الرئيسية / مال وأعمال / تأخر تقديم موازنة اليمن لـ2014 أكثر من شهرين ورهن أصول شركة النفط مؤشر على انهيار الدولة
تأخر تقديم موازنة اليمن لـ2014 أكثر من شهرين ورهن أصول شركة النفط مؤشر على انهيار الدولة

تأخر تقديم موازنة اليمن لـ2014 أكثر من شهرين ورهن أصول شركة النفط مؤشر على انهيار الدولة

09 ديسمبر 2013 03:42 مساء (يمن برس)
إذا كان با سندوه غير قادر على معالجة الوضع والخروج من مأزق الأزمات المتوالية, بدون مزيد من التصرفات غير الطيبة, عليه أن يترك رئاسة الوزراء ويعود إلى منزله ويترك البلد لمن يجيد أو يقدر على انقاد البلد.

كان من المتوجب الإعلان عن تشكيل والانتهاء من الموازنة العامة للدولة قبل شهرين من الآن, لكن الحاصل هو تكرار نفس السيناريوهات الماضية, ولا جديد بل الجديد ربما أو قد يكون أسوأ, ولا يبشر بانفراج, مادام الوضع كل يوم يزداد تدهوراً, والسياسة العامة عقيمة.

ما سبق من حديث صحفي للخبير الاقتصادي ـ أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء كلية التجارة د/ علي محمد جبران, صاحب كثير من المبادرات والدراسات الاقتصادية, الكفيلة حد تأكيداته بإخراج البلد من المآزق المتوالية, ويكرر د/ جبران أن من أهم الحلول الكفيلة بإنقاذ البلد من الولوج إلى الهاوية, إصلاح النظام في إطار السياسة المالية العامة, التي تكشف عن اختلالات في أدائها, بداية بالبنك المركزي اليمنية الذي يكرس سياسة مختلفة, ولا يحتاج إلى تأكيد إخفاقه في أداء وظيفته الرئيسة.

ـ من أين ستأتي بميزانية؟
د. جبران في حديثه الصحفي ـ للمحلق الاقتصادي, أكد أن الموازنة للدولة لعام 2014م لن تخلو من نفس عيوب العام المشارف على الانتهاء, بل ومن خلال الوضع الراهن, فإن موازنة 2014م فد تفوق سابقتها في العيوب, وإذا كانت حكومة الوفاق عاجزة عن دفع المرتبات لموظفيها, فمن أين ستأتي بميزانية, خاصة وأن لا توجد إيرادات وحصصها من الصادرات النفطية في تراجع مستمر, في ظل عجز عن حل الإشكاليات القائمة.

وكان د. جبران تقدم بأكثر من مبادرة لمعالجة أزمة المشتقات النفطية, التي ما تزال قائمة وحكومة الوفاق عاجزة عن معالجتها ومعاناة المواطن تزداد, ومن الحلول التي يكرر طرحها لمعالجة هذه الأزمة واستمرارها تشغيل الطاقة الكاملة لمصفاة عدن, لتغطية كميات من الاستهلاك المحلي القائم على الاستيراد.

ولكن حكومة الوفاق غير جادة, في إيجاد معالجات للأزمات المتوالية, كما أنها لا تفكر في الحلول لأن الحلول ليست في صالح المستفيدين من بقاء الوضع, حد ما ذهب إليه خبير الاقتصاد د/ جبران, وإلا لو عمدت حكومة الوفاق إلى تخصيص مبلغ من المال أو القروض المقدمة من العالم الخارجي, لتشغيل الطاقة الكاملة لمصفاة عدن, فإن ذلك سيوفر عليها من الخارج في حين تقوم بتصدير حصتها من المشتقات, وتقوم بالاستيراد لتغطية الاستهلاك المحلي.

مؤشر خطير
ويسخر د/ جبران من إعلان الوفاق، عجزها عن حل أزمة المشتقات النفطية، وقولها من أين الموازنة لإصلاح مصفاة عدن، ويشير إلى أنها لو كانت حكومة تفكر، ستقوم بتخصيص مبلغ من المنح والمساعدات لإصلاح المصفاة، ومنابع الإيرادات بدلاً من توجيها لأمور لا تقدم شيئاً.

وذهاب حكومة الوفاق إلى رهن أصول وممتلكات الدولة، ومن أبرزها أصول شركة النفط التي تقدر بأكثر من مائتي مليار ريال معرضة للتلف، ورهنها مقابل ستين مليار هذا بالنسبة للدكتور/ جبران، مؤشر خطير على انهيار الدولة كلياً، ويحذر من مثل هذه التصرفات، وحول عزم حكومة الوفاق الاتجاه نحو رهن أصول مؤسسات أخرى، يقول د/ جبران إذا صدق هذا فإننا نقول لرئيس الوزراء، البلد ليست بحاجة لبيع ما تبقى من ممتلكاتها، والتي تعتبر ملكاً للشعب، وأن عليه أن يغادر مجلس الوزراء ويعود إلى منزله، ويترك الأمور لمن هو قادر على معالجة الوضع والخروج من الأزمات المتوالية.

ويضيف: ليس هناك ما يسمح أو يرخص لخصخصة شركة النفط، لأنها مؤسسة خدمية تقدم خدمة، تمثل أحد الشرايين الرئيسة المرتبطة بالحياة العامة، وهي أحد وظائف الدولة والخصخصة لشركة النفط معناه السماح بالاحتكار لهذه الخدمة والتأثير على الحركة والنشاط العام، ثم ما الذي ستقوم به الدولة من وظائف إذا تم ذلك.

إصلاح النظام الضريبي
ويتساءل د/ جبران لماذا تقوم حكومة الوفاق برهن أصول شركة النفط أو غيرها، وما ستحصل عليها مقابل الرهون، هل ستحل المشكلة كلياً؟، بكل تأكيد وفق د/ جبران، هذا لن يحل المشكلة، فعند نفاذ السيولة من الرهون ستعود المشكلة ، وحينها ما الذي ستقوم برهنه؟، وبدلاً من ذلك، فأني أقول لحكومة الوفاق: لا حل للأزمات المتوالية التي تقود البلد إلى كارثة سوى الإصلاح الضريبي، والبدء بفتح ملفات كبار التجار المتنفذين، وإلزامهم بدفع كل ما عليهم من ضرائب كاملة، وكذلك شمل كافة التجار والمكلفين ضريبياً بالالتزام بدفع ما يتوجب عليهم من ضرائب.

يقول د/ جبران إذا كان تم رهن أصول شركة النفط بستين مليار ريال، فإن التهرب الضريبي يقدر بأكثر من خمسمائة مليار، والأولى أن تقوم بتحصيل ذلك، وعلى سبيل المثال، إحدى شركات الاتصال الخاصة عليها أكثر من خمسين مليار ريال، فلماذا تخشى حكومة الوفاق إلزام هذه الشركة بدفع ما عليها من ضرائب أو وضع اليد عليها بقوة القانون.

ومن أكبر الدلالات على ضعف الحكومة، وفق د/ جبران رضوخها للضغوط، والتخلي عن هيبتها والحق المتوجب على هذه الشركة، وهروبها من دفع ما عليها من ضرائب، برفع دعوى قضائية للتملص عن الدفع، وبدلاً من أن تقوم الدولة بمحاكمة الشركة أصبح العكس، ويكرر د/ جبران تأكيده بأن الحل في إصلاح النظام الضريبي، وإلزام المكلفين كافة بدفع ما عليهم من ضرائب، وبلا استثناءات أو اعتبارات تخالف القانون، مثل الحاصل حالياً من انتهاك للقانون وفرص النفوذ واستغلاله وكذلك الوساطة للتهرب عن دفع الضرائب المتوجبة، وليس هذا فحسب بل زيادة عليه رفع دعاوى قضائية ومطالبة الحكومة بتعويضات تثير السخرية وتمثل قمة الابتزاز.

الحلول بيد الخبراء
إصلاح النظام الضريبي سيعالج معظم المشاكل، وخير دليل التجربة اللبنانية في هذا المجال، حسب د/ جبران ويطالب أطراف العملية السياسية، بترك المجال للخبراء هذا إن كان يهمهم استقرار البلد، فالخبراء كانوا العامل الأول والرئيس في معالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008م، حيث اضطلع الخبراء بتقديم الحلول وقامت الحكومات بتنفيذها والخروج من الأزمة.

واليمن كما يقول د/ جبران هي جزء من هذا العالم وإنقاذه بيد الخبراء الذين يملكون الحلول الفعلية، ولكن الأطراف السياسية والمستفيدين من الوضع يصرون على استبعاد الخبراء وتوزير الموالين لها الذين لا يخالفون الأوامر، وليس لهم أي صلة أو معرفة بالوظائف والمهام في المناصب التي يشغلونها، وإنما تم وضعهم في هذه المناصب لخدمة أحزابهم.

وعن الشروع والمطالبة بإصلاحات ضريبية يتساءل د/ جبران أين هذه الإصلاحات؟، مضيفاً: نعم هناك زيادة بسيطة في الإيرادات لكن لا توجد إصلاحات والزيادة لا تعني أنه تم إصلاح الضرائب بل ذلك نتيجة حتمية من توسع الأنشطة، لكن المطلوب إصلاح كلي وصولاً إلى إنهاء التهرب الضريبي الذي يقترب من التريليون ريال سنوياً أي ما يعادل خمسة مليارات دولار، وهو ما يمثل حوالي 40 إلى 45 بالمائة من إجمالي الموازنة العامة والتي لا تسهم فيها الضرائب سوى بأقل من 5 بالمائة.

مع أن نسبة الإسهام من إجمالي الدخل القومي وكما يرد هو نسبة 25 بالمائة.

وقال د/ جبران يُفترض بحكومتنا أن لا تنتظر نصائح الخارج للإصلاح الضريبي، فذلك لا يحتاج إلى نصيحة أو برهان وقد بُح صوتنا ونحن ندعو إليه، ويشير أنه لم يلمس أي إصلاح ضريبي من خلال متابعته وارتباط تخصصه بالضرائب بشكلٍ أكبر وأن ما يجري من أحاديث ليس مجرد كلام ينتهي بمجرد الانتهاء من الحديث به.

ويضيف د/ جبران بأنه لا يعتقد أنه سيكون هناك أي جديد للموازنة العامة للدولة للعام القادم 2014م في ظل الأزمة الحالية, ويستغرب د/جبران من تداول أن موازنة العام القادم ستكون زيادة عن العام المشارف على الانتهاء بمبلغ مليار دولار, قائلاً: من أين مليار دولار وهي لم تستطع تسليم رواتب الموظفين, وعقب بقوله: أنا الآن شخصياً ورغم اهتمامي بهذا المجال لكن إلى الآن لم أسمع أن اللجنة العليا للموازنة أو مجلس الوزراء تحدت عن الموازنة ولهذا أترك الحديث إلى الإعلان عنها وقراءة الخطوط العريضة لها.

ومن باب التوقع قال د/جبران: من خلال الأزمة المتنامية التي تمر بها الحكومة وخاصة خلال الأربعة الأشهر الأخيرة أتوقع أنه لا جديد وأن الموازنة ستواجه مشاكل أكثر والنفقات سترتفع ولن تتواكب الزيادة مع زيادة النفقات.

وحول مطالبة البنك الدولي وصندوق النقد الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية, يذكر د/جبران أن هذا الموضوع ليس ذو أهمية, حيث أن مخصصات الدعم لا تمثل شيئاً مقابل ما يجري إهداره من مبالغ بلا جدوى, فالدعم ليس كما قد يتصوره كثير, لا يتجاوز من عشرة إلى خمسة عشرة ريالاً للتر البنزين, أي أن تكلفة إنتاجه لا تتجاوز 135 ريالاً ويتم بيعه بـ 125 وهنا الفارق بسيط, إلا إذا كانوا يريدون الربح فهذا أمر آخر, وهنا تكمن المشكلة بأن حكومة الوفاق معتمدة على الاستيراد والشراء من الخارج ولو تم تشغيل مصفاة عدن لن يكون الأمر كذلك, وهو ما يثبت أن سياسة الاستيراد غلط.

واستبعد د/جبران حصول أي إصلاح ضريبي للآن غير زيادة طفيفة في الإيرادات والحل يكمن في الإصلاح الضريبي ولا يوجد أزمة إلا ولها حل ولكن عندما يتصدر السياسيون المشهد فإن الأمر يزداد سوءاً ولذا على السياسيين أن يعتزلوا تصدر المشهد, وهنا سيتحسن المجال الاقتصادي وهذا بدروه سينعكس إيجاباً على الحالة العامة للبلد.

وحول تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي, قال د/ جبران: هذا مؤشر طبيعي أن يحصل في ظل السياسة النقدية الأجنبية المتخبطة وأرجع د/جبران الانخفاض إلى أسباب سياسية وأخرى تتعلق بوجود إيرادات وهو ما ينطبق على انخفاض حصة الحكومة من الصادرة النفطية والجانب السياسي وفق د/جبران يتمثل في وجود مجاملة لفرنسا وفتح شركة توتال امتيازات أكثر على حساب البلد, وبالنسبة للفساد فهو يغرق قطاعي النفط والغاز والحكومة لم تتخذ أي إجراءات للحد منه.

ويفيد د/ جبران أن الوسيلة المثلى لتعافي قطاع النفط والغاز هو القضاء على الفساد وإعادة النظر في الاتفاقيات والتعيينات وغيرها ما يتعلق بالاستثمار والاستكشافات النفطية والغاز, ولكن بقاء الوضع كما هو عليه فلن يزيد إلا الطين بله, فلا يوجد توجه من قبل الرئيس ولا رئيس الوزراء ولا الوزراء المختصين لإحالة أي مفسد للتحقيق أو إصلاح هذا القطاع الحيوي الهام.

*المصدر: صحيفة أخبار اليوم
شارك الخبر