الرئيسية / تقارير وحوارات / كاتب يتحدث عن اكتشاف طريقة سلمية لـ«تفريخ جماعة الحوثي» وإيقاف تمددها ..تفاصيل
كاتب يتحدث عن اكتشاف طريقة سلمية لـ«تفريخ جماعة الحوثي» وإيقاف تمددها ..تفاصيل

كاتب يتحدث عن اكتشاف طريقة سلمية لـ«تفريخ جماعة الحوثي» وإيقاف تمددها ..تفاصيل

10 فبراير 2014 11:52 صباحا (يمن برس)
كشف كاتب وصحفي يمني عن طريقة سلمية للقضاء على جماعة الحوثي والحد من انتشارها المطرد بالسلاح والعقيدة في العُمق اليمني وخاصة في المناطق الشمالية التي يتوسع فيها باستخدام الحروب والقبائل .
 
وأجاب الكاتب سام عبدالله الغُـباري رئيس تحرير صحيفة «الشرق»(متوقفة ) في مقال تحليلي حمل عنوان «تفريخ الحوثي» عن سؤال «هل يمكن تفكيك جماعة "أنصار الله" الموالية للشاب الشيعي عبدالملك الحوثي؟».
 
وقال الغباري أن «التحدي الأبرز الان في اليمن يحفز النخب السياسية لإعلان النفير من خطورة المد الحوثي الذي يُجمل صورته بإستئجار العديد من الشخصيات المدنية للحديث بإسمه. واضفاء قدر ممكن من السلمية والتبرير لمقاصده التوسعية تحت لافتة المظلومية السابقة التي تعرض لها من الجيش اليمني في ست حروب لم تنجح كلياً بالقضاء على فكرة الجهادية (الحسينية) ضد الحكام الظالمين التي يتبناها. بل صارت هذه المظلومية مبرره التوسعي لحماية نفسه وتسليحها من الاعداء المفترضين».
 
واستعرض الكاتب الطريقة التي استخدمها الرئيس السابق في تفريخ التنظيم الناصري ، مضيفاً «هناك نقاط ضعف لا يستطيع الحوثي ملأها وهي التي تّـمكن النظام المركزي بالعاصمة أو خصومه من استثمارها في سبيل اضعاف تقدم "أنصار الله" المدهش والمقلق في آن. أهم هذه النقاط الارتكاز على خطة "تفريخه" وهي لعبة برع فيها الرئيس السابق علي عبداله صالح حين صعد لسدة الحكم وواجه كل التكتلات المليشاوية أو العقائدية والقومية بالرقص على رؤوس الثعابين».
 
واستطرد الكاتب في توضيح علاقة جماعة الحوثي بالأسر الزيدية الأخرى والتي تنافسها في المذهب ،مشيراً إلى أن تقوية هذه الأسر ودعمها خصوصاً من الدول الإقليمية المتمثلة في المملكة العربية السعودية يمثل الحل الناجح لتفتية الحوثية وتقليص نفوذها وامتدادها الشعبي .
 
ولأهمية الموضوع يعيد «يمن برس» نشر نص المقال كاملاً :
 
تفريخ الحوثي!
 
سام عبدالله الغُـباري
 
هل يمكن تفكيك جماعة "أنصار الله" الموالية للشاب الشيعي عبدالملك الحوثي بما يضمن عدم انتشارها المطرد بالسلاح والعقيدة في العُمق اليمني وخاصة في المناطق الشمالية التي يتوسع فيها بإستخدام الحروب والقبائل واضفاء القداسة النورانية على "مسيرته" التي يصفها بأنها مسيرة "قرآنية" حوّلت زعامته الروحية لما يشبه "الرحمة" التي يؤمن بها انصاره حد الرغبة في الموت من أجلها.
 
التحدي الأبرز الان في اليمن يحفز النخب السياسية لإعلان النفير من خطورة المد الحوثي الذي يُجمل صورته بإستئجار العديد من الشخصيات المدنية للحديث بإسمه. واضفاء قدر ممكن من السلمية والتبرير لمقاصده التوسعية تحت لافتة المظلومية السابقة التي تعرض لها من الجيش اليمني في ست حروب لم تنجح كلياً بالقضاء على فكرة الجهادية (الحسينية) ضد الحكام الظالمين التي يتبناها. بل صارت هذه المظلومية مبرره التوسعي لحماية نفسه وتسليحها من الاعداء المفترضين.
 
من البديهي أن استمرار مثل هذه الجماعات الدينية المسلحة مرهون بإستثمار قضية عامة يجعلونها شعاراً دائماً لهم لكسب التعاطف والتأييد الداخلي في ظل حماية اقليمية من دول لها مصالحها المذهبية أو السياسية أو حتى الوجودية العابثة بالثروة وشراء الدول والشعوب.
 
في البداية كان الأمر مجرد "صرخة" يرفعها انصار السيد حسين بدرالدين الحوثي الذي قتلته القوات الحكومية في 2004 من داخل المساجد تدعو لموت اميركا ولعن اليهود ونصرة الاسلام. انه شعار براق في ظل موجة الاختراق الاميركي اللعين على البلدان العربية والاسلامية وبخاصة اليمن ومشاهد المأساة المُعمقة للاحتلال الصهيوني السافر لدولة فلسطين منذ اكثر من خمسين عاماً. هذه الصرخة لم تكن مبررا كافياً للبقاء إلا أن استثمار حروب الدولة اليمنية على وجودهم الفكري كان مبررا جيداً لمواصلة دعوتهم التي لاقت بعد سقوط نظام صنعاء رواجاً لافتاً مكنهم بعد ذلك من الاستيلاء على صعدة الحدودية للمملكة السعودية التي ساهمت هي الاخرى في ضرب معاقله وتحصيانته بموافقة حكومية رسمية خلال الحرب السادسة والأخيرة التي انتهت بمعاهدة سلام بين الحكومة المحلية وهذه الجماعة التي تستثمر كل شيء من أجل بلوغها عنصر الديمومة كي لا تصاب بالتكلس والانهيار.
 
بعد الصرخة تجاوز الحوثيون مبرر بقاء اسلحتهم وعتادهم وقوتهم ووجودهم أصلاً بكونهم قوة سياسية لكنها في الوقت عينه لم تقدم أي شكل أو برنامج لإطارها السياسي. بل واصلت الاحتماء بظلال عدد من المدنيين واساتذة القانون والبرلمان والاعلاميين الذين يختلقون كل فترة مبررات الديمومة. فيما تشهد الوقائع الميدانية اشتباكات مستمرة وحروب متقطعة على رموز مشيخية وقبلية في المناطق المحيطة بعاصمتهم صعدة تضمن اذعانهم أو اقصائهم وتهجيرهم من مناطقهم امثال عثمان مجلي في صعدة، وصغير بن عزيز في حرف سفيان، وآل الأحمر في عمران. بجانب هذا كله يستثمر الحوثيون غباء الجماعات السُنية التي تُـحرم احتفاله الدائم بالمناسبات الدينية مثل "المولد النبوي" لجعله الوريث الشرعي للشخصيات المقدسة بالنسبة للمسلمين عامة.
 
انطلق حسين الحوثي من مدرسة والده الفقهية وقد كان ضمن عدد محدود من رجال الدين التابعين للمذهب "الزيدي" في منطقة صعدة بشمال اليمن. هذا المذهب الذي شهد انحساراً واضحاً بعد سقوط حكم الأئمة عام 1962 واعلان الجمهورية في الشطر الشمالي من اليمن آنذاك.. غير أن طموح الحوثي السياسي وارتباطه بالمد الشيعي الإيراني أشعر رجال الدين الآخرين بالخطر فأصدروا براءتهم الشهيرة من اقواله ومعتقداته. إلى أن اضطروا لمهادنة قوته المليشاوية بعد سيطرته التامة على مناطق الشمال اليمني وانشقاقهم عن "جمعية العلماء الرسمية" لتكوين "رابطة العلماء" الذين يشكلون الان مرجعيته المذهبية أو الدينية كي تكتمل مؤسساته المفترضة لتحويل جماعته لكيان رديف للدولة يُصعب فيما بعد فكرة ازاحته عن المشهد السياسي أو الديني أو الشعبي في النسيج اليمني العام.
 
الحوثية في تركيبتها المعقدة ليست واضحة حتى لمن يشتغل في بنيتها وحتى لخصومها، وتبدو فاعلا قويا ومتغيرا الا انها انعكاس لماضوية حالمة تم عجنها بالخبرات الاسلاموية السنية والشيعية على مستوى العقيدة والادوات وهي افراز طبيعي لتجاهل مناطق القبائل من قبل النخبة التي تحكمت بالجمهورية ونزوع انتقامي من الاكتساح الاخواني فيها، ونتيجة طبيعية لغياب قيادات جديدة في البنية القبلية من خارج منظومة المشيخ التقليدي الذي ظل عاجزا عن الاستجابة لحاجة منطقة القبائل في ظل متغيرات جذرية في الواقع اليمني. الاهم انها ردة فعل متوحش ضد التغيير الذي افرز تغييرا اجتماعيا جذري قاد الى تهميش الهاشمية الزيدية التي وجدت نفسها بلا قاعدة في الانتخابات المتلاحقة التي خاضتها الاحزاب الدينية المعبرة عن الحزبية الهاشمية.
 
ماذا نريد إذا؟ هناك نقاط ضعف لا يستطيع الحوثي ملأها وهي التي تّـمكن النظام المركزي بالعاصمة أو خصومه من استثمارها في سبيل اضعاف تقدم "أنصار الله" المدهش والمقلق في آن. أهم هذه النقاط الارتكاز على خطة "تفريخه" وهي لعبة برع فيها الرئيس السابق علي عبداله صالح حين صعد لسدة الحكم وواجه كل التكتلات المليشاوية أو العقائدية والقومية بالرقص على رؤوس الثعابين. أو سياسة "فرق تسد".. هذا هو الحل الرئيسي لتفكيك الجماعات المسلحة العقائدية التي تهدد كيان الدولة الناشئة أو الضعيفة بصورة حقيقية لا يمكن أنكارها. لقد استطاع صالح تمزيق الحزب الناصري الذي واجهه بإنقلاب عسكري فاشل في عام حكمه الأول، مع اهمية ايلاءه لتقوية المركز بكل السبل وتكوين تحالفات جديدة خاصة به يضمن ولائها له، كان اهمها انشاء "المؤتمر الشعبي العام" في عام 1982 كتنظيم سياسي مكون من مختلف التيارات والوجوه البارزة في المجتمع.
 
- خطة "التفريخ" ترتكز ايضاً على أن أجداد الحوثي لم يكونوا في يوم، وخلال حكم الأئمة الطويل لليمن، حكاماً عليها. ومن الذكاء انتزاع مسألة القداسة الإمامية للبيت الهاشمي الذي صار الحوثي ممثله الحصري بإنشاء نسخة مقدسة في أغلب المناطق التي كانت عواصم مختلفة لليمن القديم الموحد مثل آل المتوكل والمهدي بذمار. ونفس الشيء يتم عبر اعادة بيت حميد الدين الى اليمن ودعمهم لتكوين تحالف امامي مناهض لفكرة الحوثيين وكذلك آل شرف الدين في كوكبان والمنصور في صعدة والشامي في إب خاصة وأن كل هذه الأسر وغيرها ترتكز على ماضيها الحاكم لليمن الطبيعي وتلتقي جميعها في نسب واحد ربما تكون سيرهم التاريخية أعمق من آل الحوثي الذين لا تاريخ يربطهم بإرث اليمن قبل قيام الجمهورية.
 
قوة "الحوثي" الحالية مرهونة بإنتفاء منافسين له في مشروع ولايته أو اماميته الحالمة لليمن. وفي حال بروز منافسين حقيقيين له ستبدأ هالته التي حرص على تلميعها بالتصدع وانقسام التأييد الشعبي لعدد مدروس من اللامعين المنتسبين للأسر الهاشمية بما يكبح جماح هذا الموروث التقليدي ويدفنه مع مرور الأيام.
 
لكن نجاح هذه الخطة مرهون بإرتباطها بدعم اقليمي باذخ وخاصة من السعودية التي لم تجد حلاً للمعضلة الحوثية إلا بعقد تحالف باطني معها وتغيير حلفائها في الداخل اليمني الذين فقدوا شعبيتهم وبالتحديد مشايخ آل الأحمر الذين هُجروا من منازلهم وقراهم واستبدالهم بمشايخ محبوبين كآل عاطف وابو شوارب وجليدان في "حاشد" وآل الشايف في "بكيل" وتفعيل دور عائلة صالح باعتبارها العائلة السياسية المؤثرة في المشهد اليمني العام، إضافة الى ضرورة رفض تشكيل الأقاليم السياسية التي ستحول الحوثي الى جماعة متحكمة في الإقليم الأكثر شراسة المرتبط جغرافياً بالعاصمة مما قد يعرضها للسقوط الحتمي في يد هذه الجماعة التي باتت الان تشكل صداعا دائما للمستقبل اليمني.
شارك الخبر