكك الحديدية وغيرها من المشروعات في المدن الكبرى وإن الإنفاق على قروض الإسكان من المحتمل أن يصل إلى 25 مليار ريال سنوياً.

وقال التقرير إن هذا قد يؤدي إلى تقليص الاحتياطيات التي تكونت لدى البنك المركزي -وهو مؤسسة النقد العربي السعودي- خلال السنوات القليلة الماضية التي شهدت ارتفاع أسعار النفط.

وقال صندوق النقد الدولي "ودائع الحكومة في مؤسسة النقد العربي من المتوقع أن تهبط نحو 55 في المائة بين عامي 2013 و2019 وفي عام 2019 ستكون كافية لتغطية الإنفاق لمدة ستة أشهر ونصف".

وأشار تقرير الصندوق ضمناً إلى أن الودائع ستهبط بمقدار 896.5 مليار ريال تقريباً بحلول العام 2019 من 1.6 تريليون ريال في العام 2013.

ويستثمر البنك المركزي في العادة الودائع الحكومية في أوعية استثمارية أجنبية مثل سندات الخزانة الأمريكية لأن عملة البلاد مرتبطة بالدولار. ولذلك فإنه إذا أرادت الرياض السحب من ودائعها، فإن هذه الخطوة من المحتمل أن تشتمل على بيع أوراق مالية أجنبية.

وقال الصندوق إنه من المتوقع أن يزداد صافي الموجودات الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى 768.5 مليار دولار في العام 2014 من 716.7 مليار د ريال دولار العام الماضي.

وقال صندوق النقد الدولي إنه بسبب الإنفاق الحكومي المرتفع، فإن سعر النفط الذي تحتاج إليه الحكومة لتحقيق توازن الميزانية ارتفع إلى 89 دولاراً للبرميل في العام 2013 من 78 دولاراً في العام 2012. ولكن أسعار النفط سارت في اتجاه سلبي بالنسبة للسعودية في الأشهر القليلة الماضية ويرى صندوق النقد الدولي على نقيض ما تذهب إليه التنبؤات العلنية للمسؤولين السعوديين أن الاتجاه النزولي للأسعار قد يستمر.

وتنبأ التقرير أن السعودية ستبيع نفطها الخام بسعر 101.6 دولار للبرميل في العام 2015 و91.8 دولار فحسب في العام 2019.

وقال التقرير إنه في الوقت نفسه زادت ارتباطات السعودية الخاصة بالمساعدات الخارجية زيادة كبيرة، فقد تعهدت بتقديم 22.7 مليار دولار مساعدات مالية بين يناير/كانون الثاني 2011 وأبريل/نيسان 2014 وصرفت من هذا المبلغ 10.9 مليار دولار معظمها لمصر. وكانت هناك تعهدات أخرى منذ ذلك الحين ففي أغسطس/آب منح الملك عبد الله الجيش اللبناني مليار دولار لمساعدته في قتال المتشددين.

ويتوقع صندوق النقد الدولي فائضاً في الميزانية نسبته 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ف عام 2014 لكن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن التعهدات بتقديم مساعدات قد تدفع الميزانية في خانة العجز هذا العام.

وقال فهاد التركي رئيس البحوث في جدوى للاستثمار في الرياض "المعونات المالية على وجه الخصوص هي التي ستدفع الميزانية إلى تسجيل عجز هذا العام".

وقد لا يكون تسجيل عجز أمراً كارثياً للحكومة ويعتقد الاقتصاديون إنه بالإضافة إلى استخدام احتياطياتها فإنها تستطيع بسهولة الاقتراض من الأسواق كما تفعل معظم الحكومات في أنحاء العالم. وهبط الدين الحكومي إلى 2.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2013 وهو من أدنى المستويات على مستوى العالم.

مهما يكن من أمر، فإن صندوق النقد الدولي أوصى أن تخفض السلطات السعودية فاتورة الأجور من خلال تحديد وظائف القطاع العام التي يمكن إلغاؤها حينما تصبح شاغرة.

وقال التقرير "فضلاً عن ذلك، فإنه نظرا لأن مشروعات الإنفاق الرأسمالي تؤلف جزءاً كبيراً من نفقات الميزانية، فإن ترتيب أولويات هذه المشروعات بعناية يمكن أن يساعد على تحديد أي هذه المشروعات يمكن تأجيله أو إلغاؤه وأن مراجعة عمليات تنفيذ المشروعات قد تسفر عن تحقيق وفورات في الإنفاق".

وقال التقرير إنه في جانب الإيرادات يجب على الرياض أن تدرس فرض ضريبة على العقارات الفاخرة والأراضي الفضاء وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية ورفع أسعار مواد الطاقة المنخفضة بدرجة كبيرة.

وقال الصندوق إنه خلال المشاورات اتفقت السلطات السعودية بوجه عام مع توقعات الصندوق الخاصة بالميزانية لكنهم رأوا أن المجال المتاح لتحقيق ضبط لأوضاع المالية العامة محدود في الوقت الحالي.

وقال التقرير "رأت السلطات أيضاً أن المجال محدود لتحقيق إيرادات إضافية في الوقت الحالي ولكن على المدى المتوسط حينما تتاح أشكال بديلة لوسائل النقل يمكن دراسة إجراء زيادات في أسعار مواد الطاقة".
شارك الخبر