كانت حكومة الوفاق منذ مطلع العام الجاري، قد هيأت أجندتها في رحلة نحو المملكة العربية السعودية، لعقد المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن الذي كان مقرراً انعقاده في السابع من شهر أبريل الجاري، إلا أن حكومة المملكة وجهت صفعة قوية لحكومة الوفاق، عبر اعتذارها عن استضافة المؤتمر، والذي كانت حكومة الوفاق، تلمس فيه مخرج لحل أزمات عششت في هيكلها.
كانت حكومة الوفاق، قد عمدت إلى كثير من سبل للقول للمانحين، ها نحن مستعدين لاستيعاب المنح والمساعدات، التي تعهد بها المانحين في المؤتمرات السابقة، وتعثر استيعابها ووجه إلى حكومة الوفاق كثير من اللوم والسخط، وكان من أبرز الصفعات التي أكد من خلالها المانحين وفي مقدمتهم البنك الدولي وصندوق النقد، في المؤتمر السادس لأصدقاء اليمن، هو إقرار تعين رئيساَ لهيئة استيعاب المنح، من أصول تونسية، كون المانحين لا يثقون بهذه الحكومة.
مستشار لاستيعاب المنح
ومع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر السابع، كانت حكومة الوفاق- والتي وفق تأكيد واجماع دولي حققت رقما قياسياً في الفشل، قد عمدت إلى تنفيذ عدد من الاشتراطات المقرة عليها من المانحين، وكان أبرزها صدور قرار من رئاسة الوزراء بتعين شريف فياض – رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المقالة، مستشاراً للهيئة لاستيعاب المنح، وتلت ذلك بإصدار قرار أخر يقضي بتعين وزيرة حقوق الإنسان سابقاً السيدة أمة العليم السوسوة، أميناً عاماً للهيئة.
وكانت حكومة الوفاق تهدف من تعين السوسوة، إلى كسب ود المانحين الذين تحظى لديهم السوسوة بثقة كبيرة، وجراء ذلك حاولت الوفاق جاهدة، استثمار تلك الثقة، لكن الاشقاء في المملكة العربية السعودية حد ذكر مطلعين، فطنت اللعبة التي كانت الوفاق ترمي من خلالها، ترميم فشلها في إدارة سياسة البلد، وجره إلى مربع الانهيار سياسياً وإدارياً واقتصادياً وأمنياً ... إلخ.
أمة العليم السوسوة أيضاً كانت تحفظ عن ظهر قلب، تفاصيل ما ترمي إليه حكومة الوفاق من تعينها أمينة للهيئة، التي يعتلي هرم راستها/ محمد سالم باسندوة، وهو رئيس الوزراء الذي اعترف علناً أنه لا يستطيع أن يوجه أبسط موظف في حكومته، ولا يعرف شيء عن ملفات البلد ولا ما الذي يجري ولا كيف تدار البلد ولا من يديرها.
العضو الوحيد الذي تحدث عن الاقتصاد
والسوسوة هي العضو الأول والوحيد في مؤتمر الحوار الوطني، الذي أكد أن قضية اليمن اقتصادية وبامتياز، وأن الهروب عن مفصل القضية، لن يزيد الأمور إلا تعقيداً والمشهد أكثر ضبابية، ولن يكون بإمكان اليمن التعافي ما دام الجميع يدير ظهره للاقتصاد ويفر نحو السياسة التي أرهقت البلد.
ولذلك كانت السوسوة غير آبهة بالتعين، وشوهدت بعد تعينها وهي في أحد بلدان الاتحاد الأوروبي.. وحد تأكيد مقربين منها، فإنها لم تكن تتطلع إلى مثل هذا المنصب، وخاصة وهي تكاد تكون الشخصية اليمنية الأبرز والأقرب من الأمم المتحدة، وصناعة القرار العالمي، ويتأكد هذا أكثر من خلال تفضيلها عدم البروز عبر وسائل الإعلام والإدلاء بتصاريح، وإعلان خططها في العمل وغيره.
وحسب مهتمين تفرد السوسوة بالإعلان بأن مشكلة اليمن اقتصادية بدرجة رئيسة في مؤتمر الحوار، جعل حكومة الوفاق تعتقد واهمة أن ذلك إيعاز ورسالة من العالم الخارجي للوفاق، بأن السوسوة تملك الحل لمساعدة البلد، بمساندة وتوجيه ودعم وتأييد خارجي، مع أن الأصل لم يكن سوى رؤية ناضجة تحملها السوسوة وليس أكثر، ووقعت الوفاق في إخفاق أخر عياره ثقيل.
فشل الإدارة
ويقول خبراء ومطلعين على سياسة الوفاق على كافة الأصعدة: إن الوفاق لم تقدم على أي خطوة في الطريق الصحيح، لتجنيب البلد من الانزلاق في الهاوية، وما تعلن عنه ليس إلا مجرد تأكيد على أنها لا تفقه شيء، إذ المشكلة التي تستفحل في شرايين هذه الحكومة هي الفشل في إدارة البلد، ومن ثم هروبها وعدم الاقتراب من تلك الدائرة، وإلا هل يٌصدق أن بلد يفتقر إلى أبسط البنى التحتية، ولا تجد الحكومة التي تتولى إدارته مشاريع فعلية تقدمها للمانحين لاستيعاب المنح المقدمة لها..؟
أليس هذا أكبر دليل على فشل هذه الحكومة، في إدارة البلد ويكفي لأن تشتعل ضدها ثورات وليس ثورة واحدة، ثم ما الذي تريده بالذهاب من مؤتمر إلى أخر، وهي تعلم مسبقاً أن نفس النتيجة، في انتظارها مع فارق تلقي مزيد من الصفعات وتأكيد عدم الثقة بها من قبل العالم وفي محافل دولية هامة، وأمام العالم أجمع، فأي حكومة هذه وهي التي لا تخجل من استجداء العالم مزيد البصق على وجهها.
أربعة عشر مليار دولار
هل يٌعقل أن يتسبب فساد حكومة بلد -تعداد سكانه 25مليون أكثر من نصفهم يعيشون تحت خط الفقر، أن يتسبب الفساد في ضياع أربعة عشر مليار دولار في عام واحد، ووفق تأكيد بيانها المالي السنوي للعام الماضي، ثم لا تلبث أن تٌبدي استياءها من الحديث حول هذا.
وشيء أهم تضمنه البيان نفسه، هذا الشيء يتمثل في تحفظ هذه الحكومة من الخوض الصريح والمباشر حيال الفساد، وكذلك إدارة ثروات البلد، واصلاح المالية العامة، وتنمية الموارد وتفعيل آليات التوريد والتحصيل، وإيجاد موارد أخرى لرفد الخزينة العامة التي يتعاظم عجزها عاماً تلو الأخر وبشكل أكثر حدة منذ تولت إدارة البلد.
وفي ذات السياق أكدت اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة واقرار الموازنة العامة للدولة، أن حكومة الوفاق ضمنت بيانها المالي والموازنة العامة مغالطات كثيرة، توحي بانها تتعمد عدم معالجة المشاكل العالقة وانقاذ البلد، وكان من أبرز المغالطات التي اوردتها اللجنة، تحديد عجز الموازنة أقل بكثير من العجز الفعلي على الواقع، والتحدث عن حلول بعبارات مطاطية دون إيراد أي حل، وكذلك إخلاء مسئوليتها مما لحق بالبلد في عهد والرمي بالحمل على كاهل الحكومات السابقة، والذهاب إلى التأكيد بأنها ليست حكومة مخولة بإدارة البلد، وإنما هي حكومة وفاق وطني.
أسوء حكومة
وليس هذا فحسب بل يجمع المراقبين والمنظمات العالمية المتخصصة في تقييم أداء الحكومات، أن حكومات الوفاق تندرج ضمن أسوء حكومات العالم العشر في إدارة البلدان، وكان تقرير منظمة الشفافية العالمية للعام الماضي، صنفها كثالث دولة عالمياً في ممارسة الفساد والأولى عربياً، و كان تصنيفها العام قبل الماضي السابع عالمياً والثالث عربياً، وأيضاً صنفتها تقارير أخرى بأنها من أسوء الحكومات في مجال مكافحة الفقر والبطالة، ومن أكثر الحكومات العاجزة عن تقديم الخدمات العامة، وتوفير المياه والطاقة والغذاء والصحة و......إلخ.
سفيه يبدد الأموال
وفي حديث صحفي مع البروفيسور والخبير الاقتصادي- وزير المالية الأسبق، الدكتور سيف العسلي، نشرته أخبار اليوم الاقتصادي العام الماضي، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن السادس، قال العسلي: إن العالم الخارجي يقول أنا لا أعطي مالي لسفيه يبدده، وحكومة الوفاق سفيه تبدد الأموال، ولذلك وفق العسلي لا جدوى من الاستمرار في تلك المؤتمرات، ومن الأفضل سواءً لحكومة الوفاق أو غيرها من الحكومات اليمنية، أن تترك التسول وتلفت إلى الداخل وتستشعر المسئولية في إدارة البلد وثرواته.
وقال آنذاك: العالم الخارجي لن يستمر في أخذ الضرائب والجمارك والرسوم المختلفة، من مواطنيه والدفع بها كمساعدات ومنح وقروض لحكومة لن تحقق منها منفعة سوى تغذية ملفات الفساد، وغير الدكتور العسلي ذهب خبراء اقتصاد إلى نفس ما أكده العسلي، وأجمعوا أن لا جدوى من الهروب نحو الخارج وترك ثروات الداخل، غنائم للنهب والتقاسم، وأشاروا بأن المشكلة أبسط مما تقول بها الحكومة، فالمشكلة تتلخص في غياب الإدارة الفعلية للبلد.
وجراء تعاظم ورطة حكومة الوفاق هذا العام أكثر من السابق، فقد كانت تعول على المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، إلا أن الرد كان قاسياً، حيث كانت تعول عليه في مساعدتها على الخروج من دائرة العجز وخاصة ما يتعلق بعجز الموازنة العامة الذي سيفوق حد تأكيد خبراء اقتصاد تريليون ومائتي مليار ريال، وليس كما أوردته حكومة الوفاق بيانها المالي بأنه ستمائة وثمانية وسبعون مليار ريال، بل الضعف ويوازي حوالي نصف الموازنة.
الورقة الأخيرة
ومع أن عجز الموازنات لا يمكن مواجهته من المنح والقروض إلا أن حكومة الوفاق كانت تأمل ذلك، ومع اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر، لم تجد الوفاق لموارة فشلها، غير إعلانها الصريح بأنه لا يوجد حل لمواجهة خطر عجز الموازنة سوى رفع دعم المشتقات النفطية، عبر وزيرها الذي كان إلى ما قبل الأسبوع الماضي، ينفي نفياً قطعياَ لجوء حكومته إلى مثل ذلك الإجراء.
ويبرهن.. مطلعين أن حكومة الوفاق كانت تدخر ذلك الإجراء كأخر ورقة لإنقاذ سياستها خاصة المالية التي يغيب عنها الإنفاق الاستثماري، ويبرز الإنفاق الجاري، ولذلك عندما اعتذرت السعودية لم تجد وسيلة غير إعلان الجرعة السعرية والتي سيليها جرعات أخرى.
اعتذار بدأ قبل عام
وهناك من يذهب للقول بأن اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، ليس نتاج لحظة راهنة، بل كان يجري الإعداد له منذ أكثر من عام، خاصة وأن السعودية كانت الجهة الوحيدة التي سلمت للحكومة اليمنية كامل المبلغ الذي تعهدت به لدعم اليمن في مؤتمرات المانحين، وزادت عليه مبلغ مليار دولار كوديعة للحكومة لدى البنك المركزي اليمني، وكذلك منحة مجانية من المشتقات النفطية.
وتنامى بعد ذلك أخبار مؤكدة تفيد أن حكومة الوفاق تقدمت إلى الحكومة السعودية بطلب للحصول على قروض، إلا أن الحكومة السعودية اعتذرت، وكان ذلك ثاني مؤشر على أن السعودية ترتب منذ فترة للتوقف عن مساندة هذه الحكومة التي لم تستطع الخروج من دائرة الفشل والعجز، ومؤشرات أخرى أبرزها التعامل مع العمالة اليمنية الوافدة في إطار كلي تحت تعديل نظام الكفيل مع عدم وضع أية اعتبارات لوضع البلد والعلاقات التي تربط البلدين.
واعتبر خبراء أن الحملات التي تطال الحكومة السعودية في كثير من وسائل الإعلام اليمنية، كانت من أبرز عوامل تأجيج الموقف السعودي تجاه اليمن، ثم كانت القاصمة وفق تأكيد كثير، وهي قيام وزير الخارجية اليمني الدكتور/ أبو بكر القربي بنقل معلومات مغلوطة، عن موقف وسياسة اليمن تجاه الجارة السعودية، وخاصة تجاه الوضع الأخير الخاص بقضية حضر السعودية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن وجماعة الحوثي، وكذلك الوضع المتأزم مع قطر والذي بسببه قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفراءها من قطر.
المخابرات البريطانية
وترافق ذلك مع إعلان الديوان الملكي السعودي، مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياَ للعهد أو ملكاَ للبلاد في حال خلو أياً من المنصبين، وكانت المخابرات البريطانية في منتصف العام الماضي، سربت تقارير تشير إلى أن الملك القادم للملكة العربية السعودية، هو الأمير مقرن بن عبدالعزيز، والذي تعده المخابرات الأميركية الرجل الأول والذرع القوي الذي يقوم بمحاربة القاعدة وجناح الإخوان المسلمين المتطرف، في جزيرة العرب والشرق الأوسط، ومن خلال هذه المعطيات أفاد مطلعين بأنه لا يستبعد أن تكون مخابرات أجنبية، هي التي تقف وراء ذلك التغيير المباغت.
ولم يستبعد مطلعين أن اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، والذي برزت مؤشراته منذ أكثر من عام، لم يستبعدوا أن يكون الاعتذار، ضمن مجموعة إجراءات كان يجري تدارسها تجاه اليمن، سيقود تنفيذها الأمير مقرن الملك القادم للملكة العربية السعودية وفق تسريبات المخابرات البريطانية قبل ما يقارب العام.
كانت حكومة الوفاق، قد عمدت إلى كثير من سبل للقول للمانحين، ها نحن مستعدين لاستيعاب المنح والمساعدات، التي تعهد بها المانحين في المؤتمرات السابقة، وتعثر استيعابها ووجه إلى حكومة الوفاق كثير من اللوم والسخط، وكان من أبرز الصفعات التي أكد من خلالها المانحين وفي مقدمتهم البنك الدولي وصندوق النقد، في المؤتمر السادس لأصدقاء اليمن، هو إقرار تعين رئيساَ لهيئة استيعاب المنح، من أصول تونسية، كون المانحين لا يثقون بهذه الحكومة.
مستشار لاستيعاب المنح
ومع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر السابع، كانت حكومة الوفاق- والتي وفق تأكيد واجماع دولي حققت رقما قياسياً في الفشل، قد عمدت إلى تنفيذ عدد من الاشتراطات المقرة عليها من المانحين، وكان أبرزها صدور قرار من رئاسة الوزراء بتعين شريف فياض – رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المقالة، مستشاراً للهيئة لاستيعاب المنح، وتلت ذلك بإصدار قرار أخر يقضي بتعين وزيرة حقوق الإنسان سابقاً السيدة أمة العليم السوسوة، أميناً عاماً للهيئة.
وكانت حكومة الوفاق تهدف من تعين السوسوة، إلى كسب ود المانحين الذين تحظى لديهم السوسوة بثقة كبيرة، وجراء ذلك حاولت الوفاق جاهدة، استثمار تلك الثقة، لكن الاشقاء في المملكة العربية السعودية حد ذكر مطلعين، فطنت اللعبة التي كانت الوفاق ترمي من خلالها، ترميم فشلها في إدارة سياسة البلد، وجره إلى مربع الانهيار سياسياً وإدارياً واقتصادياً وأمنياً ... إلخ.
أمة العليم السوسوة أيضاً كانت تحفظ عن ظهر قلب، تفاصيل ما ترمي إليه حكومة الوفاق من تعينها أمينة للهيئة، التي يعتلي هرم راستها/ محمد سالم باسندوة، وهو رئيس الوزراء الذي اعترف علناً أنه لا يستطيع أن يوجه أبسط موظف في حكومته، ولا يعرف شيء عن ملفات البلد ولا ما الذي يجري ولا كيف تدار البلد ولا من يديرها.
العضو الوحيد الذي تحدث عن الاقتصاد
والسوسوة هي العضو الأول والوحيد في مؤتمر الحوار الوطني، الذي أكد أن قضية اليمن اقتصادية وبامتياز، وأن الهروب عن مفصل القضية، لن يزيد الأمور إلا تعقيداً والمشهد أكثر ضبابية، ولن يكون بإمكان اليمن التعافي ما دام الجميع يدير ظهره للاقتصاد ويفر نحو السياسة التي أرهقت البلد.
ولذلك كانت السوسوة غير آبهة بالتعين، وشوهدت بعد تعينها وهي في أحد بلدان الاتحاد الأوروبي.. وحد تأكيد مقربين منها، فإنها لم تكن تتطلع إلى مثل هذا المنصب، وخاصة وهي تكاد تكون الشخصية اليمنية الأبرز والأقرب من الأمم المتحدة، وصناعة القرار العالمي، ويتأكد هذا أكثر من خلال تفضيلها عدم البروز عبر وسائل الإعلام والإدلاء بتصاريح، وإعلان خططها في العمل وغيره.
وحسب مهتمين تفرد السوسوة بالإعلان بأن مشكلة اليمن اقتصادية بدرجة رئيسة في مؤتمر الحوار، جعل حكومة الوفاق تعتقد واهمة أن ذلك إيعاز ورسالة من العالم الخارجي للوفاق، بأن السوسوة تملك الحل لمساعدة البلد، بمساندة وتوجيه ودعم وتأييد خارجي، مع أن الأصل لم يكن سوى رؤية ناضجة تحملها السوسوة وليس أكثر، ووقعت الوفاق في إخفاق أخر عياره ثقيل.
فشل الإدارة
ويقول خبراء ومطلعين على سياسة الوفاق على كافة الأصعدة: إن الوفاق لم تقدم على أي خطوة في الطريق الصحيح، لتجنيب البلد من الانزلاق في الهاوية، وما تعلن عنه ليس إلا مجرد تأكيد على أنها لا تفقه شيء، إذ المشكلة التي تستفحل في شرايين هذه الحكومة هي الفشل في إدارة البلد، ومن ثم هروبها وعدم الاقتراب من تلك الدائرة، وإلا هل يٌصدق أن بلد يفتقر إلى أبسط البنى التحتية، ولا تجد الحكومة التي تتولى إدارته مشاريع فعلية تقدمها للمانحين لاستيعاب المنح المقدمة لها..؟
أليس هذا أكبر دليل على فشل هذه الحكومة، في إدارة البلد ويكفي لأن تشتعل ضدها ثورات وليس ثورة واحدة، ثم ما الذي تريده بالذهاب من مؤتمر إلى أخر، وهي تعلم مسبقاً أن نفس النتيجة، في انتظارها مع فارق تلقي مزيد من الصفعات وتأكيد عدم الثقة بها من قبل العالم وفي محافل دولية هامة، وأمام العالم أجمع، فأي حكومة هذه وهي التي لا تخجل من استجداء العالم مزيد البصق على وجهها.
أربعة عشر مليار دولار
هل يٌعقل أن يتسبب فساد حكومة بلد -تعداد سكانه 25مليون أكثر من نصفهم يعيشون تحت خط الفقر، أن يتسبب الفساد في ضياع أربعة عشر مليار دولار في عام واحد، ووفق تأكيد بيانها المالي السنوي للعام الماضي، ثم لا تلبث أن تٌبدي استياءها من الحديث حول هذا.
وشيء أهم تضمنه البيان نفسه، هذا الشيء يتمثل في تحفظ هذه الحكومة من الخوض الصريح والمباشر حيال الفساد، وكذلك إدارة ثروات البلد، واصلاح المالية العامة، وتنمية الموارد وتفعيل آليات التوريد والتحصيل، وإيجاد موارد أخرى لرفد الخزينة العامة التي يتعاظم عجزها عاماً تلو الأخر وبشكل أكثر حدة منذ تولت إدارة البلد.
وفي ذات السياق أكدت اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة واقرار الموازنة العامة للدولة، أن حكومة الوفاق ضمنت بيانها المالي والموازنة العامة مغالطات كثيرة، توحي بانها تتعمد عدم معالجة المشاكل العالقة وانقاذ البلد، وكان من أبرز المغالطات التي اوردتها اللجنة، تحديد عجز الموازنة أقل بكثير من العجز الفعلي على الواقع، والتحدث عن حلول بعبارات مطاطية دون إيراد أي حل، وكذلك إخلاء مسئوليتها مما لحق بالبلد في عهد والرمي بالحمل على كاهل الحكومات السابقة، والذهاب إلى التأكيد بأنها ليست حكومة مخولة بإدارة البلد، وإنما هي حكومة وفاق وطني.
أسوء حكومة
وليس هذا فحسب بل يجمع المراقبين والمنظمات العالمية المتخصصة في تقييم أداء الحكومات، أن حكومات الوفاق تندرج ضمن أسوء حكومات العالم العشر في إدارة البلدان، وكان تقرير منظمة الشفافية العالمية للعام الماضي، صنفها كثالث دولة عالمياً في ممارسة الفساد والأولى عربياً، و كان تصنيفها العام قبل الماضي السابع عالمياً والثالث عربياً، وأيضاً صنفتها تقارير أخرى بأنها من أسوء الحكومات في مجال مكافحة الفقر والبطالة، ومن أكثر الحكومات العاجزة عن تقديم الخدمات العامة، وتوفير المياه والطاقة والغذاء والصحة و......إلخ.
سفيه يبدد الأموال
وفي حديث صحفي مع البروفيسور والخبير الاقتصادي- وزير المالية الأسبق، الدكتور سيف العسلي، نشرته أخبار اليوم الاقتصادي العام الماضي، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن السادس، قال العسلي: إن العالم الخارجي يقول أنا لا أعطي مالي لسفيه يبدده، وحكومة الوفاق سفيه تبدد الأموال، ولذلك وفق العسلي لا جدوى من الاستمرار في تلك المؤتمرات، ومن الأفضل سواءً لحكومة الوفاق أو غيرها من الحكومات اليمنية، أن تترك التسول وتلفت إلى الداخل وتستشعر المسئولية في إدارة البلد وثرواته.
وقال آنذاك: العالم الخارجي لن يستمر في أخذ الضرائب والجمارك والرسوم المختلفة، من مواطنيه والدفع بها كمساعدات ومنح وقروض لحكومة لن تحقق منها منفعة سوى تغذية ملفات الفساد، وغير الدكتور العسلي ذهب خبراء اقتصاد إلى نفس ما أكده العسلي، وأجمعوا أن لا جدوى من الهروب نحو الخارج وترك ثروات الداخل، غنائم للنهب والتقاسم، وأشاروا بأن المشكلة أبسط مما تقول بها الحكومة، فالمشكلة تتلخص في غياب الإدارة الفعلية للبلد.
وجراء تعاظم ورطة حكومة الوفاق هذا العام أكثر من السابق، فقد كانت تعول على المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، إلا أن الرد كان قاسياً، حيث كانت تعول عليه في مساعدتها على الخروج من دائرة العجز وخاصة ما يتعلق بعجز الموازنة العامة الذي سيفوق حد تأكيد خبراء اقتصاد تريليون ومائتي مليار ريال، وليس كما أوردته حكومة الوفاق بيانها المالي بأنه ستمائة وثمانية وسبعون مليار ريال، بل الضعف ويوازي حوالي نصف الموازنة.
الورقة الأخيرة
ومع أن عجز الموازنات لا يمكن مواجهته من المنح والقروض إلا أن حكومة الوفاق كانت تأمل ذلك، ومع اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر، لم تجد الوفاق لموارة فشلها، غير إعلانها الصريح بأنه لا يوجد حل لمواجهة خطر عجز الموازنة سوى رفع دعم المشتقات النفطية، عبر وزيرها الذي كان إلى ما قبل الأسبوع الماضي، ينفي نفياً قطعياَ لجوء حكومته إلى مثل ذلك الإجراء.
ويبرهن.. مطلعين أن حكومة الوفاق كانت تدخر ذلك الإجراء كأخر ورقة لإنقاذ سياستها خاصة المالية التي يغيب عنها الإنفاق الاستثماري، ويبرز الإنفاق الجاري، ولذلك عندما اعتذرت السعودية لم تجد وسيلة غير إعلان الجرعة السعرية والتي سيليها جرعات أخرى.
اعتذار بدأ قبل عام
وهناك من يذهب للقول بأن اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، ليس نتاج لحظة راهنة، بل كان يجري الإعداد له منذ أكثر من عام، خاصة وأن السعودية كانت الجهة الوحيدة التي سلمت للحكومة اليمنية كامل المبلغ الذي تعهدت به لدعم اليمن في مؤتمرات المانحين، وزادت عليه مبلغ مليار دولار كوديعة للحكومة لدى البنك المركزي اليمني، وكذلك منحة مجانية من المشتقات النفطية.
وتنامى بعد ذلك أخبار مؤكدة تفيد أن حكومة الوفاق تقدمت إلى الحكومة السعودية بطلب للحصول على قروض، إلا أن الحكومة السعودية اعتذرت، وكان ذلك ثاني مؤشر على أن السعودية ترتب منذ فترة للتوقف عن مساندة هذه الحكومة التي لم تستطع الخروج من دائرة الفشل والعجز، ومؤشرات أخرى أبرزها التعامل مع العمالة اليمنية الوافدة في إطار كلي تحت تعديل نظام الكفيل مع عدم وضع أية اعتبارات لوضع البلد والعلاقات التي تربط البلدين.
واعتبر خبراء أن الحملات التي تطال الحكومة السعودية في كثير من وسائل الإعلام اليمنية، كانت من أبرز عوامل تأجيج الموقف السعودي تجاه اليمن، ثم كانت القاصمة وفق تأكيد كثير، وهي قيام وزير الخارجية اليمني الدكتور/ أبو بكر القربي بنقل معلومات مغلوطة، عن موقف وسياسة اليمن تجاه الجارة السعودية، وخاصة تجاه الوضع الأخير الخاص بقضية حضر السعودية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن وجماعة الحوثي، وكذلك الوضع المتأزم مع قطر والذي بسببه قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفراءها من قطر.
المخابرات البريطانية
وترافق ذلك مع إعلان الديوان الملكي السعودي، مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياَ للعهد أو ملكاَ للبلاد في حال خلو أياً من المنصبين، وكانت المخابرات البريطانية في منتصف العام الماضي، سربت تقارير تشير إلى أن الملك القادم للملكة العربية السعودية، هو الأمير مقرن بن عبدالعزيز، والذي تعده المخابرات الأميركية الرجل الأول والذرع القوي الذي يقوم بمحاربة القاعدة وجناح الإخوان المسلمين المتطرف، في جزيرة العرب والشرق الأوسط، ومن خلال هذه المعطيات أفاد مطلعين بأنه لا يستبعد أن تكون مخابرات أجنبية، هي التي تقف وراء ذلك التغيير المباغت.
ولم يستبعد مطلعين أن اعتذار السعودية عن استضافة المؤتمر السابع لأصدقاء اليمن، والذي برزت مؤشراته منذ أكثر من عام، لم يستبعدوا أن يكون الاعتذار، ضمن مجموعة إجراءات كان يجري تدارسها تجاه اليمن، سيقود تنفيذها الأمير مقرن الملك القادم للملكة العربية السعودية وفق تسريبات المخابرات البريطانية قبل ما يقارب العام.