هل تتذكرون نجود علي، العروس الطفلة التي هربت من زوجها، والتجأت الى المحكمة وحصلت على الطلاق، وصدر كتاب عنها ونالت الشهرة؟ هذه هي احوالها الآن بعد مضي 5 سنوات، في بلد مازال يحتل ادنى المرتبات في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين.
البيت صغير ومظلم، على الارض الخرسانية وضع سطل ماء وعلى السقف سلك كهربائي من دون مصباح. من الظلمة اطلت علي نجود، ارتدت افضل ثوب لديها، واقتربت مني مبتسمة وقبلتني. نجود تبلغ الآن من العمر 13 عاما او 14، هي لا تعرف بالضبط.
لا أذهب إلى المدرسة
اصبت بالحيرة، ما هذا المكان المتواضع؟ لقد كنت اظن ان نجود اصبحت غنية، على الاقل وفقا للمعايير اليمنية. لقد صورتها وسائل الاعلام على انها فتاة سعيدة وتنتمي الى الطبقة المتوسطة، تذهب الى مدرسة خاصة وتريد ان تصبح محامية. لكن الغرفة التي نجلس فيها الآن مساحتها 4 امتار مربعة، وعلى الارض يوجد عدد من الأفرشة القذرة، وعلى الجدران يوجد ملصقان واحد لسيارة والآخر عليه آيات قرآنية.
تعيش نجود في غرفة مساحتها 4 امتار مربعة وبها عدد من الأفرشة القذرة
«انا لا اذهب الى المدرسة في الوقت الحالي، ربما العام المقبل» حملت جملتها هذه نوعا من الاعتذار. «لقد اضطررنا الى الفرار من هذه المنطقة خلال الحرب في عام 2011، عدنا الى قريتنا في منطقة حجة ومنذ ذلك الحين لم اذهب الى المدرسة». نجود كانت تعيش في «الحصبة» في صنعاء وهي احدى المناطق التي شهدت في ربيع عام 2011 قتالا عنيفا بين القوات الحكومية ورجال القبائل.
مطرودة من منزلها
هذا المنزل، كما يبدو، هو لاخيها «انا لا اعيش في بيتي لأن والدي يعيش هناك أيضا، وانا لا استطيع العيش معه». فهو كما تقول يضربها، وقامت زوجته الثالثة بطرد نجود من المنزل، الذي تعود ملكيته اصلا لنجود. البيت الذي تم شراؤه لها بمساعدة ناشر كتابها.
«والدي يحصل على راتب شهري، اظن انه من الناشر، لست متأكدة، يعطيني منه فقط 50 دولاراً في الشهر، واحيانا لا شيء». نجود لا تريد ان تذكر كم من المال يصل الى والدها، لا تريد الكلام عنه نهائيا. هي تدرك ايضا «انني جعلت من الممكن له ان يشتري المزيد من الزوجات».
«والدي يحصل على راتب شهري، اظن انه من الناشر، لست متأكدة، يعطيني منه فقط 50 دولاراً، واحيانا لا شيء»
نجود ليست غاضبة، بالنسبة لها هذه هي الحياة. هذا ما يحصل بكل بساطة ولا يمكنك ان تفعل شيئا حيال ذلك. «الاوضاع الآن افضل من السابق، بعد نشر الكتاب اصبح لدينا منزل، واغراض وطعام، كل هذه الاشياء لم تكن لدينا في السابق». كما انها لم تعد متزوجة من رجل اكبر منها سنا بكثير، رجل اغتصبها، ووالدته ضربتها.
لا منحة.. لا سفر
تبتسم لي من جديد، لكنني لا استطيع ان افعل مثلها، بسبب الافكار التي تجول في رأسي، إذ ان حياتها تحولت من سيئة جدا الى سيئة. الامر الذي لا اراه عادلاً. هذه الطفلة كان لديها حلم بان تصبح محامية، ان تسافر، او ان تحصل على منح دراسية. «مدير محطة تلفزيونية لبنانية اجرت مقابلة معي تحدث عن منحة دراسية لي، ولكن شيئا من هذا لم يحدث».
كما حصلت على جائزة للنساء الشجاعات، والحفل كان سيعقد في دبي. «ذهبت الى سفارة الامارات، لكنهم لم يمنحوني تأشيرة دخول». الامر نفسه حصل ايضا في السابق، في عام 2009 كان من المفترض ان تسافر نجود الى النمسا لتسلم جائزة. لكن السلطات اليمنية لم تسمح لها بالذهاب، لاعتقادهم ان قصة طفلة عروس بعمر التاسعة من الافضل ان لا تنتشر في العالم.
الزواج مجدداً؟ أبداً!!
وهم على حق بذلك، انها قصة لا يستطيع المرء ان يفخر بها. ولهذا السبب كان ينبغي ان يكون هناك قانون يمنع مثل هذه الزيجات، وينص على الحد الادنى لسن الزواج للفتيات والفتيان. لكن هذا لم يحصل، لان علماء الدين والاحزاب وقفوا ضد مثل هذا القانون. لغاية اليوم بمستطاع الآباء تزويج بناتهم بسن الثامنة او التاسعة، وبعضهم يقوم بذلك فعلاً. في عام 2012 كانت اليمن بالمرتبة الاخيرة اي 135 بين الدول في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين.
«حاول والدي الامر نفسه من جديد، واراد تزويج اختي، لكن اخي منعه من ذلك»
«لقد حاول والدي الامر نفسه من جديد، واراد تزويج اختي، لكن اخي منعه من ذلك». والد نجود لديه الاولاد ما لا يقل عن 16 من زوجاته الثلاث. تبتسم لي نجود من جديد ابتسامة حلوة، فتاة صغيرة جدا وهشة، لا استطيع ان اتخيل ان يتم تزويجها الآن، فكيف من قبل 5 سنوات. تلامس يدي وتطلب مني ان نأخذ صورة سوية، وتريني طلاء اظافرها الاسود.
«انا اعتني بطفل اخي، واقوم بتنظيف المنزل، واحيانا اذهب الى المنتزه». مازالت تأمل بالعودة الى المدرسة، لكن يبدو انها غير مقتنعة ان ذلك ممكن. وماذا عن الزواج، هل تريد ان تتزوج يوما ما؟ تجيب بكل قناعة «ابدا ابدا ابدا ابدا».
• حتى يوم نشر هذه المقالة لم يجب الناشر على سؤالنا لماذا يتم إعطاء المال الى والد نجود وليس لها هي، وما اذا كان هناك متابعة لوضعها.
*التقرير نقلاً عن إذاعة هولندا
البيت صغير ومظلم، على الارض الخرسانية وضع سطل ماء وعلى السقف سلك كهربائي من دون مصباح. من الظلمة اطلت علي نجود، ارتدت افضل ثوب لديها، واقتربت مني مبتسمة وقبلتني. نجود تبلغ الآن من العمر 13 عاما او 14، هي لا تعرف بالضبط.
لا أذهب إلى المدرسة
اصبت بالحيرة، ما هذا المكان المتواضع؟ لقد كنت اظن ان نجود اصبحت غنية، على الاقل وفقا للمعايير اليمنية. لقد صورتها وسائل الاعلام على انها فتاة سعيدة وتنتمي الى الطبقة المتوسطة، تذهب الى مدرسة خاصة وتريد ان تصبح محامية. لكن الغرفة التي نجلس فيها الآن مساحتها 4 امتار مربعة، وعلى الارض يوجد عدد من الأفرشة القذرة، وعلى الجدران يوجد ملصقان واحد لسيارة والآخر عليه آيات قرآنية.
تعيش نجود في غرفة مساحتها 4 امتار مربعة وبها عدد من الأفرشة القذرة
«انا لا اذهب الى المدرسة في الوقت الحالي، ربما العام المقبل» حملت جملتها هذه نوعا من الاعتذار. «لقد اضطررنا الى الفرار من هذه المنطقة خلال الحرب في عام 2011، عدنا الى قريتنا في منطقة حجة ومنذ ذلك الحين لم اذهب الى المدرسة». نجود كانت تعيش في «الحصبة» في صنعاء وهي احدى المناطق التي شهدت في ربيع عام 2011 قتالا عنيفا بين القوات الحكومية ورجال القبائل.
مطرودة من منزلها
هذا المنزل، كما يبدو، هو لاخيها «انا لا اعيش في بيتي لأن والدي يعيش هناك أيضا، وانا لا استطيع العيش معه». فهو كما تقول يضربها، وقامت زوجته الثالثة بطرد نجود من المنزل، الذي تعود ملكيته اصلا لنجود. البيت الذي تم شراؤه لها بمساعدة ناشر كتابها.
«والدي يحصل على راتب شهري، اظن انه من الناشر، لست متأكدة، يعطيني منه فقط 50 دولاراً في الشهر، واحيانا لا شيء». نجود لا تريد ان تذكر كم من المال يصل الى والدها، لا تريد الكلام عنه نهائيا. هي تدرك ايضا «انني جعلت من الممكن له ان يشتري المزيد من الزوجات».
«والدي يحصل على راتب شهري، اظن انه من الناشر، لست متأكدة، يعطيني منه فقط 50 دولاراً، واحيانا لا شيء»
نجود ليست غاضبة، بالنسبة لها هذه هي الحياة. هذا ما يحصل بكل بساطة ولا يمكنك ان تفعل شيئا حيال ذلك. «الاوضاع الآن افضل من السابق، بعد نشر الكتاب اصبح لدينا منزل، واغراض وطعام، كل هذه الاشياء لم تكن لدينا في السابق». كما انها لم تعد متزوجة من رجل اكبر منها سنا بكثير، رجل اغتصبها، ووالدته ضربتها.
لا منحة.. لا سفر
تبتسم لي من جديد، لكنني لا استطيع ان افعل مثلها، بسبب الافكار التي تجول في رأسي، إذ ان حياتها تحولت من سيئة جدا الى سيئة. الامر الذي لا اراه عادلاً. هذه الطفلة كان لديها حلم بان تصبح محامية، ان تسافر، او ان تحصل على منح دراسية. «مدير محطة تلفزيونية لبنانية اجرت مقابلة معي تحدث عن منحة دراسية لي، ولكن شيئا من هذا لم يحدث».
كما حصلت على جائزة للنساء الشجاعات، والحفل كان سيعقد في دبي. «ذهبت الى سفارة الامارات، لكنهم لم يمنحوني تأشيرة دخول». الامر نفسه حصل ايضا في السابق، في عام 2009 كان من المفترض ان تسافر نجود الى النمسا لتسلم جائزة. لكن السلطات اليمنية لم تسمح لها بالذهاب، لاعتقادهم ان قصة طفلة عروس بعمر التاسعة من الافضل ان لا تنتشر في العالم.
الزواج مجدداً؟ أبداً!!
وهم على حق بذلك، انها قصة لا يستطيع المرء ان يفخر بها. ولهذا السبب كان ينبغي ان يكون هناك قانون يمنع مثل هذه الزيجات، وينص على الحد الادنى لسن الزواج للفتيات والفتيان. لكن هذا لم يحصل، لان علماء الدين والاحزاب وقفوا ضد مثل هذا القانون. لغاية اليوم بمستطاع الآباء تزويج بناتهم بسن الثامنة او التاسعة، وبعضهم يقوم بذلك فعلاً. في عام 2012 كانت اليمن بالمرتبة الاخيرة اي 135 بين الدول في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين.
«حاول والدي الامر نفسه من جديد، واراد تزويج اختي، لكن اخي منعه من ذلك»
«لقد حاول والدي الامر نفسه من جديد، واراد تزويج اختي، لكن اخي منعه من ذلك». والد نجود لديه الاولاد ما لا يقل عن 16 من زوجاته الثلاث. تبتسم لي نجود من جديد ابتسامة حلوة، فتاة صغيرة جدا وهشة، لا استطيع ان اتخيل ان يتم تزويجها الآن، فكيف من قبل 5 سنوات. تلامس يدي وتطلب مني ان نأخذ صورة سوية، وتريني طلاء اظافرها الاسود.
«انا اعتني بطفل اخي، واقوم بتنظيف المنزل، واحيانا اذهب الى المنتزه». مازالت تأمل بالعودة الى المدرسة، لكن يبدو انها غير مقتنعة ان ذلك ممكن. وماذا عن الزواج، هل تريد ان تتزوج يوما ما؟ تجيب بكل قناعة «ابدا ابدا ابدا ابدا».
• حتى يوم نشر هذه المقالة لم يجب الناشر على سؤالنا لماذا يتم إعطاء المال الى والد نجود وليس لها هي، وما اذا كان هناك متابعة لوضعها.
*التقرير نقلاً عن إذاعة هولندا